كون الخليل من شيعة الامير











کون الخليل من شيعة الامير



قال الله تعالي:/ و إن من شيعته لإبراهيم/[1] قال القرطبي في تفسيره الکبير «الجامع لأحکام القرآن[2] : «قال الکلبي و الفراء: المعني: و إن من شيعة محمد صلي الله عليه و آله و سلم لأبراهيم. فالهاء في «شيعته» علي هذا لمحمد صلي الله عليه و آله و سلم، و علي الأول [أي علي قول ابن عباس و مجاهد] لنوح».

و قال الطبري في تفسير[3] : «و قد زعم بعض أهل العربية أن معني ذلک: و إن من شيعة محمد صلي الله عليه و آله و سلم لإبراهيم».

قال الفخر الرازي: «الضمير في قوله من «شيعته» إلي ماذا يعود؟ فيه قولان: الأول ـ و هو الأظهرـ إنه عائد إلي نوح عليه السلام. الثاني: قال الکلبي: المراد من شيعة محمد صلي الله عليه و آله و سلم لإبراهيم[4] .

قال الآلوسي: «و ذهب الفراء إلي أن ضمير «شيعته» لنبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم ـ إلي أن قال: ـ و قلما يقال للمتقدم هو شيعة المتأخر، و منه قول الکميت ـ )رحمه الله( ـ:


و مالي إلا آل أحمد شيعة
و ما لي إلا مشعب الحق مشعب[5] .


قال العلامة الطباطبائي:/ و إن من شيعته لإبراهيم، الشيعة هم القوم المشايعون لغيرهم الذاهبون علي أثرهم، و بالجملة کل من وافق غيره في طريقته فهو من شيعته، تقدم أو تأخر، قال تعالي:/ و حيل بينهم و بين ما يشتهون کما فعل بأشياعهم من قبل/.[6] .

أيها القاري ء الکريم! أنت بعد ما لاحظت أقوال المفسرين، و علمت آرائهم يحصل لک الإطمينان بأن الهاء في «شيعته» يمکن أن يعود إلي المتقدم أو المتأخر، أي إن المفسرين يجوزون أن يعود الضمير إلي نوح عليه السلام لأنه عليه السلام تقدم ذکره قبل إبراهيم عليه السلام أو إلي نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم فإذا جاز عود الضمير إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يجوز أن يعود إلي أخيه و وصيه و عيبة علمه الذي هو بمنزلة نفسه و روحه مع ورود دليل نقلي يؤيده عن طريق أهل البيت ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ، و إليک بعض نصوصها:

عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: «قوله عزوجل:/ و إن من شيعته لإبراهيم/ أي إبراهيم عليه السلام من شيعة علي عليه السلام[7] .

و سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام عن تفسير هذه الآية: «و إن من شيعته لابراهيم» فقال عليه السلام: «إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم عليه السلام کشف له عن بصره، فنظر فرأي نورا إلي جنب العرش فقال: إلهي! ما هذا النور؟ فقيل: هذا نور محمد صلي الله عليه و آله و سلم صفوتي من خلقي و رأي نورا إلي جنبه، فقال: إلهي! و ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني. و رأي إلي جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي! و ما هذه الأنوار؟ فقيل: هذه نور فاطمة فطمت محبيها من النار، و نور ولديها الحسن و الحسين. فقال: إلهي و أري تسعة أنوار قد حفوا بهم[8] قيل: يا إبراهيم! هؤلاء الأئمة من ولد علي و فاطمة، فقال إبراهيم: إلهي! بحق هؤلاء الخمسة إلا ما عرفتني من التسعة؟ فقيل: يا إبراهيم! أولهم علي بن الحسين، و ابنة محمد، و ابنة جعفر، و ابنة موسي، و ابنة علي، و ابنة محمد، و ابنة علي، و ابنة الحسن، و الحجة القائم إبنه ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ. فقال إبراهيم: إلهي و سيدي! أري أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلا أنت. قيل: يا إبراهيم! هؤلاء شيعتهم شيعة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فقال إبراهيم: و بما تعرف شيعته؟ فقال: بصلاة إحدي و خمسين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، و القنوت قبل الرکوع، و التختم في اليمين. فعند ذلک قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعة أميرالمؤمنين، قال: فأخبر الله في کتابه فقال:/ و إن من شيعته لإبراهيم/[9] .









  1. الصافات، 83.
  2. المصدر، ج 15: ص 91.
  3. الطبري: جامع البيان، ج 24: ص 68.
  4. الرازي: التفسير الکبير، ج 26: ص 146.
  5. الآلوسي: تفسير روح المعاني، ج: ص.
  6. الطباطبائي: الميزان، ج 17: ص 153. و الآية في سبأ، 54: 34.
  7. البحراني: البرهان، ج 4: ص 20.
  8. و في «تاويل الآيات» المخطوط لشرف الدين النجفي: «قد أحدقوا بهم.
  9. البحراني: البرهان، ج 4: ص 20.