الامام علي و حقوق الرعية











الامام علي و حقوق الرعية



1ـ «مر شيخ مکفوف کبير يسأل، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: ما هذا؟ قالوا: يا أميرالمؤمنين! نصراني، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: استعملتموه حتي إذا کبر، و عجز منعتموه؟ ألفقوا عليه من بيت المال[1] .

2ـ عن الحسن عليه السلام، قال: «إن عليا عليه السلام لما هزم طلحة و الزبير أقبل الناس منهزمين، فمروا بامرأة حامل علي الطريق ففزعت منهم فطرحت ما في بط 4 نها حيا، فاضطرب حتي مات، ثم ماتت امه من بعده، فمر بها علي عليه السلام و أصحابه و هي مطروحة علي الطريق و ولدها علي الطريق، فسألهم عن أمرها، فقالوا: إنها کانت حبلي ففزعت حين رأت القتال و الهزيمة، قال: فسألهم أيهما مات قبل صاحبه؟ فقيل: إن ابنها مات قبلها.

قال: فدعا بزوجها أبي الغلام الميت فورثه ثلثي الدية، و ورث امه ثلث الدية، ثم ورث الزوج من المرأة الميتة نصف ثلث الدية التي ورثتها من ابنها، و ورث قرابة المرأة الميتة الباقي، ثم ورث الزوج ـ أيضاـ من دية امرأته الميتة نصف الدية و هو ألفان، خمسمائة درهم، و ورث قرابة المرأة الميتة نصف الدية و هو ألفان و خمسمائة درهم، و ذلک أنه لم يکن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت، قال: و أدي ذلک کله من بيت مال البصرة[2] .

3ـ روي الطبري بإسناده، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، قال: «بعث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حسين افتتح مکة خالد بن الوليد داعيا و لم يبعثه مقاتلا، و معه قبائل من العرب سليم و مدلج و قبائل من غيرهم، فلما نزلوا علي الغميصاء و هي ماء من مياه بني جذيمة قد أصابوا في الجاهلية عوف بن عبد عوف أبا عبد الرحمن بن عوف و الفاکة بن المغيرة، و کانا أقبلا تاجرين من اليمن حتي إذا نزلا بهم قتلوهما، و أخذوا أموالهما، فلما کان الإسلام و بعث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خالد بن الوليد سار حتي نزل ذلک الماء، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال لهم خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني بعض أهل العلم، عن رجل من بني جذيمة، قال: لما أمرنا خالد بوضع السلاح قال رجل منا يقال له جحدم: ويلکم، يا بني جذيمة! إنه خالد، و الله، ما بعد السلاح إلا الإسار ثم ما بعد الإسار إلا ضرب الأعناق، و الله، لا أضع سلاحي أبدا، قال: فأخذه رجال من قومه، فقالوا: يا جحدم! أتريد أن تسفک دماءنا؟ إن الناس قد أسلموا، و وضعت الحرب، و أمن الناس، فلم يزالو به حتي نزعوا سلاحه، و وضع القول السلاح لقوم خالد، فلما وضعوه أمر بهم خالد عند ذلک، فکتفوا ثم عرضهم علي السيف، فقتل من قتل منهم.

فلما انتهي الخبر إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم رفع يديه إلي السماء، ثم قال: اللهم إني أبرء إليک مما صنع خالد بن الوليد، ثم دعا علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا علي! اخرج إلي هؤلاء القوم، فانظر في أمرهم، و اجعل أمر الجاهلية تحت قدمک، فخرح حتي جاءهم، و معه مال قد بعثه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم به فودي لهم الدماء و ما اصيب من الأموال حتي إنه ليدي ميلغة الکلب[3] ، حتي إذا لم يبق شي ء من دم و لا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال، فقال لهم علي عليه السلام حين فرغ منهم: هل بقي لکم دم أو مال لم يود إليکم؟ قالوا: لا، قال: و أني اعطيکم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مما لا يعلم و لا تعلمون. ففعل ثم رجع إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأخبره الخبر، فقال: أصبت و أحسنت، ثم قام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه حتي إنه ليري بياض ما تحت منکبيه و هو يقول: اللهم إني أبرأ إليک مما صنع خالد بن الوليد ـ ثلاث مرات[4] .

4ـ خبر خالد بن الوليد حين بعثه النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي صدقات بني جذيمة من بني المصطلق فأوقع بهم خالد فترة کانت بينه و بينهم فقتل منهم و استاق أموالهم، فلما انتهي الخبر إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم رفع يده إلي السماء، و قال: اللهم إني أبرأ إليک مما فعل خالد، و بکي، ثم دعا عليا عليه السلام فبعثه إليهم بمال و أمره أن يؤدي إليهم ديات رجالهم و ما ذهب لهم من أموالهم، فأعطاهم أميرالمؤمنين عليه السلام جميع ذلک، فأعطاهم لميلغة کلابهم و حبلة رعاتهم، و بقيت معه عليه السلام من المال فأعطاهم لروعة نسائهم و فزع صبيانهم و لما لا يعلمون و ليرضوا عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم[5] .

5ـ في «مصباح الأنوار» قال: «بلغنا أن أميرالمؤمنين عليه السلام اشتهي کبدا مشوية علي خبزة لينة، فأقام حولا يشتهيها، ثم ذکر ذلک للحسن عليه السلام و هو صائم يوما من الأيام فصنعها له، فلما أراد أن يفطر قربها إليه، فوقف سائل بالباب، فقال: يا بني! احملهاإليه لا نقرأ صحيفتنا غدا أذهبتم طيباتکم في حياتکم الدنيا و استمتعتم بها[6] [7] .

6ـ «جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فشکا إليه الجوع، فبعث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم إلي بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: من لهذا الرجل الليلة؟ فقال علي بن أبي طالب: أنا له، يا رسول الله! و أتي فاطمة عليها السلام فقال لها: ما عندک يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبية نؤثر ضيفنا، فقال علي عليه السلام: يا ابنة محمد! نومي الصبية و أطفئي المصباح، فلما أصبح علي عليه السلام غدا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأخبره الخبر، فلم يبرح حتي أنزل الله عزوجل: و يؤثرون علي أنفسهم و لو کان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فاولئک هم المفلحون[8] [9] .

7ـ و قال عليه السلام في عهده إلي الأشتر رحمه الله: «و اجعل لذوي الحاجات منک قسما تفرغ لهم فيه شخصک، و تجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقک، و تقعد عنهم جندک و أعوانک من أحراسک و شرطک، حتي يکلمک متکلمهم غير متتعتع، فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول في غير موطن: لن تقدس امة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع.

ثم احتمل الخرق منهم و العي، و نح عنهم الضيق و الأنف يبسط الله عليک بذلک أکناف رحمته، و يوجب لک ثواب طاعته، و أعط ما أعطيت هنيئا، و امنع في إجمال و إعذار[10] .









  1. الحر العاملي: وسائل الشيعة، ج 11: ص 49، ط عبد الرحيم.
  2. الحر العاملي: وسائل الشيعة، ج 7، ص 393، ط عبد الرحيم.
  3. الميلغة: الاناء يلغ فيه الکلب أو يسقي فيه.
  4. طبري: تاريخ الرسل و الملوک، ج 3: ص 66، ط مصر.
  5. القمي: سفينة البحار، ج 1: ص 406، «خلد.
  6. الأحقاف، 20:46.
  7. القمي: سفينة البحار، ج 2: ص 458، «کبد.
  8. الحشر، 9:59.
  9. المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 34.
  10. السيد الرضي )المجمع(: نهج البلاغة،/. 53.