الاستدراك











الاستدراک



قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في حديث: أما إن من شيعة علي عليه السلام لمن يأتي يوم القيامة و قد وضع له في کفة سيئاته من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي و البحار التيارة، يقول الخلائق: هلک هذا العبد، فلا يشکون أنه من الهالکين، و في عذاب الله تعالي من الخالدين، فيأتيه النداء من قبل الله تعالي: يا أيها العبد الخاطي الجاني! هذه الذنوب الموبقات، فهل بإزائها حسنة تکافئها و تدخل جنة الله برحمة الله؟ أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟ يقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربنا عزوجل: إن ربي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا إني فلان بن فلان من بلد کذا و کذا، أو قرية کذا و کذا، قد رهنت بسيئات کأمثال الجبال و البحار، و لا حسنة لي بإزائها، فأي أهل هذا المحشر کانت لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها.

فينادي الرجل بذلک. فأول من يجيبه علي بن أبي طالب عليه السلام: لبيک لبيک لبيک، أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي. ثم يأتي هو و من معه عدد کثير و جم غفير، و إن کانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات، فيقول ذلک العدد: يا أميرالمؤمنين، نحن إخوانه المؤمنون، کان بنا بارا، و لنا مکرما، و في معاشرته إيانا مع کثرة إحسانه إلينا متواضعا، و قد نزلنا له عن جميع طاعاتنا و بذلناها له، فيقول علي عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربکم؟ فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاک، و والي آلک يا أخا رسول الله.

فيأتي النداء من قبل الله تعالي: يا أخا رسول الله! هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له، فأنت ماذا تبذل له؟ فإني أنا الحکم ما بيني و بينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياک، و ما بينه و بين عبادي من الظلامات، فلا بد من فصلي بينه و بينهم. فيقول علي عليه السلام: يا رب، أفعل ما تأمرني، فيقول الله تعالي: يا علي، اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن لهم علي عليه السلام ذلک و يقول لهم: اقترحوا علي ما شئتم اعطکم عوضا من ظلاماتکم قبله.

فيقولون: يا أخا رسول الله، تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسک ليلة بيتوتک علي فراش محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فيقول علي عليه السلام: قد وهبت ذلک لکم، فيقول الله عزوجل: فانظروا يا عبادي، الآن إلي ما نلتموه من علي فداء لصاحبه من ظلاماتکم، و يظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها، و خيراتها، فيکون ذلک ما يرضي الله عزوجل به خصماء اولئک المؤمنين، ثم يريهم بعد ذلک من الدرجات و المنازل ما لا عين رأت و لا اذن سمعت، و لا خطر علي قلب بشر.

يقولون: يا ربنا، هل بقي من جنانک شي ء؟ إذا کان هذا کله لنا فأين تحل سائر عبادک المؤمنين و الأنبياء و الصديقين و الشهداء و الصالحين؟ و يخيل إليهم عندذلک أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم، فياتي النداء من قبل الله تعالي: يا عبادي، هذا ثواب نفس من أنفاس علي بن أبي طالب عليه السلام الذي اقترحتموه عليه، قد جعله لکم فخذوه، و انظروا، فيصيرون هم و هذا المؤمن الذي عوضهم علي عليه السلام في تلک الجنان، ثم يرون ما يضيفه الله عزوجل إلي ممالک علي عليه السلام في الجنان ما هو أضغاف ما بذله عن وليه الموالي له مما شاء من الأضعاف التي لا يعرفها غيره.

ثم قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أذلک خير نزلا أم شجرة الزقوم[1] المعدة لمخالفي أخي و وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام[2] .









  1. الصافات. 62.
  2. المجلسي: بحار الانوار، ج 68: صص 107ـ 109.