اروي بنت الحارث بن عبدالمطلب











اروي بنت الحارث بن عبدالمطلب



7ـ قال ابن عبد البر: «إن أروي بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت علي معاوية و هي عجوز کبيرة، فلما رآها معاوية قال: مرحبا بک و أهلا يا عمة! فکيف کنت بعدنا؟ فقالت: يا ابن أخي لقد کفرت يد النعمة، و أسأت لابن عمک فکيف کنت بعدنا؟ فقالت: يا ابن أخي لقد کفرت يد النعمة، و أسأت لابن عمک الصحبة، و تسميت بغير اسمک، و أخذت غير حقک من غير دين کان منک و لا من آبائک، و لا سابقة في الإسلام بعد أن کفرتم برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأتعس الله منکم الجدود، و أضرع الله منکم الخدود، و رد الحق إلي أهله و لو کره المشرکون، و کانت کلمتنا هي العليا، و نبينا صلي الله عليه و آله و سلم هو المنصور، فوليتم علينا بعده، تحتجون بقرابتکم من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و نحن أقرب إليه منکم و أولي بهذا الأمر، فکنا فيکم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، و کان علي بن أبي طالب ـ رحمه الله ـ بعد نبينا بمنزلة هارون من موسي، فغايتنا الجنة، و غايتکم النار.

فقال لها عمرو بن العاص: کفي أيتها العجوزة الضالة و اقصري عن قولک مع ذهاب عقلک إذ لا تجوز شهادتک وحدک.

فقال لها عمرو بن العاص: کفي أيتها العجوزة الضالة و اقصري عن قولک مع ذهاب عقلک إذ لا تجوز شهادتک وحدک.

فقالت له: و أنت يا ابن النباغة! تتکلم و امک کانت أشهر امرأة تغني بمکة و آخذهن لاجرة، اربع علي ظلعک، و اعن بشأن نفسک، فو الله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها، و لا کريم منصبها، و لقد ادعاک خمسة نفر من قريش کلهم يزعم أنه أبوک، فسئلت أمک عنهم فقالت: کلهم أتاني، فانظروا أشبههم به فألحقوه به، فغلب عليک شبه العاص بن وائل فلحقت به.

فقال مروان: کفي أيتها العجوز، و اقصدي لما جئت له، فقالت: و أنت ـ أيضا ـ يا ابن الزرقاء! تتکلم؟ ثم التفتت إلي معاوية فقالت: و الله، ما جرأ علي هؤلاء غيرک، و إن امک القائلة في قتل حمزة:


نحن جزيناکم بيوم بدر
و الحرب بعد الحرب ذات سعر


ما کان لي عن عتبة من صبر
فشکر وحشي علي دهري


حتي ترم أعظمي في قبري[1] .

و قال عمر رضا کحالة: «فقال معاوية لمروان و عمرو: ويلکما، أنتما عرضتماني لها، و أسمعتماني ما أکره، ثم قال لها: يا عمة! اقصدي قصد حاجتک، و دعي عنک أساطير النساء. قالت: تأمر لي بألفي دينار و ألفي دينار و ألفي دينار، قال: ما تصنعين يا عمة! بألفي دينار؟ قالت: أشتري بها عينا خر خارة في أرض خوارة تکون لولد الحارث بن عبد المطلب، قال: نعم، الموضع وضعتها، فما تصنعين بألفي دينار؟ قالت: أزوج بها فتيان عبد المطلب من أکفائهم، قال: نعم، الموضع وضعتها، فما تصنعين بألفي دينار؟ قالت: أستعين بها عسر المدينة، و زيارة بيت الله الحرام. قال: نعم، الموضع وضعتها، هي لک نعم و کرامة.

ثم قال: أما و الله، لو کان علي ما أمر لک بها، قالت: صدقت، إن عليا أدي الأمانة، و عمل بأمر الله، و أخذ به، و أنت ضيعت أمانتک، و خنت الله في ماله، فأعطيت مال الله من لا يستحقه، و قد فرض الله في کتابه الحقوق لأهلها و بينها فلم تأخذ بها، و دعانا علي إلي أخذ حقنا الذي فرض الله لنا، فشغل بحربک عن وضع الامور مواضعها، و ما سألتک مالک شيئا فتمن به إنما سألتک من حقنا، و لا نري اخذ شي ء غير حقنا، أتذکر عليا فض الله فاک و أجهد بلاغک؟ ثم علا بکاؤها و قالت:


ألا يا عين ويحک أسعدينا
ألا و ابکي أميرالمؤمنينا


رزينا خير من رکب المطايا
و فارسها و من رکب السفينا


و من لبس النعال أو احتذاها
و من قرأ المثاني و المئينا


إذ استقبلت وجه أبي حسين
رأيت البدر راع الناظرينا


و لا و الله لا أنسي عليا
و حسن صلاته في الراکعينا


أفي الشهر الحرام فجعتمونا
بخير الناس طرا أجمعينا


فأمر معاوية لها بستة آلاف دينار، و قال لها: يا عمة أنفقي هذه فيما تحبين... و في رواية قال لها: يا عمة! عفا الله عما سلف، يا خاله هات حاجتک، قالت: ما لي إليک حاجة، و خرجت عنه، فقال معاوية لأصحابه: و الله لو کلمها من في مجلسي جميعا لأجابت کل واحد بغير ما تجيب به الآخر، و إن نساء بني هاشم لأفصح من رجال غيرهم[2] .









  1. ابن عبد ربه: العقد الفريد، ج 1: ص 457. و التعس: الإنحطاط. و الجدود: الحظوظ. و أضرع: أذل. و ترم: تبلي.
  2. الکحالة: أعلام النساء، ج 1: ص 30.