الامام علي و جاهه، و قربه عندالله











الامام علي و جاهه، و قربه عندالله



1ـ قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ـ في حديث ـ و أيکم اليوم نفع بجاهه أخاه المؤمن؟ فقال علي عليه السلام: أنا، قال: صنعت ماذا؟ قال: مررت بعمار بن ياسر و قد لازمه بعض اليهود في ثلاثين درهما کانت له عليه، فقال عمار: يا أخا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم! يلازمني و لا يريد إلا إيذائي و إذلالي لمحبتي لکم أهل البيت فخلصني منه بجاهک، فأردت أن أکلم له اليهودي فقال: يا أخا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم! أنا اجلک في قلبي و عيني من أن أبذلک لهذا الکافر، و لکن اشفع لي إلي من لا يردک عن طلبه، فلو أردت جميع جوانب العالم أن يصيرها کأطراف السفرة لفعل، فاسأله أن يعينني علي أداء دينه و يغنيني عن الاستدانة، فقلت: اللهم افعل ذلک به، ثم قلت له: اضرب إلي ما بين يديک من شي ء حجرا أو مدرا فإن الله يقلبه لک ذهبا إبريزا[1] ، فضرب يده فتناول حجرا فيه أمنان فتحول في يده ذهبا.

ثم أقبل علي اليهودي فقال: و کم دينک؟ قال: ثلاثون درهما، قال: فکم قيمتها من الذهب؟ قال: ثلاثة دنانير، فقال عمار: اللهم بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجرذهبا لين لي هذا الذهب لأفصل قدر حقه، فألانه الله عزوجل له، ففصل له ثلاثة مثاقيل و أعطاه، ثم جعل ينظر إليه و قال: اللهم إني سمعتک تقول:/ إن الإنسان ليطغي أن رآه استغني/[2] ، و لا اريد غني يطغيني، اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من بجاهه جعلته ذهبا بعد أن کان حجرا فعاد حجرا، فرماه من يده و قال: حسبي من الدنيا و الآخرة موالاتي لک يا أخا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: تعجبت ملائکة السموات من فعله، و عجت إلي الله تعالي بالثناء عليه، فصلوات الله من فوق عرشه تتوالي عليه، فأبشر يا أبا اليقظان، فإنک أخو علي في ديانته، و من أفاضل أهل ولايته، و من المقتولين في محبته، تقتلک الفئة الباغية، و آخر زادک من الدنيا صاع من لبن، و يلحق روحک بأرواح محمد و آله الفاضلين، و أنت من خيار شيعتي[3] .

2ـ قال يزيد بن قعنب: «کنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب و فريق من بني عبد العزي بإزاء البيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد، أم أميرالمؤمنين عليه السلام و کانت حاملا به لتسعة أشهر، و قد أخرها الطلق، فقالت: ربي! إني مؤمنة بک و بما جاء من عندک من رسل و کتب، إني مصدقة بکلام جدي إبراهيم الخليل عليه السلام و أنه بني بيتک العتيق، فبحق الذي بني هذا البيت و بحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي.

قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت قد انفتح عن ظهره، و دخلت فاطمة و غابت من أبصارنا فيه، و التزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب، فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلک أمر من الله عزوجل، ثم خرجت بعد الرابع و بيدها أميرالمؤمنين علي عليه السلام، فقالت: إني فضلت علي من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عزوجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، و أن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتي أکلت منها رطبا جنيا، و أني دخلت بيت الله الحرام فأکلت من ثمار الجنة و أرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة! سميه عليا، فهو علي، و الله علي الأعلي يقول: إني شققت إسمه من إسمي، و أدبته بأدبي، و أوقفته علي غامض علمي، و هو الذي يکسر الأصنام في بيتي و هو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي، و يقدسني و يمجدني، فطوبي لمن أحبه و أطاعه، و ويل لمن أبغضه و عصاه[4] .

3ـ و عنه عليه السلام ـ في خبر طويل ـ: «و لأقولن ما لم أقله لأحد قبل هذا اليوم، سألته )يعني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم( مرة أن يدعو لي بالمغفرة، فقال: أفعل، ثم قام فصلي، فلما رفع يده للدعاء استمعت عليه فإذا هو قائل: اللهم بحق علي عندک اغفر لعلي، فقلت: يا رسول الله! ما هذا؟ فقال: أو أحد أکرم منک عليه فأستشفع به إليه؟[5] .

4ـ في حديث طويل عن عطاء، عن ابن عباس عند موته: «اللهم إني أتقرب إليک بولاية الشيخ علي بن أبي طالب، فمازال يکررها حتي وقع إلي الأرض، فصبرنا عليه ساعة ثم أقمناه فإذا هو ميت[6] .

5ـ عن محمد بن أحمد الأنصاري، قال: «وجه قوم من المفوضة و المقصرة کامل بن إبراهيم المدني إلي أبي محمد )الإمام العسکري( عليه السلام، قال کامل: فقلت في نفسي: أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي و قال بمقالتي، قال: فلما دخلت علي سيدي أبي محمد عليه السلام نظرت إلي ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله و حجته يلبس الناعم من الثياب و يأمرنا بمواساة الإخوان، و ينهانا عن لبس مثله! فقال متبسما: يا کامل! و حسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن علي جلده فقال: هذا لله، و هذا لکم.

فسلمت و جلست إلي باب عليه ستر مرخي، فجاءت الريح فکشفت طرفه فإذا أنا بفتي کأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال لي: يا کامل بن إبراهيم! فاقشعررت من ذلک و الهمت أن قلت: لبيک يا سيدي، فقال: جئت إلي ولي الله و حجته و بابه تسأله: هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتک، و قال بمقالتک؟ فقلت: إي، و الله، قال: إذن و الله، يقل داخلها، و الله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية، قلت: يا سيدي! و من هم؟ قال: قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ـ الخبر[7] .

6ـ عن الأعمش: «کان بالمدينة جارية سوداء عمياء تسقي الماء، و هي تقول: اشربوا حبا لعلي بن أبي طالب، ثم رأيتها بمکة بصيرة تسقي الماء و هي تقول: اشربوا حبا لمن رد الله علي بصري به، فسألتها عن شأنها، قالت إني رأيت رجلا قال: يا جارية! أنت مولاة لعلي بن أبي طالب و محبه؟ فقلت: نعم، قال: اللهم إن کانت صادقا فرد عليها بصرها، فو الله، لقد رد الله علي بصري، فقلت: من أنت؟ قال: أنا الخضر، و أنا من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام[8] .

7ـ قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أتدري ما سمعت من الملأ الأعلي فيک ليلة اسري بي، يا علي؟ سمعتهم يقسمون علي الله تعالي بک، و يستقضونه حوائجهم، و يتقربون إلي الله تعالي بمحبتک، و يجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي و عليک، و سمعت خطيبهم في أعظم محافلهم و هو يقول: علي الحاوي لأصناف الخيرات المشتمل علي أنواع المکرمات، الذي قد اجتمع فيه من خصال الخير ما قد تفرق في غيره من البريات، عليه من الله تعالي الصلاة و البرکات و التحيات، و سمعت الأملاک بحضرته و الأملاک في سائر السماوات و الحجب و العرش و الکرسي و الجنة و النار يقولون بأجمعهم عند فراغ الخطيب من قوله: آمين، اللهم و طهرنا بالصلاة عليه و علي آله الطيبين[9] .

8ـ عن ابن مسعود، قال: «دخلت يوما علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقلت: يا رسول الله! عليک السلام، أرني الحق لأنظر إليه، فقال: يا عبد الله! لج المخدع[10] ، فولجت المخدع و علي بن أبي طالب يصلي و هو يقول في سجوده و رکوعه: اللهم بحق محمد عبدک اغفر للخاطئين من شيعتي، فخرجت حتي اجتزت برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فرأيته يصلي و هو يقول: اللهم بحق علي عبدک اغفر للخاطئين من امتي[11] .

قال: فأخذني من ذلک الهلع العظيم، فأوجز النبي صلي الله عليه و آله و سلم في صلاته، و قال: يا ابن مسعود! أکفر بعد إيمان؟ فقلت: حاشا و کلا يا رسول الله، و لکن رأيت عليا يسأل الله بک، و رأيتک تسأل الله بعلي، فلا أعلم أيکما أفضل عند الله عزوجل؟ قال: اجلس يا ابن مسعود، فجلست بين يديه فقال لي: اعلم أن الله خلقني و عليا من نور قدرته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام إذ لا تسبيح و لا تقديس، ففتق نوري فخلق منه السموات و الأرضين، و أناـ و الله ـ أجل من السموات و الأرضين، و فتق نور علي بن أبي طالب فخلق منه العرش و الکرسي، و علي بن أبي طالب ـ و الله ـ أفضل من العرش و الکرسي، و فتق نور الحسن فخلق منه اللوح و القلم، و الحسن ـ و الله ـ أفضل من اللوح و القلم. و فتق نور الحسين فخلق منه الجنان و الحور العين، و الحسين ـ و الله ـ أفضل من الحور العين.

ثم أظلمت المشارق و المغارب، فشکت الملائکة إلي الله تعالي أن يکشف عنهم تلک الظلمة، فتکلم الله جل جلاله کلمة فخلق منها روحا، ثم تکلم بکلمة فخلق من تلک الکلمة نورا، فأضاف النور إلي تلک الروح و أقامها مقام العرش فزهرت المشارق و المغارب، فهي فاطمة الزهراء و لذلک سميت الزهراء، لأن نورها زهرت به السماوات.

يا ابن مسعود! إذا کان يوم القيامة يقول الله جل جلاله لي و لعلي: أدخلا الجنة من شئتما، و أدخلا النار من شئتما، و ذلک قوله تعالي:/ ألقيا في جهنم کل کفار عنيد/[12] ، فالکافر من جحد نبوتي، و العنيد من جحد بولاية علي بن أبي طالب و عترته، و الجنة لشيعته و لمحبيه[13] .









  1. أي خالصا.
  2. العلق، 96: 6 و 7.
  3. المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 19.
  4. الطبري: بشارة المصطفي، ص 8.
  5. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 20: ص 316.
  6. الکنجي: کفاية الاثر، ص 21.
  7. الانصاري: الانوار البهية، ص 178.
  8. القمي: سفينة البحار، ج 1: ص 391/ «خضر».
  9. المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 21.
  10. المخدع: بيت داخل البيت الکبير.
  11. لا تنافي بين دعائه صلي الله عليه و آله و سلم لأمته، و دعائه عليه السلام لشيعته. لأن امته حقا هم شيعة علي عليه السلام. و يدل عليه أخبار الإرتداد بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم التي مر عليک بعضها في باب موقفه عليه السلام عند الحوض.
  12. ق، 24:50.
  13. المجلسي: بحار الانوار، ج 40: ص 43.