جود الإمام علي و سخاؤه
و روي المفسرون أنه لم يکن يملک إلا أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا و بدرهم نهارا و بدرهم سرا و بدرهم علانية، فأنزل فيه:/ الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار سرا و علانية/[2] ، و روي عنه أنه کان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتي مجلت يده، و يتصدق بالاجرة و يشد علي بطنه حجرا. و قال الشعبي ـ و قد ذکره عليه السلام ـ: «کان أسخي الناس، کان علي الخلق الذي يحبه الله السخاء و الجود، ما قال «لا» لسائل قط، و قال عدوه و مبغضه الذي يجتهد في وصمه و عيبه معاوية بن أبي سفيان لمحفن بن أبي محفن الضبي لما قال له: جئتک من عند أبخل الناس، فقال: «ويحک! کيف تقول إنه أبخل الناس؟ )و هوالذي( لو ملک بيتا من تبر، و بيتا من تبن لأنفد تبره قبل تبنه» و هو الذي کان يکنس بيوت الأموال و يصلي فيها، و هو الذي قال: يا صفراء! و يا بيضاء، غري غيري، و هو الذي لم يخلف ميراثا و کانت الدنيا کلها بيده إلا ما کان من الشام[3] . 2ـ روي الحافظ ابن عساکر بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عنه عليه السلام: «جاء رجل فقال: يا أميرالمؤمنين! أن لي إليک حاجة فرفعتها إلي الله قبل أن أرفعها إليک، فإن أنت قضيتها حمدت الله و شکرتک، و إن أنت لم تقضها حمدت الله و عذرتک، فقال علي: اکتب علي الأرض فإني أکره أن أري ذل السؤال في وجهک، فکتب: إني محتاج، فقال علي عليه السلام: علي بحلة، فاتي بها، فأخذها الرجل فلبسها، ثم أنشأ يقول: کسوتني حلة تبلي محاسنها إن نلت حسن ثنائي نلت مکرمة إن الثناء ليحيي ذکر صاحبه لا تزهد الدهر في زهو[5] تواقعه فقال علي عليه السلام: علي بالدنانير، فاتي بمائة دينار فدفعها إليه، فقال الأصبغ: فقلت: يا أميرالمؤمنين! حلة و مائة دينار؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «أنزلوا الناس منازلهم»، و هذه منزلة هذا الرجل عندي[6] . 3ـ جاء سائل إلي علي رضي الله عنه فنظر إليه و قد تغير وجهه من الحياء، فقال علي رضي الله عنه: اکتب حاجتک علي الأرض حتي لا أري ذل المسألة في وجهک، فکتب: لم يبق لي شي ء يباع بدرهم إلا بقية ماء وجه صنته فأمر علي رضي الله عنه بجمل يحمل ذهبا و فضة، ثم قال علي رضي الله عنه: عاجلتنا فأتاک عاجل برنا فخذ القليل و کن کأنک لم تبع 4ـ أبو السعادات في «فضائل العترة»: «روي أن عليا عليه السلام کان يحارب رجلا من المشرکين، فقال المشرک: يا ابن أبي طالب! هبني سيفک، فرماه إليه، فقال المشرک: عجبا، يا ابن أبي طالب! في مثل هذا الوقت تدفع إلي سيفک؟! فقال: يا هذا، إنک مددت يد المسألة إلي، و ليس من الکرم أن يرد السائل، فرمي الکافر نفسه إلي الأرض، و قال: هذه سيرة أهل الدين، فقبل قدمه و أسلم[9] .
1ـ قال ابن أبي الحديد: «و أما السخاء و الجود، فحاله فيه ظاهرة، کان يصوم و يطوي و يؤثر بزاده، و فيه انزل:/ و يطعمون الطعام علي حبه مسکينا و يتيما و أسيرا إنما نطعمکم لوجه الله لا نريد منکم جزاء و لا شکورا/[1] .
فسوف أکسوک من حسن الثنا حللا
و لست تبغي بما قد قلته بدلا
کالغيث يحيي نداه[4] السهل و الجبلا
فکل عبد سيجزي بالذي عملا
تغنيک حالة منظري عن مخبري
أن لا يباع و نعم أنت المشتري
فلا[7] و لو أمهلتنا لم تقتر
ما صنته و کأننا لم نشتر[8] .