ام الخير بنت الحريش الباقية











ام الخير بنت الحريش الباقية



6ـ قال عمر رضا کحالة: «من ربات الفصاحة و البلاغة، قدمت علي معاوية بن أبي سفيان بعد أن کتب إلي و اليه بالکوفة أن أوفد علي ام الخير بنت الحريش... فقال )معاوية لأصحابه(: أيکم حفظ کلام ام الخير؟ قال رجل من القوم: أنا أحفظه يا أميرالمؤمنين، و عليها برد زبيدي کثيف الحاشية و هي علي جمل أرمک و قد احيط حولها، و بيدها سوط منتشر الضفر، و هي کالفحل يهدر في شقشقة تقول: يا أيها الناس اتقوا ربکم إن زلزلة الساعة شي ء عظيم[1] ، إن الله قد أوضح الحق، و أبان الدليل، و نور السبيل، و رفع العلم، فلم يدعکم في عمياء مبهمة، و لا سوداء مدلهمة، فإلي أين تريدون رحمکم الله؟ أفرارا من الزحف؟ أم رغبة عن الإسلام؟ أم ارتدادا عن الحق؟ أما سمعتم الله عزوجل يقول: و لنبلونکم حتي نعلم المجاهدين منکم و الصابرين و نبلو أخبارکم[2] .

ثم رفعت رأسها إلي السماء و هي تقول: اللهم قد عيل الصبر، و ضعف اليقين، و انتشرت الرغبة، و بيدک يا رب أزمة القلوب، فاجمع الکلمة علي التقوي، و ألف القلوب علي الهدي، و رد الحق إلي أهله، هلمواـ رحمکم الله ـ إلي الإمام العادل، و الوصي الوفي، و الصديق الأکبر، إنها إحن بدرية، و أحقاد جاهلية، و ضغائن احدية، و ثب بها معاوية حين الغفلة ليدرک ثارت بني عبد شمس...

فإلي أن تريدون ـ رحمکم الله ـ عن ابن عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و زوج ابنته، و أبي ابنيه، خلق من طينته، و تضرع من نبعته، و خصه بسره، و جعله باب مدينته، و أعلم بحبه المسلمين، و أبان ببغضه المنافقين، فلم يزل يؤيده الله بمعونته، و يمضي علي سنن استقامته، لا يعرج لراحة اللذات، و هو مفلق الهام، و مکسر الأصنام، إذ صلي و الناس مشرکون، و أطاع و الناس مرتابون فلم يزل کذلک حتي قتل مبارزي بدر، و أفني أهل احد، و فرق جمع هوازن، فيالها وقايع زرعت في قلوب قوم نفاقا و ردة و شقاقا؟ و قد اجتهدت في القول و بالغت في النصيحة، و بالله التوفيق، و عليکم السلام، و رحمة الله و برکاته[3] .









  1. الحج، 1:22.
  2. محمد )ص(، 31:47.
  3. الکحالة: أعلام النساء، ج 1: ص 389.