بعد شهادته











بعد شهادته



و من أعظم مصائبه عليه السلام و أشد مظلوميته أنه صارت المنابر في الشرق و الغرب طيلة أربعين سنة بل أکثر محلا لشتمه، و موقفا للعنه و سبه و معرضا للوقيعة فيه و إهانته.

43ـ قال الحموي في معجمه في کلمة «سجستان»: «لعن علي بن أبي طالب «رضي الله عنه» علي منابر الشرق و الغرب، و لم يلعن علي منبرها إلا مرة، و امتنعوا علي بني أمية حتي زادوا في عهدهم أن لا يلعن علي منبرهم أحدـ إلي أن قال: ـ و أي شرف أعظم من امتناعهم[1] من لعن أخي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي منبرهم و هو يلعن منابر الحرمين مکة و المدينة و لنعم ما أجاد الخفاجي:


أعلي المنابر تعلنون بسبه
و بسيفه نصبت لکم أعوادها[2] .


44ـ قال العلامة الأميني رحمه الله: «و قد صارت )اللعن و السب( سنة جارية، و دعمت في أيام الامويين سبعون ألف منبر يلعن فيها أميرالمؤمنين و اتخذوا ذلک کعقيدة راسخة أو فريضة ثابتة أو سنة متبعة يرغب فيها بکل شوق[3] ـ قال ابن أبي الحديد: «إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال لمعاوية: لتتخذن يا معاوية، البدعة سنة، و القبيح حسنا، أکلک کثير، و ظلمک عظيم[4] .

46ـ و قال عليه السلام: «أما إنه سيظهر عليکم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأکل ما يجد، و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تقتلوه، ألا إنه سيأمرکم بسبي و البراءة مني، فأما السب فسبوني فإنه لي زکاة و لکم نجاة، و أما البراءة فلا تتبرؤوا مني فإني ولدت علي الفطرة و سبقت إلي الإيمان و الهجرة[5] .

47ـ قال ابن أبي الحديد: «إن معاوية أمر الناس بالعراق و الشام و غيرهما بسب علي عليه السلام و البراءة منه، و خطب بذلک علي منابر الاسلام، و صار ذلک سنة في أيام بني أمية إلي أن قام عمر بن عبد العزيزـ رضي الله عنه ـ فأزاله.

ذکر شيخنا أبو عثمان الجاحظ: إن معاوية کان يقول في آخر خطبة الجمعة: «اللهم إن أبا تراب ألحد في دينک، و صد عن سبيلک، فالعنه لعنا و بيلا، و عذبه عذابا أليما»، و کتب بذلک إلي الآفاق، فکانت هذه الکلمات يشاربها علي المنابر إلي خلافة عمر بن عبد العزيز.

و ذکر أبو عثمان ـ أيضا: أن هشام بن عبد الملک لما حج خطب بالموسم فقام إليه إنسان فقال: يا أميرالمؤمنين! إن هذا يوم کانت الخلفاء تستحب فيه لعن أبي تراب، فقال: اکفف فما لهذا جئنا.

و ذکر المبرد في الکامل: أن خالد بن عبد الله القسري لما کان أمير العراق في خلافة هشام کان يلعن عليا عليه السلام علي المنبر فيقول: «اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هشام صهر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي ابنته و أبا الحسن و الحسين، ثم يقبل علي الناس فيقول هل کنيت؟ و روي أبو عثمان ـ أيضا: إن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية: يا أميرالمؤمنين إنک قد بلغت ما أملت فلو کففت عن لعن هذا الرجل! فقال: لا و الله، حتي يربو عليه الصغير، و يهرم عليه الکبير، و لا يذکر له ذاکر فضلا...

و روي أهل السيرة أن الوليد بن عبد الملک في خلافته ذکر عليا عليه السلام فقال: «لعنه الله )بالجر( کان لص ابن لص»، فعجب الناس من لحنه فيما لا يلحن فيه أحد و من نسبته عليا عليه السلام إلي اللصوصية و قالوا: ما ندري أيهما أعجب؟! و کان الوليد لحانا.

و أمر المغيرة بن شعبةـ و هو يومئذ أمير الکوفة من قبل معاويةـ حجر ابن عدي أن يقوم في الناس فيلعن عليا عليه السلام، فأبي ذلک، فتوعده، فقام فقال: أيها الناس إن أميرکم أمرني أن ألعن عليا، فالعنوه. فقال أهل الکوفة: لعنه الله، و أعاد الضمير إلي المغيرة بالنية و القصد....

و کان الحجاج ـ لعنه الله ـ يلعن عليا عليه السلام و يأمر بلعنه، و قال له متعرض به يوما و هو راکب: أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا فغير اسمي وصلني بما اتبلغ به فإني فقير، فقال للطيف ما توصلت به قد سميتک کذا و وليتک العمل الفلاني فاشخص إليه.

و روي ابن الکلبي عن أبيه، عن عبد الرحمن بن السائب، قال: قال الحجاج يوما لعبد الله بن هاني ءـ و هو رجل من بني أودـ حي من قحطان ـ و کان شريفا في قومه قد شهد مع الحجاج مشاهده کلها و کان من أنصاره و شيعته ـ: و الله، ما کافأتک بعد، ثم أرسل إلي أسماء بن خارجة سيد بني فزارة أن زوج عبد الله بن هاني ء بابنتک، فقال: لا، و الله، و لا کرامة، فدعا بالسياط، فلما رأي الشر قال: نعم أزوجه، ثم بعث إلي سعيد بن قيس الهمداني رئيس اليامية زوج بنتک من عبد الله بن أود، فقال: و من أود؟ لا و الله لا أزوجه و لا کرامة، فقال: علي بالسيف، فقال: دعني اشاور أهلي، فشاورهم فقالوا: زوجه و لا تعرض نفسک لهذا الفاسق، فزوجه.

فقال الحجاج لعبد الله: قد زوجتک بنت سيد فزارة و بنت سيد همدان و عظيم کهلان و ما أود هناک، فقال: لا تقل ـ اصلح الله الأميرـ ذاک، فإن لنا مناقب ليست لاحد من العرب، قال: و ماهي؟ ما سب أميرالمؤمنين عبد الملک في ناد لنا قط. قال: منقبة و الله، قال: و شهد منا صفين مع أميرالمؤمنين معاوية سبعون رجلا، ما شهد منا مع أبي تراب إلا رجل واحد و کان و الله ما علمته امرء سوء، قال: منقبة و الله، قال: و منا نسوة نذرن إن قتل الحسين بن علي أن تنحر کل واحدة عشر قلائص، ففعلن، قال: منقبة و الله، قال: و ما منا رجل عرض عليه شتم أبي تراب و لعنه إلا فعل و زاد ابنيه حسنا و حسينا و أمهما فاطمة، قال: منقبة و الله[6] .

48ـ قال العلامة الکراجکي: «في أرض الشام بنو سراويل، و بنو السرج، و بنو سنان، و بنو الملحي، و بنو المکبري، و بنو الطشتي، و بنو القضيبي، و بنو الدرجا. و أما بنو السراويل فأولاد الذي سلب سرابيل الحسين عليه السلام، و أما بنو السرج فأولاد الذين أسرجت خيله لدوس جسد الحسين عليه السلام. و وصل بعض هذه الخيل إلي مصر فقلعت نعالها من حوافرها و سمرت علي أبواب الدور ليتبرک بها، و جرت بذلک السنة عندهم حتي صاروا يتعمدون عمل نظيرها علي أبواب دور أکثرهم، و أما بنو سنان فأولاد الذي حمل الرمح الذي علي سنانه رأس الحسين عليه السلام، و اما بنو المکبري فأولاد الذي کان يکبر خلف رأس الحسين عليه السلام، و في ذلک يقول الشاعر:


و يکبرون بأن قتلت و إنما
قتلوابک التکبير و التهليلا


و أما بنو الطشتي فأولاد الذي حمل الطشت الذي ترک فيه رأس الحسين عليه السلام و هو بدمشق مع بني الملحي، و أما بنو القضيبي فأولاد الذي أحضر القضيب إلي يزيدـ لعنه الله ـ لنکت ثنايا الحسين عليه السلام، و أما بنو الدرجا فأولاد الذي ترک الرأس في درج جيرون[7] .

49ـ قال المحدث القمي رحمه الله: «عن أبي جعفر عليه السلام قال: جددت أربعة مساجد بالکوفة فرحا لقتل الحسين عليه السلام: مسجد الأشعث، و مسجد جرير، و مسجد سماک، و مسجد شبث بن ربعي ـ لعنهم الله ـ[8] .

50ـ قال العارف الصمداني، المولي عبد الصمد الهمداني رحمه الله: «لما آل نوبة الإمارة إلي عمر بن عبد العزيز تفکر في معاوية و أولاده و لعنه عليا عليه السلام و قتل أولاده من غير استحقاق، فلما أصبح أحضر الوزراء فقال: رأيت البارحة أن هلاک آل أبي سفيان بمخالفتهم العترة، و خاطر ببالي أن أرفع لعنهم، و قال وزراؤه: الرأي رأي الأمير، فلما صعد المنبر يوم الجمعة قام إليه ذمي متمول، و استنکح منه بنته، قال عمر: إنک عندنا کافر، لا تحل بناتنا للکافر، فقال الذمي: فلم زوج نبيکم بنته فاطمة من الکفر علي بن أبي طالب؟ فصاح عليه عمر فقال: من يقول إن عليا کافر؟ فقال الذمي: إن لم يکن علي کافرا فلم تلعنونه؟ فتخجل عمر و نزل، و کتب إلي قاضي بلاد الإسلام: إن أميرالمؤمنين عمر بن عبد العزيز رفع لعن علي عليه السلام لأن ذلک کان بدعة و ضلالة و أمر القواد خمسمائة من شجعان حتي لبسوا السلاح تحت ثيابهم في جمعة اخري و صعد المنبر، و کان عادتهم لعنه عليه السلام آخر الخطبة، فلما خرج من الخطبة قال:/ إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربي )حقه( و ينهي عن الفحشاء و المنکر و البغي يعظکم لعلکم تذکرون/[9] مقام اللعن و نزل، و صاح القوم من جوانب المسجد: کفر أميرالمؤمنين، و حملوا عليه ليقتلوه، فنادي القواد فصاح بهم حتي أظهروا الأسلحة و خلصوه من أيديهم و التجا بإغاثة القواد إلي قصره، فصارت قراءة هذه الآية سنة في آخر الخطبة، و تفرق الناس قائلين: غيرت السنة، و ابدلت السنة» ـ الخ[10] .

51ـ قال الرضي أبو الحسن ـ رحمه الله ـ:


يا ابن عبد العزيز لو بکت العين
فتي من أمية لبکيتک


غير أني أقول إنک قد طبت
و إن لم يطب و لم يزک بيتک


أنت نزهتنا عن السب و القذ
ف فلو أمکن الجزاء جزيتک


و لو أني رأيت قبرک لاستح
ييت من أن أري و ما حييتک


و عجيب أني قليت بني مر
و ان طرا و أنني ما قليتک


دير سمعان لا أغبک غيث
خير ميت من آل مروان ميتک[11] .


52ـ قال المسعودي: «ذکر بعض الأخباريين أنه قال لرجل من أهل الشام من زعمائهم و أهل الرأي و العقل منهم: من أبو تراب )هذا( الذي يلعنه الإمام علي المنبر؟ قال: أراه لصا من لصوص الفتن[12] .

53ـ قال نصر بن مزاحم: «خرج عليهم )أي علي أصحاب علي عليه السلام( فتي شاب يقول:


أنا ابن أرباب الملوک غسان
و الدائن اليوم بدين غسان


أنبأنا أقوامنا بما کان
أن عليا قتل ابن عفان


ثم شد، فلا ينثني يضرب بسيفه، ثم )جعل( يلعن )عليا و يشتمه و يسهب في ذمه، فقال له هاشم بن عتبة: إن هذا الکلام؟؟؟ بعده الخصام، و إن هذا القتال بعده الحساب، فاتق الله فإنک راجع إلي ربک فسائلک عن هذا الموقف و ما أردت به، قال: فإني أقاتلکم لأن صاحبکم لا يصلي کما ذکر لي، و أنکم لا تصلون، و اقاتلکم أن صاحبکم قتل خليفتنا، و أنتم و ازرتموه علي قتله[13] .

54ـ قال ابن أبي الحديد: «لما استوثق الأمر لأبي العباس السفاح و فد إليه عشرة من امراء الشام فحلفوا له بالله و بطلاق نسائهم و بأيمان البيعة بأنهم لا يعلمون ـ إلي أن قتل مروان ـ أن لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أهلا و لا قرابة إلا بني أمية».

و روي أبو الحسن المدائني قال: حدثني رجل قال: کنت بالشام فجعلت لا أسمع أحدا يسمي أحدا أو يناديه يا علي أو يا حسن أو يا حسين، و إنما أسمع معاوية و الوليد و يزيد، حتي مررت برجل فاستقيته ماء فجعل ينادي: يا علي يا حسن يا حسين، فقلت: يا هذا إن أهل الشام لا يسمون بهذه الأسماء! قال: صدقت، إنهم يسمون ابنائهم بأسماء الخلفاء، فإذا لعن أحدهم ولده أو شتمه فقد لعن اسم بعض الخلفاء، و أنا سميت أولادي بأسماء أعداء الله، فإذا شتمت أحدهم أو لعنته فإنما ألعن أعداء الله[14] .

55ـ و قال ـ أيضا: «فأما عمر بن عبد العزيزـ رضي الله عنه ـ فإنه قال: کنت غلاما أقرأ القرآن علي بعض ولد عتبة بن مسعود، فمر بي يوما و أنا ألعب مع الصبيان و نحن نلعن عليا، فکره ذلک و دخل المسجد، فترکت الصبيان و جئت إليه لأدرس عليه وردي، فلما رآني قام فصلي و أطال في الصلاة شبه المعرض عني، حتي أحسست منه بذلک، فلما انتقل من صلاته کلح في وجهي، فقلت له: ما بال الشيخ؟ فقال لي: يا بني! أنت اللاعن عليا منذ اليوم؟ قلت: نعم، قال: فمتي علمت أن الله سخط علي أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟ فقلت: يا أبت و هل کان علي من أهل بدر؟ فقال: ويحک و هل کانت بدر کلها إلا له؟ فقلت: لا أعود، فقال: الله إنک لا تعود؟ قلت: نعم، فلم ألعنه بعدها.

ثم قال عمر: کنت أحضر تحت منبر المدينة و أبي يخطب يوم الجمعة و هو حينذ أمير المدينة، فکنت أسمع أبي يمر في خطبته تهدر شقاشقه حتي يأتي إلي لعن علي عليه السلام فيجمجم و يعرض له من الفهاهة و الحصر ما الله عالم به، فکنت أعجب من ذلک، فقلت له يوما: يا أبت أنت أفصح الناس و أخطبهم، فما بالي أراک أفصح خطيب يوم حفلک، حتي إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألکن عييا؟ فقال: يا بني إن من تري تحت منبرنا من أهل الشام و غيرهم لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوک لم يتبعنا منهم أحد! فوقرت کلمته في صدري مع ما کان قاله لي معلمي أيام صغري، فأعطيت الله عهدا لئن کان لي في هذا الأمر نصيب لا غيرنه، فلما من الله علي بالخلافة أسقطت ذلک و جعلت مکانه إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربي و ينهي عن الفحشاء و المنکر و البغي يعظکم لعلکم تذکرون، و کتبت به إلي الآفاق فصار سنة[15] .

56ـ قال في «تجارب السلف» ما هذا معربه: «و حلف سبعون نفرا من مشايخ دمشق بالطلاق و العتاق و الحج أنا لا نعرف نبيا غير يزيد، ثم اعتذروا عن زين العابدين عليه السلام و تضرعوا، فعفا عليه السلام عنهم جميعا[16] .

57ـ قال الشيخ المفيد رحمه الله: «لما بلغ عائشة نزول أميرالمؤمنين عليه السلام بذي قار کتبت إلي حفصة بنت عمر: «أما بعد فلما نزلنا البصرة و نزل علي بذي قار، و الله داق عنقه کدق البيضة علي الصفا، إنه بمنزلة الأشقر إن تقدم نحر، و إن تأخر عقر». فلما وصل الکتاب إلي حفصة استبشرت بذلک و دعت صبيان بني تيم و عدي، و أعطت جواريها دفوفا و أمرتهن أن يضربن بالدفوف و يقلن: «ما الخبر؟

ما الخبر؟ علي کالأشقر بذي قار، إن تقدم نحر، و إن تأخر عقر».

فلبغ أم سلمةـ رضي الله عنهاـ اجتماع النسوة علي ما اجتمعن عليه من سب أميرالمؤمنين و المسرة بالکتاب الوارد عليهن من عائشة، فبکت و قالت: أعطوني ثيابي حتي أخرج إليهن و أوقع بهم، فقالت أم کلثوم بنت أميرالمؤمنين عليه السلام: أنا أنوب عنک فإنني أعرف منک، فلبست ثيابها و تنکرت و تخفرت و استصحبت جواريها متخفرات و جاءت حتي دخلت عليهن کأنها من النظارة، فلما رأت إلي ماهن فيه من العبث و السفه کشفت نقابها و أبرزت لهن وجهها ثم قالت لحفصة: إن تظاهرت أنت و اختک علي أميرالمؤمنين عليه السلام فقد تظاهر تما علي أخيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من قبل فأنزل الله عزوجل فيکما ما أنزل، و الله من وراء حربکما. و أظهرت حفصة خجلا و قالت: إنهن فعلن هذا بجهل، و فرقتهن في الحال[17] .

أقول: و کفي في مظلوميته عليه السلام وصيته بإخفاء قبره عن المسلمين حذرا من أن يهتک الخوارج ـ عليهم لعائن الله ـ حرمته مع کونه عليه السلام أميرالمؤمنين، و سيد المسلمين، و أولهم و أقدمهم إيمانا، و لا يزال مخفيا إلي زمان هارون العباسي، و القصة مشهورة.

59ـ و لنختم هذا الفضل بنقل خبر يکشف عن آثار الذب عن حريمهم عليهما السلام و نصرتهم في مظلوميتهم. قال العلامة المجلسي رحمه الله: «عن أبي الحسن داود البکري قال: سمعت علي بن دعبل بن علي الخزاعي يقول: «لما حضر أبي الوفاة تغير لونه، و انعقد لسانه، و اسود وجهه، فکدت الرجوع عن مذهبه، فرأيته بعد ثلاث في ما يري النائم و عليه ثياب بيض و قلنسوة بيضاء، فقلت له: يا أبه ما فعل الله بک؟ فقال: يا بني! إن الذي رأيته من اسوداد وجهي و انعقاد لساني کان من شربي الخمرفي دار الدنيا، و لم أزل کذلک حتي لقيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و عليه ثياب بيض و قلنسوة بيضاء فقال لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم، يا رسول الله! قال: فأنشدني قولک في أولادي، فأنشدته قولي:

لا أضحک الله سن الدهر إن ضحکت

)يوما( و آل أحمد مظلومون قد قهروا مشردون نفوا عن عقر دارهم

کأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر

قال: فقال لي: أحسنت، و شفع في، و أعطاني ثيابه، و ها هي، و أشار إلي ثياب بدنه[18] .









  1. الحموي: معجم البلدان، ج 3: ص 191.
  2. القمي: الکني و الالقاب، ج 2: ص 217.
  3. الاميني: الغدير، ج 10: ص 266.
  4. ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 4: ص 79.
  5. السيد الرضي: نهج البلاغة، خ 57. و مندحق البطن: بارزها. و رحب اللعوم: واسعه.
  6. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 4: ص 56ـ61.
  7. الکواجکي: کنز الفوائد، ص 350.
  8. القمي: سفينة البحار، ج 1: ص 602، «سجد».
  9. النحل، 90:16.
  10. الهمداني: بحر المعارف، ص 137.
  11. ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 47 ص 60 و دير سمعان ـ بکسر السين و فتحهاـ دير بنواحي دمشق عنده قبر عمر بن عبد العزيز.
  12. المسعودي: مروج الذهب، ج 3: ص 42.
  13. نصر بن مزاحم: وقعة الصفين، ص 354.
  14. ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 7: ص 159.
  15. ابن ابي الحديد: شرح النهج، ج 4: ص 58.
  16. تجارب السلف، ص 69.
  17. المفيد الجمل، ص 149

    و نقل هذه القصة مع تفاوت يسير ابن أبي الحديد في شرحه )ج 14: ص 13( و المحدث القمي رحمه الله في «سفينة البحار» )ج 1: ص 285( و أحمد زکي صفوت في «جمهرة الرسائل» )ج 1: ص 377(.

  18. المجلسي: بحار الأنوار، ج 49: ص 241.