الامام علي قوته و قدرته
2ـ قال العلامة المجلسي رحمه الله: «و کان أبو طالب يجمع ولده، و ولد إخوته ثم يأمرهم بالصراع ـ و ذلک خلق في العرب ـ فکان علي عليه السلام يحسر عن ذراعيه، و هو طفل و يصارع کبار إخوتة و صغارهم و کبار بني عمه و صغارهم فيصرعهم، فيقول أبوه: ظهر علي، فسماه ظهيرا فلما ترعرع عليه السلام کان يصارع الرجل الشديد فيصرعه، و يعلق بالجبار بيده و يجذبه فيقتله، و ربما قبض علي مراق بطنه و رفعه إلي الهواء، و ربما يلحق الحصان الجاري فيصدمه فيرده علي عقبيه». بيان: الجبار: العظيم القوي الطويل، و المراق ـ بتشديد القاف ـ: مارق من أسفل البطن و لان، و لا واحد له و ميمه زائدة، و الحصان ـ ککتاب ـ: الفرس الذکر[2] . 3ـ عن الصادق عليه السلام في خبر: «قالت فاطمة بنت أسدـ رضي الله عنهاـ فشددته )يعني عليا عليه السلام( و قمطته بقماط فنتر القماط[3] ، ثم جعلته قماطين فنترهما، ثم جعلته ثلاثة و أربعة و خمسة و ستة منها أديم[4] و حرير فجعل ينترها، ثم قال: يا اماه لا تشدي فإني أحتاج أن أبصبص[5] لربي بإصبعي[6] . 4ـ إن عليا عليه السلام رأي حية تقصده و هو في مهده ـ و قد شدت يداه في حال صغره ـ فحول نفسه فأخرج يده و أخذ بيمينه عنقها و غمزها غمزة حتي أدخل أصابعه فيها و أمسکها حتي ماتت، فلما رأت ذلک امه نادت و استغاثت، فاجتمع الحشم، ثم قالت: کأنک حيدرة. أقول: حيدرة: اللبوة إذا غضبت من أذي أولادها[7] . قال العلامة في اللغة، ابن المنظور: «و حيدرة: الأسد، قال الأزهري: قال أبو العباس أحمد بن يحيي: لم تختلف الرواة في أن هذه الأبيات لعلي ابن أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ: أنا الذي سمتني أمي حيدرة أکيلکم بالسيف کيل السندرة و قال: السندرة، الجرأة، و رجل سندرـ علي فعلل ـ إذا کان جريئا، و الحيدرة الأسد، قال: و السندرة: مکيال کبير، و قال ابن الأعرابي: الحيدرة في الأسد مثل الملک في الناس، قال أبو العباس: يعني لغلظ عنقه و قوة ساعديه، و منه: غلام حادر، إذا کان ممتلي ء البدن شديد البطش، قال: و الياء و الهاء زايدتان، زاد ابن بري في الرجز: قيل: أکيلکم بالسيف کيل السندرة و قال: أراد بقوله: «أنا الذي سمتني أمي الحيدرة» أنا الذي سمتني أمي أسدا، فلم يمکنه ذکر الأسد لأجل القافية فعبر بحيدرة، لأن امه لم تسمه حيدرة و إنما سمته أسدا باسم أبيها، لأنها فاطمة بنت أسد، و کان أبو طالب غائبا حين ولدته و سمته أسدا، فلما قدم کره أسدا و سماه عليا، فلما رجز علي هذا الرجز يوم خيبر سمي نفسه بما سمته به أمه. قلت: و هذا العذر من ابن بري لا يتم له إلا أن کان الرجز أکثر من هذه الأبيات و لم يکن أيضا ابتدأ بقوله «أنا الذي سمتني أمي الحيدرة» و إلا فإذا کان هذا البيت ابتداء الرجز و کان کثيرا أو قليلا کان رضي الله عنه مخيرا في إطلاق القوافي أي حرف شاء مما يستقيم الوزن له به، کقوله: «أنا الذي سمتني أمي الأسد»، أو «أسدا» و له في هذه القافية مجال واسع، فنطقه بهذا الاسم علي هذه القافية من غير قافية تقدمت يجب اتباعها و لا ضرورة صرفته إليه مما يدل أنه سمي حيدرة، و قد قال ابن الاثير: و قيل: بل سمته أمه حيدرة، و القصرة: أصل العنق[9] ـ عن جابر الأنصاري: «إن النبي صلي الله عليه و آله و سلم دفع الراية إلي علي عليه السلام في يوم خيبر بعد أن دعا له، فجعل يسرع السير و أصحابه يقولون له: ارقع )ارفق خ ل( حتي انتهي إلي الحصن فاجتذب بابه فألقاه علي الأرض، ثم اجتمع منا سبعون رجلا و کان جهدهم أن أعادوا الباب[10] . 6ـ قال الأزري رحمه الله و له يوم خيبر فتکات يوم قال النبي إني لاعطي فاستطالت أعناق کل فريق فدعا أين وارث العلم و الحلم أين ذو النجدة الذي لو دعته فأتاه الوصي أرمد عين و مضي يطلب الصفوف فولت و يري مرحبا بکف اقتدار و دحي بابها بقوة بأس عائذ للموملين مجيب إنما المصطفي مدينة علم و هما مقلتا العوالم يسرا 7ـ قال الفخر الرازي: «إن کل من کان أکثر علما بأحوال عالم الغيب کان أقوي قلبا و أقل ضعفا، و لهذا قال علي بن أبي طالب ـ کرم الله وجهه ـ: «و الله، ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية، و لکن بقوة ربانية»، و ذلک لأن علياـ کرم الله وجهه ـ في ذلک الوقت انقطع نظره عن عالم الأجساد و أشرقت الملائکة بأنوار عالم الکبرياء، فتقوي روحه و تشبه بجواهر الأرواح الملکية و تلألأت فيه أضواء عالم القدس و العظمة، فلا جرم حصل له من القدرة ما قدر بها علي ما لم يقدر عليه غيره، و کذلک العبد إذا واظب علي الطاعات بلغ إلي المقام الذي يقول الله: کنت له سمعا و بصرا، فإذا صار نور جلال الله سمعا له سمع القريب و البعيد، و إذا صار ذلک النور بصرا له رأي القريب و البعيد، و إذا صار ذلک النور يدا له قدر علي التصرف في الصعب و السهل و البعيد و القريب[11] . 8ـ يقول الحکيم السبزواري رحمه الله: و يقوي العمال فالهيولي فيقلب الهوا و يحدث المطر يطيعه العنصر طاعة الجسد
1ـ قال ابن أبي الحديد: «و أما القوة و الأيد، فبه يضرب المثل فيهما، قال ابن قتيبة في «المعارف»: «ما صارع أحدا قط إلا صرعه»، و هو الذي قلع باب خيبر و اجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه، و هو الذي اقتلع هبل من أعلي الکعبةـ و کان عظيما کبيرا جداـ و ألقاه إلي الأرض، و هو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته عليه السلام بيده بعد عجز الجيش کله عنها فأنبط الماء من تحتها[1] .
کليث غابات غليظ القصرة[8] .
أضرب بالسيف رقاب الکفرة
کبرت منظرا علي من رآها
رايتي ليثها و حامي حماها
ليروا أي ماجد يعطاها
مجير الأيام من بأساها
في الثريا مروعة لباها
فسقاها بريقه و شفاها
عنه علما بأنه أمضاها
أقوياء الأقدار من ضعفاها
لوحمته الأفلاک منه دحاها
سامع ما تسر من نجواها
و هو الباب من أتاه أتاها
ها علي و أحمد بمناها
تنقاد خلعا شاء أو حلولا
يبدي ء طوفانا يبيد من فجر
للنفس فالکل کجسمه يعد[12] .