سودة بنت عمارة بن الاشتر الهمدانية
شهر لفعل أبيک يا ابن عمارة و انصر عليا و الحسين و رهطه إن الإمام أخا النبي محمد فقد الجيوش و سر أمام لوائه قالت: إي و الله، ما مثلي من رغب عن الحق أو اعتذر بالکذب، قال لها: فما حملک علي ذلک؟ قالت: حب علي و اتباع الحق. قال: فو الله ما أري عليک من أثر علي شيئا. قالت: يا أميرالمؤمنين مات الرأس و بتر الذنب، فدع عنک تذکار ما قد نسي، و إعادة ما مضي، قال: هيهات ما مثل مقام أخيک ينسي و ما لقيت من قومک و أخيک. قالت: صدقت ـ و الله ـ يا أميرالمؤمنين! ما کان أخي خفي المقام ذليل المکان و لکن کما قالت الخنساء: و إن صخرا لتأتم الهداة به و بالله أسأل أميرالمؤمنين إعفائي مما استعفيت منه، قال: قد فعلت، فقولي ما حاجتک؟ قالت: يا أميرالمؤمنين! إنک أصحبت للناس سيدا، و لأمرهم متقلدا، و الله سائلک من أمرنا و ما افترض عليک من حقنا، و لا يزال يقوم علينا من ينوء بعزک، و يبطش بسلطانک، فيحصدنا حصد السنبل، و يدوسنا دوس البقر، و يسومنا الخسيسة و يسلبنا الجليلة، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلک. فقتل رجالي، و أخذ مالي، و لو لا الطاعة لکان فينا عز و منعة، فاما عزلته عنا فشکرناک، لا فعرفناک. فقال معاوية: أتهددني بقومک؟ لقد هممت أن أحملک من قتب أشرس فأردک إليه ينفذ فيک حکمه، فأطرقت تبکي، ثم أنشأت تقول: صلي الإله علي جسم تضمنه قبر قد حالف الحق لا يبغي به بدلا قال معاوية: و من ذلک؟ فقالت: علي بن أبي طالب، قال: و ما صنع بک حتي صار عندک کذلک؟ قالت: قدمت عليه في رجل و لاه صدقتنا، فکان بيني و بينه ما بين الغث و السمين، فأتيت عليا عليه السلام لأشکو إليه، فوجدته قائما يصلي، فلما نظر إلي انفتل من صلاته ثم قال لي برأفة و تعطف: ألک حاجة؟ فأخبرته الخبر، فبکي ثم قال: اللهم إنک أنت الشاهد علي و عليهم أني لم آمرهم بظلم خلقک، و لا بترک حقک. ثم أخرج من جيبه قطعة کهيئة طرف الجراب فکتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتکم بينة من ربکم فأوفوا الکيل و الميزان بالقسط و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لکم إن کنتم مؤمنين و ما أنا عليکم بحفيظ[1] إذا قرأت کتابي فاحتفظ بما في يديک من عملنا حتي يقدم عليک من يقبضه منک و السلام(. فعزله يا أميرالمؤمنين، ما خزمه بخزام، و لا ختمه بختام. فقال معاوية: اکتبوا لها بالانصاف لها و العدل عليها، فقالت: أ لي خاصة أم قومي، عامة؟ قال: و ما أنت و غيرک؟ قالت: هي ـ و الله ـ إذن الفحشاء و اللوم إن لم يکن عدلا شاملا، و إلا أنا کسائر قوي، قال: هيهات لمظکم ابن أبي طالب الجرأة، و غرکم قوله: فلو کنت بوابا علي باب جنة ثم قال: اکتبوا لها و لقومها بحاجتها[2] .
5ـ قال عمر رضا کحالة: «شاعرة من شواعر العرب، ذات فصاحة و بيان، و فدت علي معاوية بن أبي سفيان فاستأذنت عليه فأذن لها، فلما دخلت عليه سلمت، فقال لها: کيف أنت يا ابنة الأشتر: قالت: بخير، يا أميرالمؤمنين! قال لها: أنت القائلة لأخيک:
يوم الطعان و ملتقي الأقران
و اقصد لهند و ابنها بهوان
علم الهدي و منارة الإيمان
قدما بأبيض صارم و سنان
کأنه علم في رأسه نار
فأصبح فيه العدل مدفونا
فصار بالحق و الإيمان مقرونا
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام