الامام علي حلمه و صفحه











الامام علي حلمه و صفحه



1ـ عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في خبر طويل: «لو کان الحلم رجلا لکان عليا[1] .

2ـ عن جابر، قال: «سمع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رجلا يشتم قنبرا و قد رام قنبر أن يرد عليه، فناداه أميرالمؤمنين علي عليه السلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمک مهانا ترض الرحمن، و تسخط الشيطان، و تعاقب عدوک، فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما أرضي المؤمن ربه بمثل الحلم، و لا أسخط الشيطان بمثل الصمت، و لا عوقب الأحمق بمثل السکوت عنه[2] .

3ـ قال ابن أبي الحديد: «و أما الحلم و الصفح، فکان أحلم الناس عن مذنب، و أصفحهم عن مسي ء، و قد ظهرت صحة ما قلناه يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحکم ـ و کان أعدي الناس له و أشدهم بغضاـ فصفح عنه، و کان عبد الله بن الزبير يشتمه علي رؤوس الأشهاد، و خطب يوم البصرة فقال: قد أتاکم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب، و کان علي عليه السلام يقول: ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتي شب عبد الله، فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيرا، فصفح عنه، و قال: «اذهب و لا أرينک» لم يزده علي ذلک، و ظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمکةـ و کان له عدواـ فأعرض عنه و لم يقل شيئا...[3] .

4ـ قال قنبر: دخلت مع أميرالمؤمنين عليه السلام علي عثمان فأحب الخلوة فأومأ إلي بالتنحي، فتنحيت غير بعيد، فجعل عثمان يعاتبه و هو مطرق رأسه، و أقبل إليه عثمان، فقال: ما لک لا تقول؟ فقال عليه السلام: ليس جوابک إلا ما تکره، و ليس لک عندي إلا[4] ما تحب، ثم خرج قائلا:


و لو أنني جاوبته لأمضه
نوافذ قولي و احتضار جوابي


و لکنني أغضي علي مضض الحشا
و لو شئت إقداما لأنشب نابي[5] .


أقول: أمضه الأمر: شق عليه، و الجرح: أوجعه، و المضض: الوجع، و أغضي علي الأمر: سکت و صبر و أنشبه في کذا: علقه و أعلقه، و الناب: السن خلف الرباعية.

5ـ «دعا عليه السلام غلاما له مرارا فلم يجبه، فخرج فوجده علي باب البيت، فقال: ما حملک علي ترک إجابتي؟ قال: کسلت عن إجابتک و آمنت عقوبتک، فقال: الحمد لله الذي جعلني ممن يأمنه خلقه، امض فأنت حر لوجه الله[6] .

6ـ «إن أميرالمؤمنين عليه السلام مر بأصحاب التمر فإذا هو بجارية تبکي، فقال: يا جارية! ما يبکيک؟ فقالت: بعثني مولاي بدرهم فابتعت من هذا تمرا فأتيتهم به فلم يرضوه، فلما أتيته به أبي أن يقبله، قال: يا عبد الله إنها خادم و ليس لها أمر فارددإليها درهمها و خذ التمر، فقام إليه الرجل فلکزه[7] ، فقال الناس: هذا أميرالمؤمنين فربا الرجل[8] و اصفر، و أخذ التمر ورد إليها درهمها، ثم قال: يا أميرالمؤنين ارض عني، فقال: ما أرضاني عنک إن أصلحت أمرک، و في فضائل أحمد: إذا وفيت الناس حقوقهم[9] .

7ـ «مرت امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: إن أبصار هذه الفحول طوامع[10] ، و إن ذلک سبب هناتها، فإذا نظر أحدکم إلي امرأة تعجبه فليلمس أهله فإنما امرأة کامرأة، فقال رجل من الخوارج: قاتله الله کافرا ما أفقهه! فوثب القوم ليقتلوه فقال عليه السلام: رويدا إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب[11] .

8ـ «جاءه أبو هريرةـ و کان تکلم فيه و أسمعه في اليوم الماضي ـ و سأله حوائجه فقضاها، فعاتبه أصحابه علي ذلک فقال: إني لأستحيي أن يغلب جهله علمي، و ذنبه عفوي، و مسألته جودي[12] .

9ـ قال ابن الأثير: «و منه حديث عائشة قالت لعلي يوم الجمل حين ظهر: «ملکت فأسجح» أي قدرت فسهل و أحسن العفو، و هو مثل سائر[13] .









  1. الحمويني: فرائد السمطين، ج 2: ص 68.
  2. المفيد: کتاب الامالي، المجلس 14: ص 118.
  3. ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 1: ص 22.
  4. کذا، و الظاهر أن «إلا» زيادة.
  5. المجلسي بحار الأنوار: ج 41: ص 49 و 48.
  6. المجلسي بحار الأنوار: ج 41: ص 49 و 48.
  7. أي ضربه بجميع کفه.
  8. اي اخذه الربوة و هي علة تحدث في البرئة فتصير النفس صبعا.
  9. اي اخذه الربوة و هي علة تحدث في الرئة فتصير النفس صعبا.
  10. في نهج البلاغة: «طوامح.
  11. المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 49.
  12. المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 49.
  13. ابن الأثير: النهاية، ج 2: ص 342.