اقوال علماء العامة في الحقيقة المحمدية











اقوال علماء العامة في الحقيقة المحمدية



1ـ قال العلامة الشيخ سليمان الحنفي الشافعي في خطبة کتابه ينابيع المودة )ص 1(: «و هو الذي خلق أولا من نور ذاته الأقدس الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و سلم التي هي جامعة للعوالم الغيبيه و الشهودية، و محيطة بالمقامات الملکوتية و الجبروتية، و جعل محمدا صلي الله عليه و آله و سلم خير خلقه، و مبدء العوالم في إيجاده ـ و ساق الخطبة إلي أن قال ـ و أکرمه تلطفا، و شرفه تعطفا بسيادة الکونين، و جعله برزخا بين الوجوب و الامکان ـ إلي آخر کلامه».

2ـ قال العلامة القسطلاني علي ما في عقبات الأنوار المعرب )ج 4: ص 181(: «فهو صلي الله عليه و آله الجنس العالي علي جميع الأجناس، و الأب الأکبر لجميع الموجودات. و لما انتهي الزمان بالإسم الباطن في حقه صلي الله عليه و آله و سلم إلي وجود جسمه و إرتباط الروح به انتقل حکم الزمان إلي الاسم الظاهر فظهر محمد صلي الله عليه و آله و سلم بکليته جسما و روحا فهو صلي الله عليه و آله و سلم و إن تأخرت طينته فهو خزانة السر، و موضع نفوذ الأمر فلا ينفذ امر إلا منه، و لا ينقل خبر إلا عنه».

3ـ قال العلامة الديار بکري: «و ما من نبي يأخذ شيئا من الکمالات، إلا من مشکاة خاتم النبيين، و إن تأخر عنهم وجود طينته إذ لا تعلق بمشکاته لوجوده الطيني فإنه موجود قبلهم بحقيقته، لأنه أبو الأرواح کما أن آدم أبو الأشباح[1] .

4ـ عن العلامة الديار بکري«و في شواهد النبوة: إن نبينا صلي الله عليه و آله و إن کان آخر الأنبياء في عالم الشهادة لکنه أولهم في عالم الغيب، قال ـ عليه الصلاة و السلام ـ: «کنت نبيا و آدم بين الماء و الطين ـ إلي أن قال: ـ آدم فهو و سائر الأنبياءـ و إن کانوا في مشهد علم الربوبيةـ ما لم يظهروا بصورة جسمانية عنصرية في الشهادة لم يوصفوا بالنبوة، بخلاف نبينا صلي الله عليه )و آله( فإنه لما وجد بوجود روحاني بشره و أعلمه بالنبوة بالفعل، و في کل الشرائع أعطي الحکم له لکن بأيدي الانبياء و الرسل الذين کانوا نوابه کما أن عليا عليه السلام، و معاذ بن جبل في عالم الشهادة ذهبا بنيابته إلي اليمن و بلغا الأحکام، فإن ثبوت النبوة ليس إلا باعتبار شرع مقرر من عند الله، فجميع الشرايع شريعته إلي الخلق بأيدي نوابه، و لما ظهر بالوجود الجسماني العنصري نسخ تلک الشرايع التي کان اقضاها بحسب الباطن، فإن اختلاف الاسم في الاستعدادات و القابليات مقتض لاختلاف الشرايع[2] .

5ـ عن العلامة البوصيري في الحقيقة المحمدية:


محمد سيد الکونين و الثقلين
و الفريقين من عرب و من عجم


قال الرومي ما ملخصه: «محمد صلي الله عليه و آله و سلم سيد علي الإطلاق في الوجودين و أشرف العالمين لإختصاصه بدين، هو أظهر الأديان الحقة».


فاق النبيين في خلق و في خلق
و لم يدانوه في علم و لا کرم


و قال بشرحه: «المعني أنه فاق جميع الأنبياء عليهم السلام بشرف طينته، و نزاهة عنصره، و کمال صفائه، و فضائل ملکاته».


و کلهم من رسول الله ملتمس
غرفا من البحر أو رشفا من الديم


قال العصام بشرحه ما ملخصه: «فإن قلت: هم عليهم السلام سابقون علي النبي صلي الله عليه )و آله(. قلت: هم سألوا منه مسائل مشکلة في علم التوحيد، و الصفات فأجاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم و حل مشکلاتهم ـ إلي أن قال ـ و روح نبينا مقدم علي أرواح سائر الأنبياء. و الحاصل کل الأنبياء من نبينا لا من غيره استفادوا العلم و طلبوا الشفاعة، إذا هو بحر من العلم، و سحاب من الجود[3] .


فإنه شمس فضل، هم کواکبها
يظهرن أنوارها للناس في الظلم


قال الرومي بشرحه: «يقول: إنما اتصلت تلک الآيات الباهرات بهم من نوره صلي الله عليه و آله و سلم، لأنه شمس فضل الله تعالي و رحمته للناس کافة، و الرسل عليهم السلام کانوا مظاهر نوره و حملة سره علي درجات استعدادهم، و مراتب قابلياتهم يظهرون أنوار حقائقه و أسرار دقائقه لاقوامهم قرنا بعد قرن[4] .

6ـ عن العلامة ابن الفارض المصري، العارف الکبير، في الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و سلم:


و إني و إن کنت ابن آدم صورة
فلي منه معني شاهد بابوتي


و کلهم عن سبق معناي دائر
بدائرتي أو وارد بشريعتي


و لولاي لم يوجد وجود و لم يکن
شهود و لم تعهد عهود بذمتي


فلا حي إلا عن حياتي حياته
و طوع مرادي کل نفس مريدة


و لا قائل إلا بنطقي محدث
و لا ناظر إلا بناظر مقلتي


و روحي للأرواح روح و کلما
تري حسنا في الکون من حسن طينتي


بعترته استغنت عن الرسل الوري
و أصحابه و التابعين الأئمة


و أوضح بالتأويل ما کان مشکلا
علي بعلم ناله بالوصية


القصيدة طويلة جدا ذکرنا منها ما يناسب المقام و يوضح المرام.

7ـ عن العلامة الشيخ تقي الدين السبکي في کتابه التعظيم و المنة في الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و سلم )ص 95(، قال ذيل هذه الآية/ لتؤمنن به و لتنصرنه/[5] : «في هذه الآية من التنويه بالنبي صلي الله عليه )و آله( و تعظيم قدره العلي ما لا يخفي، و فيه مع ذلک أنه علي تقدير مجيئه في زمانهم يکون مرسلا إليهم فتکون نبوته و رسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلي يوم القيامة، و تکون الأنبياء و اممهم کلهم من امته. و يکون قوله «بعثت إلي الناس کافة» لا يختص به الناس من زمانه إلي يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضا. و يتبين بذلک معني قوله صلي الله عليه )و آله(: «کنت نبيا و آدم بين الروح و الجسد». و أن من فسره بعلم الله بأنه سيصير نبيا، لم يصل إلي هذا المعني، لأن علم الله محيط بجميع الأشياء، و وصف النبي صلي الله

عليه و )آله( بالنبوة في ذلک الوقت ينبغي أن يفهم منه أنه أمر ثابت له في ذلک الوقت، و لهذا رأي آدم اسمه مکتوبا علي العرش «محمد رسول الله»، فلا بد من أن ذلک معني ثابت في ذلک الوقت، و لو کان المراد بذلک مجرد العلم بما سيصير في المستقبل لم يکن له خصوصية بأنه نبي و آدم بين الروح و الجسد، لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلک الوقت و قبله، فلابد من خصوصية للنبي صلي الله عليه )و آله( لأجلها أخبر بهذا الخبرـ إلي أن قال ـ فحقيقته موجودة من ذلک الوقت و إن تأخر جسده الشريف[6] .

8ـ رواية العلامة سبط ابن الجوزي في الحقيقة المحمدية و العلوية عليهما السلام: «عن علي عليه السلام قال بعد الحمد و الثناء، لما أراد الله أن ينشي ء المخلوقات و يبدع الموجودات أقام الخلائق في صورة قبل دحو الأرض و رفع السماوات، ثم

أفاض نورا من نور عزه فلمع قبس من ضيائه و سطع. ثم اجتمع في تلک الصورة و فيها هيئة نبينا صلي الله عليه )و آله( فقال له تعالي: أنت المختار و عندک مستودع الأنوار، و أنت المصطفي المنتخب الرضي المنتجب المرتضي، من أجلک أضع البطحاء، و أرفع السماء، و اجري الماء، و أجعل الثواب و العقاب و الجنة و النار، و أنصب أهل بيتک علما للهداية، و أودع أسرارهم من سري بحيث لا يشکل عليهم دقيق، و لا يغيب عنهم خفي، و أجعلهم حجتي علي بريتي و المنبهين علي قدري و المطلعين علي أسرار خزائني.

ثم أخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية، و الإقرار بالوحدانية، و أن الإمامة فيهم، و النور معهم. ثم إن الله أخفي الخليفة في غيبه، و غيبها في مکنون علمه، و نصب العوالم، و موج الماء، و أثار الزبد، و أهاج الدخان، فطفا عرشه علي الماء.

ثم أنشأ الملائکة من أنوار إبتدعها، و أنواع إخترعها، ثم خلق الله الأرض و ما فيها. ثم قرن بتوحيده نبوة نبيه محمد صلي الله عليه )و آله( و صفيه، فشهدت السماوات و الأرض و الملائکة و العرش و الکرسي و الشمس و القمر و النجوم و ما في الأرض له بالنبوة. فلما خلق آدم أبان للملائکة فضله، و أراهم ما خصه به من سابق العلم، فجعله محرابا و قبلة لهم، فسجدوا له و عرفوا حقه. ثم بين لآدم حقيقة ذلک النور و مکنون ذلک السر. فلما حانت أيامه أودعه شيئا و لم يزل ينتقل من الأصلاب الفاخرة إلي الارحام الطاهرة إلي أن وصل إلي عبد المطلب. ثم إلي عبد الله، ثم إلي نبيه صلي الله عليه )و آله(، فدعا الناس ظاهرا و باطنا، و ندبهم سرا و علانيةـ إلي أن قال ـ فنحن أنوار السماوات و الارض، و سفن النجاة، و فينا مکنون العلم، و إلينا مصير الأمور[7] .

9ـ عن العلامة المجلسي[8] ـ رحمه الله ـ في الحقيقة المحمدية و العلوية: «فاعلم أن أکثر ما أثبتوه لهذه العقول قد ثبت لأرواح النبي و الأئمة عليهم السلام في أخبارنا المتواترة علي وجه آخر، فإنهم أثبتوا القدم للعقل، و قد ثبت التقدم في الخلق لأرواحهم إما علي جميع المخلوقات أو علي سائر الروحانيين في أخبار متواترة.

و أيضا أثبتوا لها التوسط في الايجاد أو الاشتراط في التاثير، و قد ثبت في الأخبار کونهم عليهم السلام علة غائية لجميع المخلوقات، و أنه لولاهم ما خلق الله الأفلاک و غيرها. و أثبتوا لها کونها وسائط في إفاضات العلوم و المعارف علي النفوس و الارواح، و قد ثبت في الأخبار أن جميع العلوم و الحقائق و المعارف بتوسطهم تفيض علي سائر الخلق حتي الملائکة و الأنبياء.

و الحاصل أنه قد ثبت بالأخبار المستفيضة أنهم عليهم السلام الوسائل بين الخلق و بين الحق في إفاضة جميع الرحمات و العلوم و الکمالات علي جميع الخلق. فکلما يکون التوسل بهم و الإذعان بفضلهم أکثر کان فيضان الکمالات من الله أکثرـ إلي أن قال رحمه الله: ـ فعلي قياس ما قالوا يمکن أن يکون المراد بالعقل نور النبي صلي الله عليه و آله و سلم الذي انشعب منه أنوار الأئمة عليه السلام».









  1. عبقات الانوار المعرب، ج 4: صص 128 و 184.
  2. عبقات الانوار المعرب، ج 4: صص 182 و 184.
  3. عبقات الانوار، ص 180.
  4. المصدر، ص 178.
  5. آل عمران: 81.
  6. الخصائص الکبري للعلامة جلال الدين السيوطي، ج 1: ص 4، ط بيروت.
  7. تذکرة الخواص، ص 130.
  8. بحار الانوار، ج 1، ص 103.