الامام علي و بعض صدقاته











الامام علي و بعض صدقاته



1ـ قال أبو نيزر: «جاءني علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ و أنا أقوم بالضيعتين: عين أبي نيزر و البغيبغة، فقال علي عليه السلام: هل عندک من طعام؟ فقلت: طعام لا أرضاه لأميرالمؤمنين، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخة، فقال علي به، فقام إلي الربيع ـ و هو جدول ـ فغسل يديه ثم أصاب من ذلک شيئا، ثم رجع إلي الربيع فغسل يديه بالرمل حتي أنقاهما، ثم ضم يديه کل واحد منهما الي اختها و شرب منها حسي من الربيع، ثم قال: يا أبا نيزر! إن الأکف أنظف الآنية، ثم مسح ندي ذلک الماء علي بطنه و قال: من أدخل بطنه النار فأبعده الله، ثم أخذ المعول و انحدر، فجعل يضرب و أبطأ عليه الماء فخرج و قد تنضح جبينه عرقا فانتکف العرق من جبينه، ثم أخذ المعول و عاد إلي العين فأقبل يضرب فيها و جعل يهمهم فانثالت کأنها عنق جزور، فخرج مسرعا و قال: اشهد الله أنها صدقة، علي بدواة و صحيفة، قال: فعجلت بهما إليه، فکتب:

«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به عبد الله علي أميرالمؤمنين تصدق بالضيعتين: بعين أبي نيزر و البغيبغة علي فقراء أهل المدينة، و ابن السبيل ليقي بهما وجهه حر النار يوم القيامة، لا تباعا و لا توهبا حتي يرثهما الله و هو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن و الحسين، فهما طلق لهما و ليس لأحد غيرهما».

قال أبو محلم محمد بن هشام: فرکب الحسين دين، فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مائتي ألف دينار، فأبي أن يبيع و قال: إنما تصدق بهما أبي ليقي الله وجهه حر النار، و لست بائعهما بشي ء[1] .

أقول: القرع: حمل اليقطين، و الاهالة: الشحم و الزيت و ماء اذيبت من الشحم و الإلية، و سنخ الطعام: تغير، و السنخة: المتغيره و في حديث النبي صلي الله عليه و آله و سلم: أن خياطا دعاه إلي طعام فقدم إليه إهالة سنخة و خبزا شعيرا، و الحسوة: مل ء الفم، حسا الطائر الماء، و هو کالشرب، و الفسح: الوسعة و السعة، و انتکف العرق عن جبينه: مسحه.









  1. الحموي: معجم البلدان، ج 4. ص 176/ مادة «عين».