الاستدراك











الاستدراک



عن الأصبغ بن نباتة قال: لما ضرب أميرالمؤمنين عليه السلام الضربة التي کانت وفاته فيها اجتمع إليه الناس بباب القصر، و کان يراد قتل ابن ملجم لعنه الله، فخرج الحسن عليه السلام فقال: معاشر الناس إن أبي أوصاني أن أترک أمره إلي وفاته، فإن کان له الوفاة و إلا نظر هو في حقه، فانصرفوا يرحمکم الله. قال: فانصرف الناس و لم أنصرف، فخرج ثانية و قال لي: يا أصبغ أما سمعت قولي عن قول أميرالمؤمنين؟ قلت: بلي و لکني رأيت حاله فأحبت أن أنظر إليه فأستمع منه حديثا، فاستأذن لي رحمک الله، فدخل و لم يلبث أن خرج، فقال لي: ادخل، فدخلت فإذا أميرالمؤمنين عليه السلام معصب بعصابة و قد علت صفرة وجهه علي تلک العصابة و إذا هو يرفع فخذا و يضع أخري من شدة الضربة و کثرة السم، فقال لي: يا أصبغ أما سمعت قول الحسن عن قولي؟ قلت: بلي يا أميرالمؤمنين و لکني رأيتک في حالة فأحببت النظر إليک و أن أسمع منک حديثا، فقال لي: اقعد فما أراک تسمع مني حديثا بعد يومک هذا، اعلم يا أصبغ أني أتيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عائدا کما جئت الساعة، فقال: يا أبا الحسن اخرج فناد في الناس الصلاة جامعة و اصعد المنبر و قم دون مقامي بمرقاة، و قل للناس: «ألا من عق والديه فلعنة الله عليه، ألا من أبق من مواليه فلعنة الله عليه، ألا من ظلم أجيرا أجرته فلعنة الله عليه». يا أصبغ ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقام من أقصي المسجد رجل فقال: يا أبا الحسن تکلمت بثلاث کلمات و أوجزتهن، فاشرحهن لنا، فلم أرد جوابا حتي أتيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقلت ما کان من الرجل، قال الأصبغ: ثم أخذ عليه السلام بيدي و قال: يا أصبغ ابسط يدک، فبسطت يدي، فتناول إصبعا من أصابع يدي و قال: يا أصبغ کذا تناول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم إصبعا من أصابع يدي کما تناولت إصبعا من أصابع يدک ثم قال: يا أبا الحسن ألا و إني و أنت أبوا هذه الامة فمن عقنا فلعنة الله عليه، ألا و إني و أنت موليا هذه الامة فعلي من أبق عنا لعنة الله، ألا و إني و أنت أجيرا هذه الامة فمن ظلمنا أجرتنا فلعنة الله عليه، ثم قال آمين، فقلت: آمين.

قال الأصبغ: ثم اغمي عليه، ثم أفاق فقال لي: أقاعد أنت يا أصبغ؟ قلت: نعم يا مولاي، قال: أزيدک حديثا آخر؟ قلت: نعم زادک الله من مزيدات الخير، قال: يا أصبغ لقيني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في بعض طرقات المدينة و أنا مغموم قد تبين الغم في وجهي، فقال لي: يا أبا الحسن أراک مغموما ألا احدثک بحديث لا تغتم بعده أبدا؟ قلت: نعم، قال: إذا کان يوم القيامة نصب الله منبرا يعلو منابر النبيين و الشهداء، ثم يأمرني الله أصعد فوقه، ثم يأمرک الله أن تصعد دوني بمرقاة، ثم يأمر الله ملکين فيجلسان دونک بمرقاة، فإذا استقللنا علي المنبر لا يبقي أحد من الأولين و الآخرين إلا حضر، فينادي الملک الذي دونک بمرقاة: معاشر الناس ألا من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا رضوان خازن الجنان، ألا إن الله بمنه و کرمه و فضله و جلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنة إلي محمد، و إن محمدا أمرني أن أدفعها إلي علي بن أبي طالب، فاشهدوا لي عليه، ثم يقوم ذلک الذي تحت ذلک الملک بمرقاة مناديا يسمع أهل الموقف: معاشر الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أنا مالک خازن النيران، ألا إن الله بمنه و فضله و کرمه و جلاله قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار إلي محمد، و إن محمدا قد أمرني أن أدفعا إلي علي بن أبي طالب فاشهدوا لي عليه، فآخذ مفاتيح الجنان و النيران، ثم قال: يا علي فتأخذ بحجزتي، و أهل بيتک يأخذون بحجزتک و شيعتک يأخذون بحجزة أهل بيتک، قال: فصفقت بکلتا يدي: و إلي الجنة يا رسول الله؟ قال: إي و رب الکعبة. قال الأصبغ: فلم أسمع من مولاي غير هذين الحديثين، ثم توفي صلوات الله عليه[1] .









  1. الروضة: 22 و 23. و لم نجده في الفضائل.