في حضور النبي و علي و أولاده المعصومين عند المحتضر











في حضور النبي و علي و أولاده المعصومين عند المحتضر



1ـ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «و الذي نفسي بيده لا تفارق روح جسد صاحبها حتي يأکل من ثمار الجنة، أو من شجرة الزقوم، و حين يري ملک الموت يراني و يري عليا و فاطمة و حسنا و حسيناـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ فإن کان يحبنا قلت: يا ملک الموت! ارفق به إنه کان يحبني و يحب أهل بيتي، و إن کان يبغضنا قلت: يا ملک الموت! شدد عليه إنه کان يبغضني و يبغض أهل بيتي[1] .

2ـ عن الصادق عليه السلام، أنه قال: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، و من کره لقاء الله کره الله لقاءه، قال أصحابه: هلکنا يا ابن رسول الله، فإنا لا نحب الموت، فقال عليه السلام ذاک عند معاينة رسول الله و أميرالمؤمنين ـ صلوات الله عليهماـ، ما من ميت يموت إلا حضر عنده محمد و علي ـ صلوات الله عليهماـ فإذا رآهما المؤمن استبشر و سر، فيقوم النبي صلي الله عليه و آله و سلم لينصرف فيقول: إلي أين؟ و قد کنت أتمني أن أراکما، فقال صلي الله عليه و آله و سلم: أتحب أن ترافقنا؟ فيقول: نعم، فوصي به ملک الموت و يخبره أنه لهما محب، فهذا يحب لقاء الله و يحب الله لقاءه، و أما عدوهما فلا شي ء أکره و أبغض عليه من رؤيتهما، فيعرف الملک أنه عدو لهما، فهو يکره لقاء الله و الله يکره لقاءه».

قال المصنف: «و هذا الحديث يصرح بحضور محمد و علي ـ صلوات الله عليهماـ عند کل ميت و روية المؤمن لهما حقيقة، لا مجازا[2] .

3ـ عن مسمع بن عبد الملک کردين البصري، قال: «قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مسمع! أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟ قلت: لا، أنا رجل مشهور عند أهل البصرة و عندنا من يتبع هوي هذا الخليفة، و عدونا کثير من اهل القبائل من النصاب و غيرهم، و لست آمنهم أن يرفعوا حالي عند ولد سليمان فيمثلون بي، قال لي: أفما تذکر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي و الله، و أستعبر لذلک حتي يري أهلي أثر ذلک علي، فأمتنع من الطعام حتي يستبين ذلک في وجهي.

قال: رحم الله دمعتک، أما انک من الذين يعدون من أهل الجزع لنا، و الذين يفرحون لفرحنا، و يحزنون لحزننا، و يخافون لخوفنا، و يأمنون إذا أمنا.

أما إنک ستري عند موتک حضور ابائي لک و وصيتهم ملک الموت بک، و ما يلقونک به من البشارة أفضل، و لملک الموت أرق عليک و أشد رحمة لک من الام الشفيقة علي ولدها.

قال: ثم استعبر و استعبرت معه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا علي خلقه الرحمة، و خصنا أهل البيت. يا مسمع! إن الأرض و السماء لتبکي منذ قتل أميرالمؤمنين عليه السلام رحمة لنا، و ما بکي لنا من الملائکة أکثر، و ما رقأت دموع الملائکة منذ قتلنا، و ما بکي أحد رحمة لنا و لما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سالت دموعه علي خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتي لا يوجد لها حر، و إن الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلک الفرحة في قلبه حتي يرد علينا الحوض، و إن الکوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه حتي إنه ليذيقه من ضروب الطعام ـ الحديث[3] .

4ـ عن أبي الظبيان، قال: «کنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فقال: ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم؟ قلت: يقولون: في حواصل طيور خضر، فقال: سبحان الله! المؤمن أکرم علي الله من ذلک، إذا کان ذلک أتاه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام و معهم ملائکة الله عز و جل المقربون، فإن أنطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد، و للنبي صلي الله عليه و آله و سلم بالنبوة، و الولاية لأهل البيت شهد علي ذلک رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام و الملائکة المقربون معهم، و إن اعتقل لسانه خص الله نبيه صلي الله عليه و آله و سلم بعلم ما في قلبه من ذلک، فشهد به، و شهد علي شهادة النبي علي و فاطمة و الحسن و الحسين ـ علي جماعتهم من الله أفضل السلام ـ و من حضر معهم من الملائکة، فإذا قبضه الله إليه صير تلک الروح إلي الجنة في صورة کصورته، فيأکلون و يشربون، فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلک الصورة التي کانت في الدنيا[4] .

5ـ عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «ما يموت موال لنا و مبغض لأعدائنا إلا و يحضره رسول الله و أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ فيراهم و يبشرونه ـ الحديث[5] .

6ـ قال أميرالمؤمنين عليه السلام: «تمسکوا بما أمرکم الله به، فما بين أحدکم و بين أن يغتبط[6] و يري ما يحب إلا أن يحضره رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ما عند الله خير و أبقي ـ الحديث[7] .

7ـ عن ابن أبي يعفور، قال: «قال لي أبو عبد الله عليه السلام: قد استحييت مما اردد هذا الکلام عليکم: ما بين أحدکم و بين أن يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هذه ـ و أهوي بيده إلي حنجرته ـ يأتيه رسول الله و علي ـ صلوات الله عليهماـ يقولان له: أما ما کنت تخاف فقد آمنک الله منه، و ما کنت ترجو فأمامک[8] .

8ـ عن موسي بن جعفر عليهما السلام، قال ـ في اجتماع من الشيعة بنيشابورـ لعلي بن راشد: «أعرف أصحابک و أقرئهم عني السلام، و قل لهم: إني و من جري مجراي من أهل البيت لا بد من حضور جنائزکم في اي بلد کان و کنتم، فاتقوا الله في أنفسکم و أحسنوا الأعمال لتعينونا علي خلاصکم و فک رقابکم من النار[9] .

9ـ عن أبي حمزة الثمالي، قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يصنع بأحدنا عندالموت؟ قال: أما و الله، يا أبا حمزة! ما بين أحدکم، و بين أن يري مکانه من الله منا إلا أن يبلغ نفسه هيهناـ ثم أهوي بيده إلي نحره ـ، ألا ابشرک يا أبا حمزة؟ فقلت: بلي، جعلت فداک، فقال: إذا کان ذاک أتاه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و علي عليه السلام معه يقعد عند رأسه فقال له ـ إذا کان ذلک ـ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أما تعرفني؟ أنا رسول الله، هلم إلينا فما أمامک خير لک مما خلفت، أما ما کنت تخاف فقد أمنته، و أما ما کنت ترجو فقد هجمت عليه، أيتها الروح أخرجي إلي روح الله و رضوانه، و يقول له علي عليه السلام مثل قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

ثم قال: يا أبا حمزة! ألا اخبرک بذلک من کتاب الله؟ قول الله:/ الذين آمنوا و کانوا يتقون/ ـ الآية[10] .

10ـ عن الإمام العسکري عليه السلام: «إن المؤمن الموالي لمحمد و آله الطيبين، المتخذ لعلي بعد محمد إمامه الذي يحتذي مثاله، و سيده الذي يصدق أقواله و يصوب أفعاله، و يطيعه بطاعة من يندبه من أطائب ذريته لامور الدين و سياسته، إذا حضره من أمر الله تعالي ما لا يرد، و نزل به من قضائه ما لا يصد، و حضره ملک الموت و أعوانه، و جد عند رأسه محمدا رسول الله و من جانب آخر عليا سيد الوصيين، و عند رجليه من جانب الحسن سبط سيد النبيين، و من جانب آخر الحسين سيد الشهداء أجمعين، و حواليه بعدهم خيار خواصهم و محبيهم الذين هم سادة هذه الامة بعد ساداتهم من آل محمد، ينظر العليل المؤمن إليهم فيخاطبهم، بحيث يحجب الله صوته عن آذان حاضريه کما يحجب رؤيتنا أهل البيت و رؤية خواصنا عن أعينهم ليکون إيمانهم بذلک أعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم.

فيقول المؤمن: بأبي أنت و امي، يا رسول رب العزة، بأبي أنت و امي، يا وصي رسول رب الرحمة، بأبي أنتما و أمي، يا شبلي محمد و ضرغاميه، يا ولديه و سبطيه، يا سيدي شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة و الرضوان، مرحبا بکم معاشر خيار أصحاب محمد و علي و ولديهما، ما کان أعظم شوقي إليکم، و ما أشد سروري الآن بلقائکم، يا رسول الله! هذا ملک الموت قد حضرني، و لا أشک في جلالتي في صدره لمکانک و مکان أخيک.

فيقول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: کذلک هو، فأقبل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي ملک الموت، فيقول: يا ملک الموت! استوص بوصية الله في الإحسان إلي مولانا و خادمنا و محبنا و مؤثرنا، فيقول له ملک الموت: يا رسول الله! مره أن ينظر إلي ما أعد الله له في الجنان، فيقول له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لينظر إلي العلو، فينظر إلي ما لا يحيط به الألباب، و لا يأتي عليه العدد و الحساب، فيقول ملک الموت: کيف لا أرفق بمن ذلک ثوابه، و هذا محمد صلي الله عليه و آله و سلم و أعزته زواره؟ يا رسول الله! لو لا أن الله جعل الموت عقبة لا يصل إلي تلک الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه، و لکن لخادمک و محبک هذا اسوة بک و بسائر أنبياء الله و رسله و أوليائه الذين اذ يقوا الموت لحکم الله تعالي.

ثم يقول محمد صلي الله عليه و آله و سلم: يا ملک الموت! هاک أخانا قد سلمناه إليک، فاستوص به خيرا، ثم يرتفع هو و من معه إلي روض الجنان، و قد کشف من الغطاء و الحجاب لعين ذلک المؤمن العليل، فيراهم المؤمن هناک بعد ما کانوا حول فراشه، فيقول: يا ملک الموت! الوحي، الوحي[11] ، تناول روحي و لا تلبثني ههنا فلا صبر لي عن محمد و أعزته، و ألحقني بهم، فعند ذلک يتناول ملک الموت روحه فيسلها کما يسل الشعرة من الدقيق، و إن کنتم ترون أنه في شدة فليس هو في شدة بل هو في رخاء و لذة. فإذا ادخل قبره وجد جماعتنا هناک، و إذا جاءه منکر و نکير قال أحدهما للآخر: هذا محمد و علي و الحسن و الحسين و خيار صحابتهم بحضرة صاحبنا، فلنتصنع لهما[12] ، فيأتيان فيسلمان علي محمد سلاما مفردا، ثم يسلمان علي علي سلاما مفردا، ثم يسلمان علي الحسنين سلاما يجمعانهما فيه، ثم يسلمان علي سائر من معنا من أصحابنا، ثم يقولان: قد علمنا يا رسول الله، زيارتک في خاصتک لخادمک و مولاک ـ الحديث[13] .

11ـ عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، قال: حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: «منکم و الله، يقبل، و لکم و الله، يغفر، إنه ليس بين أحدکم و بين أن يغتبط و يري السرور و قرة العين إلا أن تبلغ نفسه ههناـ و أومأ بيده إلي حلقه ثم قال: ـ إنه إذا کان ذلک و احتضر حضره رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي و جبرئيل و ملک الموت عليهم السلام، فيدنو منه علي عليه السلام فيقول: يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم إن هذا کان يحبنا أهل البيت فاحبه، و يقول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا جبرئيل إن هذا کان يحب الله و رسوله و أهل بيت رسوله فأحبه، و يقول جبرئيل لملک الموت: إن هذا کان يحب الله و رسوله و أهل بيت رسوله فأحبه و ارفق به، فيدنو منه ملک الموت فيقول: يا عبد الله، أخذت فکاک رقبتک، أخذت أمان براءتک، تمسک بالعصمة الکبري في الحياة الدنيا.

قال: فيوفقه الله عز و جل، فيقول: نعم، فيقول: و ما ذاک؟ فيقول: ولاية علي بن أبي طالب، فيقول: صدقت، أما الذي کنت تحذره فقد آمنک الله عنه، و أما الذي کنت ترجوه فقد أدرکته، أبشر بالسلف الصالح مرافقة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة عليهما السلام ثم يسل نفسه سلا رفيقاـ الحديث[14] ـ علي بن عقبة، عن أبيه، قال: «دخلنا علي أبي عبد الله عليه السلام أنا و المعلي بن خنيس، فقال: يا عقبة! لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الذي أنتم عليه، و ما بين أحدکم و بين أن يري ما تقر به عينه إلا أن تبلغ نفسه هذه ـ و أومأ بيده إلي الوريد قال: ـ ثم اتکأ و غمز إلي المعلي أن سله، فقلت: يابن رسول الله! إذا بلغت نفسه هذه فأي شي ء يري؟ فردد عليه بضعة عشر مرة: أي شي ء يري؟ فقال في کلها: يري، لا يزيد عليها، ثم جلس في آخرها فقال: يا عقبة! قلت: لبيک و سعديک، فقال: أبيت إلا أن تعلم، فقلت: نعم، يابن رسول الله! إنما ديني مع دمي، فإذا ذهب دمي کان ذلک، و کيف لي بک يابن رسول الله کل ساعة؟ و بکيت، فرق لي فقال: يراهما و الله، قلت: بأبي أنت و امي، من هما؟ فقال: ذاک رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم و علي عليه السلام، يا عقبة! لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتي تراهما، قلت: فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلي الدنيا؟ قال: لا، بل يمضي أمامه، فقلت له: يقولان شيئا جعلت فداک؟ فقال: نعم، يدخلان جميعا علي المؤمن، فيجلس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عند رأسه و علي عليه السلام عند رجليه، فيکب عليه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيقول: يا ولي الله! أبشر، أنا رسول الله، إني خير لک مما تترک من الدنيا، ثم ينهض رسول الله فيقوم عليه علي ـ صلوات الله عليهماـ حتي يکب عليه فيقول: يا ولي الله أبشر، أنا علي بن أبي طالب الذي کنت تحبه، أما لأنفعنک.

ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: أما إن هذا في کتاب الله عز و جل، قلت: أين هذا جعلت فداک من کتاب الله؟ قال: في سورة يونس، قول الله تبارک و تعالي ههنا:/ الذين آمنوا و کانوا يتقون لهم البشري في الحياة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لکلمات الله ذلک هو الفوز العظيم/[15] .

أقول: قوله: «ديني مع دمي» المراد بالدم الحياة، أي لا أترک طلب الدين ما دمت حيا، و في الکافي «إنما ديني مع دينک» أي إنما يستقيم ديني إذا کان موافقا لدينک.

13ـ عن ام سلمةـ رضي الله عنهاـ، قالت: «قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام: يا علي! إن محبيک يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم و أنت هناک تشهدهم، و عند المسائلة في القبور و أنت هناک تلقنهم، و عند العرض علي الله و أنت هناک تعرفهم[16] .

14ـ عن ابن أبي يعفور، قال: «کان خطاب الجهني خليطا لنا و کان شديد النصب لآل محمد، و کان يصحب نجدة الحروري، قال: فدخلت عليه أعوده للخلطة و التقية فإذا هو مغمي عليه في حد الموت، فسمعته يقول: ما لي و لک يا علي، فأخبرت بذلک أبا عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام رآه و رب الکعبة، رآه و رب الکعبة، رآه و رب الکعبة[17] .

15ـ عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر، و عن جعفر عليهما السلام أنهما قالا: حرام علي روح أن تفارق جسدها حتي تري الخمسة: محمدا و عليا و فاطمة و حسنا و حسينا، بحيث تقر عينها أو تسخن عينها[18] .

16ـ عن سدير الصيرفي، قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداک يابن رسول الله، هل يکره المؤمن علي قبض روحه؟ قال: لا، و الله، إنه إذا أتاه ملک الموت بقبض روحه جزع لذلک، فيقول ملک الموت: يا ولي الله! لا تجزع فو الذي بعث محمدا لأنا أبر بک و أشفق عليک من الوالد الرحيم لو حضرک، افتح عينيک فانظر، قال: و يمثل[19] له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين و فاطمة الزهراء والحسن و الحسين و الأئمة من ذريتهم، فيقال له: هذا رسول الله و أميرالمؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السلام رفقاؤک.

قال: فيفتح عينه فينظر فينادي روحه مناد من قبل رب العزة، فيقول: «يا أيتها النفس المطمئنة )إلي محمد و أهل بيته( ارجعي إلي ربک راضية )بالولاية( مرضية )بالثواب( فادخلي في عبادي )يعني محمدا و أهل بيته( و ادخلي جنتي» فما شي ء أحب إليه من استلال روحه و اللحوق بالمنادي[20] .

17ـ عن الحکم بن عتيبة، قال: «بينا أنا مع أبي جعفر عليه السلام و البيت غاض بأهله إذ أقبل شيخ يتوکأ علي عنزة له[21] حتي وقف علي باب البيت، فقال: السلام عليک، يابن رسول الله و رحمة الله و برکاته، ثم سکت.

فقال أبو جعفر عليه السلام: و عليک السلام و رحمة الله و برکاته، ثم أقبل الشيخ بوجهه علي أهل البيت و قال: السلام عليکم، ثم سکت حتي أجابه القوم جميعا و ردوا عليه السلام، ثم أقبل بوجهه علي أبي جعفر عليه السلام، ثم قال: يابن رسول الله أدنني منک جعلني الله فداک، فو الله إني لأحبکم و احب من يحبکم، و و الله ما احبکم و احب من يحبکم لطمع في دنيا و )الله( إني لا بغض عدوکم و أبرأ منه، و و الله ما ابغضه و أبرأ منه لوتر[22] کان بيني و بينه، و الله إني لاحل حلالکم، و احرم حرامکم، و أنتظر أمرکم فهل ترجو لي جعلني الله فداک؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: إلي، إلي، حتي أقعده إلي جنبه، ثم قال: أيها الشيخ، إن أبي علي بن الحسين عليهما السلام أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه، فقال له أبي عليه السلام: إن تمت ترد علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين، و يثلج قلبک و يبرد فؤادک و تقر عينک و تستقبل بالروح و الريحان مع الکرام الکاتبين لو بلغت نفسک ههناـ و أهوي بيده إلي حلقه ـ و إن تعش تري ما يقر الله به عينک[23] و تکون معنا في السنام الأعلي[24] .

فقال الشيخ: کيف قلت، يا أبا جعفر؟ فأعاد عليه الکلام، فقال الشيخ: الله أکبر، يا أبا جعفر، إن أنا مت أرد علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ و تقر عيني و يثلج قلبي و يبرد فؤادي و أستقبل بالروح و الريحان مع الکرام الکاتبين لو قد بلغت نفسي إلي ههنا، و إن أعش اري ما يقر الله به عيني فأکون معکم في السنام الأعلي؟

ثم أقبل الشيخ ينتحب، ينشج هاهاها حتي لصق بالأرض، و أقبل أهل البيت ينتحبون و ينشجون لما يرون من حال الشيخ، و أقبل أبو جعفر، يمسح بأصبعة الدموع من حماليق عينيه[25] و ينفضها، ثم رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر عليه السلام: يابن رسول الله: ناولني يدک جعلني الله فداک، فناوله يده و قبلها و وضعها علي عينيه و خده، ثم حسر عن بطنه و صدره فوضع يده علي بطنه و صدره، ثم قام، فقال: السلام عليکم، و أقبل أبو جعفر عليه السلام ينظر في قفاه و هو مدبر، ثم أقبل بوجهه علي القوم، فقال: من أحب أن ينظر إلي رجل من أهل الجنة فلينظر إلي هذا، فقال الحکم بن عتيبة: لم أر مأتما قط يشبه ذلک المجلس[26] .

أقول: بعد ما لاحظت هذه الأخبار و الأحاديث التي هي قليلة من کثيرة فاعلم ـ وفقک الله ـ أن حضور النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين و الأئمة من ولده عليهم السلام عند المحتضر من عقائد الإمامية و خصائصهم، و قد ثبت ذلک عندهم بإجماع الأکابرو نقل المتواتر، و بإرسالهم إياه إرسال المسلمات بحيث لا يختلجه ريب و لا يعتريه وهم حتي صارت هذه المسألة عندهم کواحد من الضروريات في مذهبهم، و هم أخذوا هذا الإعتقاد من أهل البيت عليهم السلام، بل اعترف و أقر به بعض أعاظم العامة کابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة الذي يأتي کلامه عند نقل أقوال العلماء في ذلک إن شاء الله تعالي.

و الذي ـ جدير بالذکرـ هو أن الأخبار و الأحاديث التي شاهدتها في هذا الباب مختلفة في تعابيرها، يظهر من بعضها أنهم عليهم السلام يمثلون للمحتضر کقول الصادق عليه السلام: «و يمثل له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين عليه السلام و فاطمة الزهراء و الحسن و الحسين عليهم السلام»، و من بعضها أن المحتضر يراهم و يعرفهم کقول أميرالمؤمنين عليه السلام: يا حار! لتعرفني عند الممات، و عند الصراط، و عند الحوض، و عند المقاسمة»، و کذا قول الصادق و الباقر عليهما السلام: «حرام علي روح أن تفارق جسدها حتي تري الخمسة محمدا صلي الله عليه و آله و سلم و عليا و فاطمة و حسن و حسين عليهم السلام»، و کذا قول الصادق عليه السلام: «رآه و رب الکعبة» قاله ثلاثا.

و يظهر من أکثرها و جلها أنهم عليهم السلام يحضرون عند الميت بأنفسهم الشريفة و أشخاصهم العينية، و يبشرونه و يلقونه، و يجلسون عند رأسه و عند رجليه، و يعرفونه لجبرئيل عليه السلام کقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا علي! إن محبيک يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم و أنت هناک تشهدهم...»، و قول الصادق عليه السلام: «ما يموت موال لنا إلا و يحضره رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام»، و أيضا: «ما من ميت يموت إلا حضر عنده محمد صلي الله عليه و آله و سلم و علي عليه السلام»، و أيضا: «حضره رسول الله و علي عليهما السلام» و أيضا: «فيدنو منه علي فيقول: يا رسول الله! إن هذا کان يحبنا أهل البيت، فيقول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا جبرئيل! إن هذا يحبنا»، و أيضا: «يأتيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي عليه السلام يقولان له...».

أو کقول موسي بن جعفر عليهما السلام: «لا بد لنا من حضور جنائزکم في أي بلد کان وکنتم...» أو کقول أبي عبد الله عليه السلام: «إذا حيل بينه و بين الکلام أتاه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من شاء الله[27] ، فجلس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن يمينه، و الآخر عن يساره، فيقول له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أما ما کنت ترجو فهو ذا أمامک».

أقول: إن هذه الأخبار صريحة دالة علي حضورهم عند المحتضر و إن کانت کيفية حضورهم لنا مجهولة، فلا يلزم الفحص عنها لنا، فإن شئت زيادة توضيح فلا حظ کلمات أعاظم العلماء في ذلک:









  1. بشارة المصطفي، ص 6.
  2. کتاب المحتضر لحسن بن سليمان الحلي، ص 5، ط النجف..
  3. ابن قولويه: کامل الزيارات/ الباب 32: ص 101.
  4. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 229.
  5. النوري: دار السلام، ج 4: ص 286.
  6. الغبطة: حسن الحال.
  7. النوري: دار السلام، ج 4: ص 287.
  8. النوري: دار السلام، ج 4: ص 293.
  9. النوري: دار السلام، ج 4: صص 287 و 293.
  10. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 178.
  11. کلمة تقال في الاستعجال، و المعني: البدار البدار.
  12. فلنتضع ـ ظ، أي فلنتذلل و لنتخشع لهما.
  13. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 173.
  14. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 197.
  15. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 185.
  16. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 200.
  17. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 19.
  18. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 193.
  19. سيأتي معني التمثل في ختام البحث إن شاء الله تعالي.
  20. البحراني: البرهان، ج 4: ص 461.
  21. الغنزةـ بالتحريک ـ: أطول من العصا و أقصر من الرمح.
  22. الوترـ بالکسرـ الجناية.
  23. أي اما أن تموت في طاعة الله و طاعة الامام فترد علي رسول الله صلي الله عليه و آله أو تعيش الي أن تدرک ظهور امام منا.
  24. السنام الأعلي: اشرف مرتبة من المراتب الانسانية.
  25. حملاق العين: ـ بالکسر و الضم ـ باطن الاجفان.
  26. شرح الکافي للمولي صالح المازندراني، ج 11: ص 415.
  27. قال صاحب «الوافي»: «کني بمن شاء الله أميرالمؤمنين عليه السلام، و إنما لم يصرح به کتمانا علي المخالفين المنکرين.