بكارة الهلالية











بکارة الهلالية



3ـ قال عمر رضا کحالة: «کانت من نساء العرب الموصوفات بالشجاعة، و الإقدام، و الفصاحة، و الشعر، و النثر، و الخطابة، و کانت من أنصار علي بن أبي طالب في حرب صفين، فخطبت بها خطبا حماسية حضت بها القوم أن يخوضوا غمارات الحرب بدون خوف و لا وجل، و قد وفدت علي معاوية بن ابي سفيان بعد أن کبرت سنها و دق عظمها و معها خادمان لها و هي متکئة عليهما و بيدها عکاز، فسلمت علي معاوية بالخلافة فأحسن عليها الرد و أذن لها في الجلوس، و کان عنده مروان بن الحکم و عمرو بن العاص، فابتدأ مروان فقال: أما تعرف هذه يا أميرالمؤمنين؟ قال: و من هي؟ قال: هي التي کانت تعين علينا يوم صفين، و هي القائلة:


يا زيد دونک فاستشر من دارنا
سيفا حساما في التراب دفينا


کان مذخورا لکل عظيمة
فاليوم أبرزه الزمان مصونا


فقال عمرو بن العاص: و هي القائلة يا أميرالمؤمنين:


أتري ابن هند للخلافة مالکا
هيهات ذاک و ما أراد بعيد


منتک نفسک في الخلاء ضلالة
أغراک عمرو للشقا و سعيد


فارجع بأنکد طائر بنحوسها
لاقت عليا أسعد و سعود


فقال سعيد: يا أميرالمؤمنين و هي القائلة:


لقد کنت آمل أن أموت و لا أري
فوق المنابر من امية خاطبا


و الله، أخر مدتي فتطاولت
حتي رأيت من الزمان عجائبا


في کل يوم لا يزال خطيبهم
وسط الجموع لآلي أحمد عاتبا


ثم سکت القوم، فقالت بکارة: نبحتني کلابک يا أميرالمؤمنين! و اعتورتني، فقصر محجني، و کسر عجي، و غشي بصري، و أناـ و الله ـ قائلة ما قالوا، لا أدفع بتکذيب، فامض شأنک، فلا خير في العيش بعد أميرالمؤمنين. قال معاوية: إنه لا يضعک شي ء فاذکري حاجتک تقضي، فقضي حوائجها و ردها إلي بلدها[1] .









  1. الکحالة: أعلام النساء، ج 1: ص 137، ابن عبد ربه العقد الفريد، ج 1: ص 346. و المحجن: العصا: المعوجة. و العج: رفع الصوت.