الامام علي و استجابة دعائه











الامام علي و استجابة دعائه



1ـ عن طلحة بن عميرة، قال: «نشد علي عليه السلام في قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «من کنت مولاه» فشهد اثنا عشر رجلا من الأنصار، و أنس بن مالک في القوم لم يشهد، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام: يا أنس! قال: لبيک، قال: ما يمنعک أن تشهد و قد سمعت ما سمعوا؟ قال: يا أميرالمؤمنين! کبرت و نسيت، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: اللهم إن کان کاذبا فاضربه ببياض أو بوضح[1] لا تواريه العمامة، قال طلحة: فأشهد بالله لقد رأيتها بيضا بين عينيه[2] .

2ـ و في رواية جابر: «فقال لأنس: لا أماتک الله حتي يبتليک ببرص لا تغطيه العمامة... فقال جابر: و الله، لقد رأيت أنسا و قد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما تستره[3] .

3ـ عن زيد بن أرقم، قال: «نشد علي عليه السلام في المسجد فقال: أنشد الله رجلا سمع النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «من کنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه»، فقام اثنا عشر بدريا، ستة من الجانب الأيمن، و ستة من الجانب الأيسر فشهدوا بذلک، فقال زيد بن أرقم: و کنت أنا فيمن سمع ذلک فکتمته فذهب الله ببصري[4] .

4ـ الوليد بن الحارث و غيره، عن رجالهم: «إن أميرالمؤمنين عليه السلام لما بلغه ما فعل بسر بن أرطاة باليمن )يعني قتله ثلاثين ألفا( قال: اللهم إن بسرا قد باع دينه بالدنيا فاسلبه عقله، و لا تبق من دينه ما يستوجب به عليک رحمتک، فبقي بسر حتي اختلط، و کان يدعو بالسيف، فاتخذ له سيف من خشب، و کان يضرب به حتي يغشي عليه فإذا أفاق قال: السيف السيف، فيدفع إليه فيضرب به، فلم يزل کذلک حتي مات[5] .

5ـ عن سعد الخفاف، عن زاذان أبي عمرو، قلت له: «يا زاذان! إنک لتقرأ القرآن فتحسن قراءته، فعلي من قرأت؟ قال: فتبسم، ثم قال: إن أميرالمؤمنين عليه السلام مربي و أنا انشد الشعر، و کان لي حلق حسن، فأعجبه صوتي، فقال: يا زاذان! فهلا بالقرآن؟ قلت: يا أميرالمؤمنين و کيف لي بالقرآن؟ فو الله ما أقرأ منه إلا بقدر ما أصلي به، قال: فادن مني، فدنوت منه فتکلم في اذني بکلام ما عرفته و لا علمت ما يقول، ثم قال: افتح فاک، فتفل في في، فو الله ما زالت قدمي من عنده حتي حفظت القرآن بإعرابه و همزه، و ما احتجت أن أسأل عنه أحدا بعد موقفي ذلک.

قال سعد: فقصصت قصة زاذان علي أبي جعفر عليه السلام قال: صدق زاذان، إن أميرالمؤمنين عليه السلام دعا لزاذان بالاسم الأعظم الذي لا يرد[6] .

6ـ عن الأصبغ بن نباتة، أنه قال: کنت جالسا عند أميرالمؤمنين، علي ابن ابي طالب عليه السلام و هو يقضي بين الناس إذ جاءه جماعة معهم أسود مشدود الأکتاف، فقالوا: هذا سارق يا أميرالمؤمنين، فقال: يا أسود! سرقت؟ قال: نعم، يا أميرالمؤمنين، قال له: ثکلتک أمک، إن قلتها ثانية قطعت يدک، قال: نعم، يا مولاي، قال: ويلک انظر ماذا تقول، سرقت؟ قال: نعم، يا مولاي، فعند ذلک قال عليه السلام: اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع.

قال: فقطع يمينه، فأخذها بشماله و هي تقطر دما، فاستقبله رجل يقال له: ابن الکواء فقال: يا أسود! من قطع يمينک؟ قال: قطع يميني سيد الوصيين، و قائد الغر المحجلين، و أولي الناس بالمؤمنين، علي بن أبي طالب عليه السلام، إمام الهدي، و زوج فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفي، أبو الحسن المجتبي، و أبو الحسين المرتضي، السابق إلي جنات النعيم، مصادم الأبطال، المنتقم من الجهال، معطي الزکاة، منيع الصيانة من هاشم القمقام، ابن عم الرسول، الهادي إلي الرشاد، و الناطق بالسداد، شجاع مکي، جحجاح و في، بطين أنزع أمين من آل حم و يس و طه و الميامين، محلي الحرمين، و مصلي القبلتين، خاتم الأوصياء، و وصي صفوة الأنبياء، القسورة الهمام، و البطل الضرغام، المؤيد بجبرائيل الأمين، و المنصور بميکائيل المبين، وصي رسول رب العالمين، المطفي ء نيران الموقدين، و خير من نشأ من قريش أجمعين، المحفوف بجند من السماء، علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين علي رغم أنف الراغبين [خ ل ] و مولي الناس أجمعين.

فعند ذلک قال له ابن الکواء: ويلک! يا أسود، قطع يمينک و أنت تثني عليه هذا الثناء کله؟! قال: و مالي لا اثني عليه، و قد خالط حبه لحمي و دمي، و الله ما قطعني إلا بحق أوجبه الله علي، قال: فدخلت علي أميرالمؤمنين عليه السلام فقلت: سيدي رأيت عجبا، قال: و ما رأيت؟ قال )قلت ـ ظ(: صادفت أسود قطعت يمينه و أخذها بشماله و هي تقطر دما، فقلت له: يا أسود! من قطع يمينک؟ قال: سيد المؤمنين ـ و أعدت عليه ـ و أعاد علي، فقلت له: ويحک قطع يمينک و أنت تثني عليه هذا الثناء کله؟ فقال: و مالي لا اثني عليه و قد خالط حبه لحمي و دمي، و الله ما قطعني إلابحق أوجبه الله علي.

قال: فالتفت أميرالمؤمنين عليه السلام إلي ولده الحسن و قال: قم، هات عمک الأسود، قال: فخرج الحسن عليه السلام في طلبه فوجده في موضع يقال له «کندة»، و أتي به إلي أميرالمؤمنين عليه السلام ثم قال له: يا أسود! قطعت يمينک و أنت تثني علي؟ فقال: يا أميرالمؤمنين! و مالي لا اثني عليک و قد خالط حبک دمي و لحمي؟ و الله، ما قطعت إلا بحق کان علي مما ينجي من عقاب الآخرة، فقال عليه السلام: هات يدک، فناوله، فأخذها و وضعها في المواضع الذي قطعت منه، ثم غطاها بردائه، فقام و صلي عليه السلام و دعا بدعاء سمعناه يقول في آخر دعائه: آمين، ثم شال الرداء[7] و قال: اضبطي أيتها العروق کما کنت و اتصلي.

فقام الأسود و هو يقول: آمنت بالله و بمحمد رسوله و بعلي الذي رد اليد القطعاء بعد تخليتها من الزند[8] ، ثم انکب علي قدميه، و قال: بأبي أنت و امي يا وارث علم النبوة».

بيان: القمقام: السيد، و کذا الجحجاح، و القسورة: الأسد، و الهمام ـ بالضم ـ: الملک العظيم الهمة، و الضرغام ـ بالکسرـ: الاسد[9] .

و في رواية: «فقال: يا ابن کواء! إن محبينا لو قطعناهم إربا إربا ما ازدادوا لنا إلا حبا، و إن في أعدائنا من لو ألحقناهم السمن و العسل ما ازدادوا منا إلا بغضا[10] .

أقول: نقل هذه القصة الفخر الرازي في تفسيره )ج 21: ص 88( ملخصا.









  1. الوضح: البياض من کل شي ء.
  2. المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 204 و 206.
  3. المصدر.
  4. المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 205 و 204 و 195.
  5. المصدر.
  6. المصدر.
  7. أي رفعها.
  8. کذا، و الظاهر أن الخبر مدخول لأن القطع من الأصابع لا الزند.
  9. المجلسي: بحار الانوار، ج 40: ص 281.
  10. المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 210.