تذييل











تذييل



1ـ قال شمس الفقاهة و الدين، الشهيد الثاني ـ رفع الله درجته ـ: «قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الأئمة عليه السلام من اصول الإيمان عند الطائفة من الأمامية کما هو معلوم من مذهبهم ضرورة، و صرح بنقله المحقق الطوسي رحمه الله عنهم فيما تقدم. و لا ريب أن الشي ء يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه کما نحن فيه، فيلزم الحکم بکفر من لم يتحقق له التصديق المذکور کافر و إن أقر بالشهادتين و أنه مناف أيضا للحکم بالسلام من لم يصدق بامامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام و أما الجواب فبالمنع من المنافاة بين الحکمين، و ذلک لأنا نحکم بأن من لم يتحقق له التصديق المذکور في نفس الأمر، و الحکم بإسلامه إنما هو الظاهر، فموضوع الحکمين مختلف فلا منافاة، ثم قال: المراد بالحکم بإسلامه ظاهرا صحة ترتب کثير من الأحکام الشرعية علي ذلک. و الحاصل، أن الشارع جعل الإقرار بالشهادتين علامة علي صحة إجراء أکثر الأحکام الشرعية علي المقر کحل مناکحته، و الحکم بطهارته و حقن دمه و ماله و غير ذلک من الأحکام المذکورة في کتب الفروع، و کأن الحکمة في ذلک هو التخفيف عن المؤمنين[1] .

2ـ عن شيخ الفقهاء و المحققين، الشيخ محمد حسن النجفي، صاحب الجواهر رحمه الله: «فلعل ما ورد في الأخبار الکثيرة من تکفير منکر علي عليه السلام لأنه العلم الذي نصبه الله بينه و بين عباده، و أنه باب من أبواب الجنة، من دخله کان مؤمنا، و من خرج منه کان کافرا، و تکفير منکر مطلق الإمام، و أن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، محمول علي إرادة الکافر في مقابل المؤمن ـ إلي أن قال: ـ نعم، هو بالمعني المزبور أخبث باطنا منه بغيره، بل أشد عقابا کما يشير إليه قول الصادق عليه السلام: «أهل الشام شر من أهل الروم، و أهل المدينة شر من أهل مکة، و أهل مکة يکفرون بالله جهرة، و أهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا[2] .

3ـ عن الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه الله: «و الحاصل، أن ثبوت الکفر لهم مما لا إشکال فيه ظاهرا کما عرفت من الأصحاب، و يدل عليه أخبار متواترة نذکر بعضها تيمنا و تشريفا للکتاب. ففي رواية أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «إن عليا باب فتحه الله، من دخله کان مؤمنا، و من خرج منه کان کافرا». و رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «طاعة علي ذل، و معصية کفر بالله. قيل: يا رسول الله! کيف کان طاعة علي ذلا، و معصية کفرا؟ قال صلي الله عليه و آله و سلم: علي يحملکم علي الحق، فإن أطعتموه ذللتم، و إن عصيتموه کفرتم بالله عزوجل». و في رواية إبراهيم بن أبي بکر قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول: «إن عليا عليه السلام باب من أبواب الهدي، فمن دخل في باب علي کان مؤمنا، و من خرج منه کان کافرا». و رواية الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «إن الله نصب عليا علما لله بين خلقه، فمن عرفه کان مؤمنا، و من أنکره کان کافرا».

و في رواية إبراهيم بن بکر عن أبي إبراهيم عليه السلام: «إن عليا باب من أبواب الجنة، فمن دخل بابه کان مؤمنا، و من خرج من بابه کان کافرا». و عن «المحاسن» بسنده إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال لحذيفة: «يا حذيفة! إن حجة الله بعدي عليک علي بن أبي طالب، الکفر به کفر بالله، و الشرک به شرک بالله، و الشک فيه شک في الله، و الإلحاد فيه إلحاد في الله، و الإنکار له إنکار لله، و الإيمان به إيمان بالله، لأنه أخو رسول الله و وصيه و إمام امته و مولاهم، و هو حبل الله المتين ـ الحديث» إلي غير ذلک مما لا يطيق مثلي الإحاطة بعشر معاشره و لا بقطرة من بحاره[3] .

4ـ قال العلامة المجلسي رحمه الله: «و يظهر من بعض الأخبار، بل من کثير منها أنهم في الدنياـ أيضاـ في حکم الکفار، لکن لما علم الله أن أئمة الجور و أتباعهم يستولون علي الشيعة و هم يبتلون بمعاشرتهم و لا يمکنهم الإجتناب عنهم و ترک معاشرتهم و مخالطتهم و مناکحتهم أجري الله عليهم حکم الأسلام توسعة، فإذا ظهر القائم عليه السلام يجري عليهم حکم سائر الکفار في جميع الأمور، و في الآخرة يدخلون النار ماکثين فيها أبدا مع الکفار. و به يجمع بين الأخبار کما أشار إليه المفيد و الشهيد الثاني ـ قدس الله روحهماـ[4] .

5ـ عن معلم الامة، الشيخ المفيد رحمه الله في «المقنعة»[5] : «و لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية و لا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلي ذلک من جهة التقية، فيغسله تغسيل أهل الخلاف، و لا يترک معه جريدة، فإذا صلي عليه لعنه في صلاته».

6ـ و قال الشيخ الطائفة الطوسي في شرح کلام معلم الامة الشيخ المفيد رحمه الله «فالوجه فيه أن المخالف لأهل الحق کافر، فيجب أن يکون حکمه حکم الکفار، إلا ما خرج بالدليل. و إذا کان غسل الکافر لا يجوز فيجب أن يکون غسل المخالف ـ أيضاـ غير جائز[6] .

7ـ عن الشيخ الأنصاري رحمه الله: «يجوز اغتياب المخالف کما يجوز لعنه، و توهم عموم الآية کبعض الرويات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم و عدم جريان أحکام الإسلام عليهم، إلا قليلا مما يتوقف استقامة نظم معاش المؤمنين عليه[7] .

8ـ و عن الإمام الخميني في شرح کلام الشيخ رحمه الله: «و الإنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها إختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق عليهم السلام ـ إلي أن قال: ـ فلا شبهة في عدم إحترامهم، بل هو من ضروري المذهب ـ کما قال المحققون ـ بل الناظر في الأخبار الکثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتکهم و الوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أکثروا في الطعن و اللعن عليهم و ذکر مساويهم. فعن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون و يقذفون من خالفهم، فقال: الکف عنهم أجمل، ثم قال: يا أبا حمزة! الناس کلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا» و الظاهر منها جواز القذف و الافتراء عليهم[8] .

9ـ و عنه ـ أيضاـ: «و أما الأخبار المشتملة علي الأخ لا تشملهم أيضا )اي کالأخبار المشتملة علي المؤمن( لعدم الأخوة بيننا و بينهم بعد وجوب البراءة عنهم، و عن مذهبهم، و عن أئمتهم کما تدل عليه الأخبار و اقتضته اصول المذهب، و ما اشتملت علي المسلم فالغالب منها مشتمل علي ما يوجبه ظاهرا في المؤمن[9] .

10ـ عن صاحب الجواهر رحمه الله: « )و أما لو کان الإمام ممن لا يقتدي به[10] لأنه مخالف )وجبت القراءة( في الصلاة خلفه تقيةـ کما صرح به جماعة من الأصحاب ـ بل لا أجد فيه خلافا بينهم کما اعترف به في «المنتهي» ـ إلي أن قال: ـ و خبر زرارة، عن الباقر عليه السلام سأله عن الصلاة خلف المخالفين، فقال عليه السلام: ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر. و لقول الصادق عليه السلام: «إذا صليت خلف إمام لا يقتدي به فاقرأ خلفه، سمعت قراءته، أو لم تسمع». و قول أبي الحسن عليه السلام في صحيح ابن يقطين: «اقرأ لنفسک و إن لم تسمع نفسک فلا بأس». إلي غير ذلک مما يستفاد منه الحکم المزبور منطوقا و مفهوما[11] .

11ـ و عنه رحمه الله ـ أيضاـ: «إن ظاهر النصوص و الفتاوي عدم وجوب إعادة هذه الصلاة )أي خلف المخالف( بعد مراعاة تلک الامور التي سمعتها من القراءة و غيرها و إن کان الوقت باقيا، بل و لو کان له مندوحة عن ذلک وفاقا لبعض و خلافا لآخر، لإطلاق المزبور )أي الأخبار التي تقول: صلوا خلف المخالف إن دعت إليه الضرورة( و الحث علي حضور جماعتهم و إدراک الصف الأول و المبالغة في فضلها، حتي إن في بعضها التشبيه بصلاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم )کما في الوسائل/ الباب 5، من أبواب صلاة الجماعة( و في آخر کسل السيف في سبيل الله )کما فيه أيضا( مع ظهور وجه الحکمة فيها من أنهم حتي يقولوا: رحم الله جعفرا ما أحسن ما کان يؤدب به أصحابه، و لما يحصل به من تأليف القلوب، و عدم الطعن علي المذهب و أهله، و دفع الضررـ إلي أن قال: ـ نعم، يظهر من بعض المعتبرة )کما في الوسائل/ الباب 6 من أبواب صلاة الجماعة( أن الأفضل الصلاة في المنزل ثم الصلاة معهم[12] .

12ـ عن المحقق الحلي رحمه الله في مستحق الزکاة: «و کذا لا يعطي غير الأمامي: و إن اتصف بالاسلام، و نعني به کل مخالف في اعتقادهم الخق کالخوارج و غيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الإيمان، و خالف جميع الجمهور في ذلک و اقتصروا علي اسم الإسلام. لنا إن الإيمان هو تصديق النبي صلي الله عليه و آله و سلم في کل ما جاء به، و الکفر جحود ذلک، فمن ليس بمؤمن فهو کافر، و ليس للکافر زکاةـ إلي أن قال ـ:

فرع: و إذا لم يوجد المؤمن هل يصرف إلي غيرهم؟ فيه قولان، أشبههما أن زکاة المال لا تدفع إلي غير أهل الولاية[13] .

أقول: الظاهر کون المراد بالمخالف. في خصوص هذه الأخبار أعم من الناصب المعاند للحق بعد وضوحه له، أعني مطلق المخالف لنا في المذهب و هم المنحرفون الناکبون عن الصراط، النواصب و غيرهم کما يأتي.









  1. المجلسي: بحار الأنوار، ج 8: ص 367 )نقلا عن رسالة «حقائق الإيمان» للشهيد الثاني رحمه الله(..
  2. النجفي: جواهر الکلام، ج 6: ص 60.
  3. الأنصاري: کتاب الطهارة/ النظر السادس في النجاسات، ص 329.
  4. المجلسي: بحار الانوار، ج 8: ص 369.
  5. المصدر، ص 13.
  6. الطوسي، محمد بن الحسن: تهذيب الاحکام، ج 1: ص 335، ط الآخوندي..
  7. الانصاري، الشيخ مرتضي: المکاسب، ص 40.
  8. الخميني، روح الله: المکاسب المحرمة/ مع تعاليق: الشيخ مجتبي الطهراني. ج 1: صص 252 و 250.
  9. المصدر..
  10. ما بين المعوقتين متن شرائع الاسلام للمحقق الحلي رحمه الله، کما لا يخفي.
  11. النجفي، الشيخ محمد حسن: جواهر الکلام، ج 13: صص 195 و 200.
  12. النجفي، الشيخ محمد حسن: جواهر الکلام، ج 13: صص 195 و 200.
  13. المحقق الحلي: المعتبر في شرح المختصر، ص 281.