الامام علي و شجاعته











الامام علي و شجاعته



1ـ عنه عليه السلام: «و الذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة علي الفراش في غير طاعة الله[1] .

قال ابن أبي الحديد: «و اعلم، أنه عليه السلام أقسم أن القتل أهون من حتف الأنف، و ذلک علي مقتضي ما منحه الله تعالي به من الشجاعة الخارقة لعادة البشر، و هو عليه السلام يحاول أن يحض أصحابه و يحرضهم ليجعل طباعهم مناسبة لطباعه و إقدامهم علي الحرب مماثلا لاقدامه علي عادة الامراء في تحريض جندهم و عسکرهم، و هيهات إنما هو کما قال أبو الطيب:


يکلف سيف الدولة الجيش همة
و قد عجزت عنه الجيوش الخضارم[2] .


و يطلب عند الناس ما عند نفسه
و ذلک ما لا تدعيه الضراغم[3] .


ليست النفوس کلها من جوهر واحد، و لا الطباع و الأمزجة کلها من نوع واحد، و هذه خاصية توجد لمن يصطفيه الله تعالي من عباده في الأوقات المتطاولة و الدهور المتباعدة و ما اتصل بنا نحن من بعد الطوفان ـ فإن التواريخ من قبل الطوفان مجهولة عندناـ أن أحدا أعطي من الشجاعة و الاقدام ما أعطيه هذا الرجل من جميع فرق العالم علي اختلافها من الترک، و الفرس، و العرب، و الروم و غيرهم...[4] .

2ـ قال العلامة ابن أبي جمهور الأحسائي: «روي جابر الأنصاري، قال: شهدت البصرة مع أميرالمؤمنين عليه السلام و القوم قد جمعوا مع المرأة سبعين ألفا، فما رأيت منهزما إلا و هو يقول: هزمني علي، و لا مجروحا إلا يقول: جرحني علي و لا من يجود بنفسه إلا و هو يقول: قتلني علي، و لا کنت في الميمنة إلا سمعت صوت علي عليه السلام، و لا في الميسرة إلا سمعت صوت علي عليه السلام، و لقد مررت بطلحةـ و هو يجود بنفسه و في صدره نبلةـ و قلت له: من رماک بهذه النبلة؟ فقال: علي بن أبي طالب.[5] .

فقلت: يا حزب بلقيس، و يا حزب إبليس! إن عليا لم يرم بالنبل و ما بيده ألا سيفه، فقال: يا جابر! أما تنظر إليه کيف يصعد في الهواء مرة، و ينزل في الأرض اخري، و ينزل من قبل المشرق، و مرة من قبل المغرب، و جعل المشارق و المغارب بين يديه شيئا واحدا فلا يمر بفارس إلا طعنه، و لا يلقي أحدا إلا قتله أو ضربه أو کبه بوجهه، أو قال: مت يا عدو الله، فيموت، فلا يفلت منه أحد[6] .

3ـ و قال ابن أبي الحديد في شرح قوله عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام: «لا تدعون إلي مبارزة، فإن دعيت إليها فأجب، فأن الداعي إليها باغ، و الباغي مصروع[7] . «قدذکر عليه السلام الحکم ثم ذکر العلة، و ما سمعنا أنه عليه السلام دعا إلي مبارزة قط، و إنما کان يدعي هو بعينه أو يدعي من يبارز فيخرج إليه فيقتله، دعا بنو ربيعة بن عبد شمس بني هاشم إلي البراز يوم بدر فخرج عليه السلام فقتل الوليد، و اشترک هو و حمزة عليهما السلام في قتل عتبة، و دعا طلحة بن أبي طلحة إلي البراز يوم أحد فخرج إليه فقتله، و دعا مرحب إلي البراز يوم خيبر فخرج إليه فقتله، فأما الخرجة التي خرجها يوم الخندق إلي عمرو بن عبدود فإنها أجل من أن يقال جليلة و أعظم من أن يقال عظيمة، و ما هي إلا کما قال شيخنا أبو الهذيل ـ و قد سأله سائل ـ: أيما أعظم منزلة عند الله، علي أم أبوبکر؟ـ فقال: يا ابن أخي! و الله لمبارزة علي عمرا يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين و الأنصار و طاعاتهم کلها تربي عليها فضلا عن أبي بکر وحده.

و قد روي عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا، بل ما هو أبلغ منه، و روي قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة بن مالک السعدي قال: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت: يا أبا عبد الله! إن الناس يتحدثون عن علي بن أبي طالب و مناقبه فيقول لهم أهل البصرة: إنکم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل، فهل أنت محدثي بحديث عنه أذکره للناس؟ فقال: يا ربيعة! و ما الذي تسألني عن علي، و ما الذي أحدثک عنه؟ و الذي نفس حذيفة بيده، لو وضع جميع أعمال أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم في کفة الميزان منذ بعث الله تعالي محمدا صلي الله عليه و آله و سلم إلي يوم الناس هذا، و وضع عمل واحد من أعمال 44 علي في الکفة الاخري، لرجح علي أعمالهم کلها... و الذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلک اليوم أعظم أجرا من أعمال أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم إلي هذا اليوم و إلي أن تقوم القيامة[8] .

4ـ أورد العلامة الحجة، الآية المرعشي في «ملحقات الاحقاق» نص المقالات في شجاعته عليه السلام و هي: «علي أشجع الناس قلبا، علي أسد الله في أرضه، علي سيف الله في أرضه، علي قاتل الکفرة، علي صاحب لواء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في الدنيا و الآخرة، علي أسد الله الغالب، علي قاتل الفجرة، علي يقاتل علي التأويل، علي أشجع العرب، علي قاتل الناکثين و القاسطين و المارقين، ان لعلي الشجاعة و الخلافة کما أن للنبي صلي الله عليه و آله و سلم الرسالة و النبوة، ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين، لا فتي إلا علي، و لا سيف إلا ذو الفقار[9] .

5ـ قال ابن الأثير: «کانت ضربات علي مبتکرات لا عونا، أي إن ضربته کانت بکرا يقتل بواحدة منها لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا، يقال: «ضربة بکر» إذا کانت قاطعة لا تثني، و العون: جمع عوان و هي في الأصل الکهلة من النساء، و يريد بها ههنا المثناة[10] .

و قال ـ أيضا: «و منه حديث علي: کان إذا تطاول قد، و إذا تقاصر قط، أي قطع طولا و قطع عرضا[11] .

و قال أيضا: «إن عليا حمل علي عسکر المشرکين فما زالوا يبقطون، أي يتعادون إلي الجبل متفرقين، بقط الرجل إذا صعد الجبل، و البقط: التفرقة[12] .

و قال ـ أيضا: «و في حديث عمر أنه سأل الاسقف عن الخلفاء، فحدثه حتي انتهي إلي نعت الرابع منهم فقال: «صدأ من حديد»، و يروي صدع، أراد دوام لبس الحديد لاتصال الحروب في أيام علي و ما مني به من مقاتلة الخوارج و البغاة، و ملابسة الامور المشکلة و الخطوب المعضلة، و لذلک قال عمر: «و ادفراه» تضجرا من ذلک و استفحاشا، و رواه أبو عبيد غير مهموز کأن الصدا لغة في الصدع هو اللطيف الجسم، أراد أن علياـ رضي الله عنه ـ خفيف يخف إلي الحروب و لا يکسل لشدة بأسه و شجاعته[13] .









  1. نهج البلاغة، الخطبة. 122.
  2. جمع خضرم ـ بالکسرـ و هو الکبير العظيم.
  3. جمع ضرغام، و هو الأسد.
  4. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 7: ص 301»؟.
  5. کذا، و التاريخ علي القول بقتل مروان له. )م(.
  6. المجلي، ص 410.
  7. نهج البلاغة، الخطبة. 233»،.
  8. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 19: ص 60.

    في «بحر المعارف»: سئل الصادق عليه السلام عن هذا، قال: «أنا من الثقلين»..

  9. احقاق الحق، ج 8: ص 319.
  10. ابن أثير: النهاية، ج 1: ص 149/ «بکر».
  11. المصدر، ج 4: ص 21/ «قط».
  12. المصدر، ج 1: ص 145/ «بقط».
  13. ابن أثير: النهاية، ج 3: ص 15/ «صد».