الامام علي و مروءته











الامام علي و مروءته



1ـ قال ابن أبي الحديد: «و لما ملک عسکر معاوية عليه الماء و أحاطوا بشريعة الفرات و قالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش کما قتلوا عثمان عطشا، سألهم علي عليه السلام و أصحابه أن يسوغوا لهم شرب الماء فقالوا: لا و الله، و لا قطرة حتي تموت ظمأ کما مات ابن عفان، فلما رأي عليه السلام أنه الموت لا محالة تقدم بأصحابه و حمل علي عساکر معاوية حملات کثيفة حتي أزالهم عن مراکزهم بعد قتل ذريع سقطت منه الرؤوس و الأيدي، و ملکوا عليهم الماء، و صار أصحاب معاوية في الفلاة لا ماء لهم، فقال له أصحابه و شيعته: امنعهم الماء يا أميرالمؤمنين، کما منعوک، و لا تسقهم منه قطرة، و اقتلهم بسيوف العطش، و خذهم قبضا بالأيدي فلا حاجة لک إلي الحرب، فقال: لا و الله، لا اکافئهم بمثل فعلهم، افسحوا لهم عن بعض الشريعة، ففي حد السيف ما يغني عن ذلک[1] .


ملکنا فکان العفو منا سجية
فلما ملکتم سال بالدم أبطح


فحسبکم هذا التفاوت بيننا
فکل إناء بالذي فيه ينضح


قال العلامة الديار بکري: «روي أن عليا لما قتل عمرا لم يسلبه، فجاءت اخت عمرو حتي قامت عليه، فلما رأته غير مسلوب سلبه قالت: ما قتله إلا کفؤ کريم، ثم سألت عن قاتله، قالوا: علي بن أبي طالب، فأنشأت هذين البيتين:


لو کان قاتل عمرو غير قاتله
لکنت أبکي عليه آخر الآبد


لکن قاتله من لا يعاب به
من کان يدعي قديما بيضة البلد[2] .









  1. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 1: ص. 23.
  2. الديار بکري: تاريخ الخميس، ج 1: ص 488. و قال ابن المنظور في «اللسان»: «بيضة البلد علي بن أبي طالب ـ سلام الله عليه ـ، أي أنه فرد ليس مثله في الشرف کالبيضة التي تريکة وحدها ليس معها غيرها، و اذا ذم الرجل فقيل: هو بيضة البلد، أرادوا هو منفرد لا ناصر له.