الاستدراك











الاستدراک



1ـ صحيح البخاري

روي هذا الحديث:

«کنا نغزو مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ليس معنا نساء، فقلنا، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلک، ثم رخص لنا أن ننکح المرأة بالئوب إلي أجل: ثم قرأ عبد الله:/ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لکم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين/»[1] .

رواها عن البخاري جماعة من المحدثين، و المفسرين، و الفقهاء بهذا النص، و لکن الموجود في صحيح البخاري المتداول: الجزء 6 الصفحة 53 يخالف ما ذکره هؤلاء من وجهين:

1ـ حذف کلمه: «ابن مسعود» من سند الحديث ـ و قد ذکره معظمهم ـ لأنه کان يقول بجواز المتعة، حتي لا تکون قرينة علي أن المراد بهذه الرواية هو جواز نکاح المتعة و ترخيصه.

2ـ حذف کلمة: «إلي أجل» من آخر الرواية، لأنها صريحة في ترخيص نکاح المتعة، کما فهمها الشراح و فسروها، لأن الترخيص في النکاح ـ في هذا المورد ـ لا بد و أن يکون ترخيصا لنکاح المتعة، دون النکاح الدائم، خاصة و إن المقصود من: «ليس معنا نساء» أي نساؤنا و زوجاتنا، لا مطلق النساء، و إلا لم يکن معني للترخيص في النکاح في تلک لحالة، و يؤيد ذلک ما ورد في بعض المصادر: «ليس لنا نساء».

و لدلالة هذه الرواية علي نکاح المتعة ادعي غير واحد من الفقهاء نسخ هذا الحکم الثابت في هذه الرواية بتحريم نکاح المتعة بعد ذلک بروايات أخري تفيد تحريمها.

و مع أن ذلک لا يتم لهم لأسباب مرت عليک ـ عند مناقشة تلک الروايات في آية المتعةـ فإن يد التحريف تناولت هذة الرواية فغيرتها عما کانت عليه من الصحة. ألا قاتل الله التحريف، و أهواء المحرفين!

و من المحدثين، و المفسرين، و الفقهاء الذين رووا الحديث المذکور عن البخاري علي وجه الصحة هم:

المصدر/ الجزء/ الصفحة/ طبعة

أ/ البيهقي/ في سننه/ 7/ 200/ حيدر آباد

ب/ السيوطي/ في تفسيره/ 2/ 207/ الميمنية بمصر

ج/ الزيلعي/ في نصب الراية/ 3/ 180/ دار التأليف بمصر

د/ ابن تيمية/ في المنتقي/ 2/ 517/ الحجازي بمصر

ه/ ابن القيم/ في زاد المعاد/ 4/ 8/ محمد علي صبيح بمصر

و/ القنوچي/ في الروضة الندية/ 2/ 16/ المنيرية بمصر

ز/ محمد بن سليمان/ في جميع الفوائد/ 1/ 589/ دار التأليف بمصر

و لهذه الرواية مصادر أخري و هي:

الجزء/ الصفحة/ طبعة

ح/ مسند أحمد/ 1/ 420/ مصر 1313

ط/ تفسير القرطبي/ 5/ 130/ مصر 1356

ي/ تفسير ابن کثير/ 2/ 87/ مصر علي الباقي

ک/ أحکام القرآن/ 2/ 184/ مصر 1347

ل/ الاعتبار للخازمي/ ـ/ 176/ حيدر آباد

و هناک مصادر اخري کصحيح أبي حاتم البستي و غير ذلک من امهات المصادر[2] .

2ـ المعارف لابن قتيبة قال الکنجي الشافعي )المقتول سنه 658( في «کفاية الطالب» في ذکر عدد أولاده عليه السلام: کان له من سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله و سلم و امها سيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي: الحسن و الحسين و زينب الکبري و ام کلثوم الکبريـ و ساق الکلام إلي أن قال: ـ و زاد علي الجمهور و قال: و ان فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبي ذکرا کان سماه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم محسنا. و هذا شي ء لا يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة[3] .

و أيضا قال محمد بن علي بن شهر آشوب )المتوفي سنة 588( في «مناقب آل ابي طالب»: و أولادها الحسن و الحسين و المحسن سقط، و في «معارف القتيبي» إن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي، و زينب و ام کلثوم[4] و لکن مع الأسف الموجود في الطبعات التي بين أيدينا من المعارف هکذا: «و أما محسن بن علي فهلک و هو صغير». هذه خيانة عظيمة و جناية کبيرة علي الکتب و معارف الدين.

3ـ قال ابن ابي الحديد المعتزلي في «شرح النهج» )ج 4: ص 68/ بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم(: روي سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن قاسم، عن عمر بن عبد الغفار: إن أبا هريرة لما قدم الکوفة مع معاوية کان يجلس بالعشيات بباب کندة، و يجلس الناس إليه، فجاء شاب من الکوفة فجلس إليه، فقال: يا أبا هريرة! أنشدک الله، أسمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول لعلي بن أبي طالب: «اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه»؟ فقال: اللهم نعم، قال: فأشهد بالله لقد واليت عدوه و عاديت وليه. ثم قام عنه.

و روت الرواة أن أبا هريرة کان يؤاکل الصبيان في الطريق و يلعب معهم و کان يخطب و هو أمير المدينة فيقول: الحمد لله الذي جعل الدين قياما، و أبا هريرة إماما. يضحک الناس بذلک، و کان يمشي و هو أمير المدينة في السوق فإذا انتهي إلي رجل يمشي أمامه ضرب برجليه الأرض، و يقول: الطريق الطريق، قد جاء الأميرـ يعني نفسه ـ.

قلت: قد ذکر ابن قتيبة هذا کله في کتاب المعارف في ترجمة أبي هريرة و قوله فيه حجة لأنه غير متهم عليه. انتهي.

قال العلامة الأميني ـ قدس الله روحه ـ بعد نقل هذا الکلام في «الغدير» )ج 1: ص 204(: هذا کله قد أسقطته عن کتاب «المعارف» )ط مصر، ص 1353 ه( يد التحريف اللاعبة به، و کم فعلت هذه اليد الأمينة لدة هذه في عدة موارد منه کما أنها أدخلت فيه ما ليس منه. انتهي.

4ـ قال ابن ابي الحديد في )ج 19: ص 217(: المشهور إن عليا عليه السلام ناشد الناس الله في الرحبة بالکوفة فقال: أنشدکم الله! رجلا سمع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول لي و هومنصرف عن حجة الوداع: «من کنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه». فقام رجال فشهدوا بذلک، فقال عليه السلام لأنس بن مالک: لقد حضرتها فما بالک؟! فقال: يا أميرالمؤمنين! کبرت سني و صار ما أنساه أکثر مما أذکره. فقال له عليه السلام: إن کنت کاذبا فضربک الله بها بيضاء لا تواريها العمامة. فما مات حتي أصابه البرص ـ و ساق الکلام إلي أن قال: ـ و قد ذکر ابن قتيبة حديث البرص و الدعوة التي دعا بها أميرالمؤمنين عليه السلام علي أنس بن مالک في کتاب «المعارف» في باب البرص من أعيان الرجال، و ابن قتيبة غير متهم في حق علي عليه السلام علي المشهور من انحرافه عنه.

قال العلامة الأميني رحمه الله في «الغدير» )ج 1: ص 192( بعد نقل بعض هذا الکلام من «معارف» ابن قتيبة: و هو يکشف عن جزمه بصحة العبارة و تطابق النسخ علي ذلک کما يظهر من غيره أيضا ممن نقل هذه الکلمة عن کتاب «المعارف» لکن اليد الأمينة علي ودايع العلماء في کتبهم في المطابع المصرية دست في الکتب ما ليس منه فزادت بعد القصة ما لفظه: قال أبو محمد: ليس لهذا أصل. ذهولا عن أن سياق الکلام يعرب عن هذه الجناية، و يأبي هذه الزيادة إذ المؤلف يذکر فيه من مصاديق کل موضوع ما هو المسلم عنده، و لا يوجد من أول الکتاب إلي آخره حکم في موضوع بنفي شي ء من مصاديقه بعد ذکره إلا هذه. فأول رجل يذکر في عد من کان عليه البرص هو أنس ثم يعد من دونه. فهل يمکن أن يذکر مؤلف في إثبات ما يرتأيه مصداقا ثم ينکره بقوله لا أصل له؟ و ليس هذا التحريف في کتاب «المعارف» بأول في بابه...

5ـ تاريخ اليعقوبي قال ابن واضح في تاريخه )ج 2: ص 35، ط الحيدريةـ النجف الأشرف( بتحقيق العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم: و نزل عليه: من القرآن بالمدينة اثنتان و ثلاثون سورةـ إلي أن قال: ـ و قد قيل إن آخر ما نزل عليه/ اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الإسلام دينا/ و هي الرواية الصحيحة الثابتة الصريحة و کان نزولها يوم النص علي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ بغدير خم.

و لکن الموجود في طبعه دار صادر )ط بيروت، ج 2: ص 43(: و کان نزولها يوم النفر علي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد ترحم.

6ـ صحيح الترمذي قال العلامة الحلي رحمه الله في «نهج الحق» )ص 283، ط بيروت( بتحقيق الحجة الشيخ فرج الله في مطاعن الثاني: «في صحيح الترمذي، قال: سئل ابن عمر عن متعة النساء فقال: هي حلال، و کان السائل من أهل الشام فقال له: إن أباک قد نهي عنها! فقال ابن عمر: إن کان أبي قد نهي عنها وضعها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، نترک السنة، و نتبع قول أبي؟!».

أقول: نقل هذا الحديث بنصه و عينه الشهيد الثاني في «شرح اللمعة» في الفصل الرابع في نکاح المتعة )ط النجف، ج 5: ص 283( إلا جاء بدل «وضعها رسول الله» و «قد سنها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم». وـ أيضاـ جاء الحديث في جواهر الکلام )ج 30: ص 145( في النکاح المنقطع و شرعيته في الإسلام نقلا عن «صحيح الترمذي» و لکن ما کان الموجود في صحيح الترمذي في باب ما جاء في نکاح المتعة حديثان 1130 و 1131 يدلان علي حرمة نکاح المتعة و ليس للحديث المذکور الذي نقله الأعلام أثر و لا غبار. فراجع البتحفة الأحوذي في شرح جامع الترمذي» )ط بيروت ـ دار المعرفة(.

7ـ حديث الخلافة قال عليه السلام: و اعجباه! أتکون الخلافة بالصحابة و القرابة؟ و روي له شعرا في هذا المعني:


فإن کنت بالشوري ملکت أمورهم
فکيف بهذا و المشيرون غيب


و إن کنت بالقربي حججت خصيمهم
فغيرک أولي بالنبي و أقرب


و لکن الموجود في شرح ابن ابي الحديد المعتزلي )ج 18: ص 416( هکذا: «و اعجباه! أن تکون الخلافة بالصحابة، و لا تکون بالصحابة و القرابة؟، و هکذا في «شرح النهج» للعلامة مولي صالح القزويني )ج 4: ص 180، ط اسلامية(، و ما کان في شرح المعتزلي و القزويني هو الصحيح.

8ـ کتاب مسند احمد بن حنبل قال العلامة الحلي رحمه الله في «نهج الحق و کشف الصدق»: )217 و 218(: «في «مسند» أحمد بن حنبل من عدة طرق: أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم آخي بين الناس و ترک عليا حتي بقي آخرهم لا يري له أخا، فقال: يا رسول الله! آخيت بين أصحابک و ترکتني! فقال: إنما ترکتک لنفسي، أنت اخي و أنا أخوک، فإن ذکرک أحد فقل: أنا عبد الله و أخو رسوله، لا يدعيها بعدک إلا کذاب، و الذي بعثني بالحق! ما أخرتک إلا لنفسي، و أنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي...».

قال العلامة المظفر رحمه الله في ذيل هذا الکلام: نقل في «ينابيع المودة» )في الباب التاسع( حديث المؤاخاة عن أحمد في مسنده عن زيد بن أبي أوفي کما نقله المصنف رحمه الله في «منهاج الکرامة» عن المسند ـ ايضاـ إلي أن قال: ـ ثم حکي في «الينابيع» ـ ايضاـ عن أحمد في مسنده، عن حذيفة بن اليمان، قال: «آخي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بين المهاجرين و الأنصار و کان يؤاخي بين الرجل و نظيره، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فقال: هذا أخي». و حکي ـ أيضاـ عن عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» ثمانية احاديث في مؤاخاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام فيمکن أن يکون المصنف رحمه الله أشار إلي هذه الأحاديث بقوله: من عده طرق. و کان القوم قد تعللوا لحذفها من «المسند» في الطبع بدعوي أنها من الزيادات، فإني لم أعثر علي شي ء منها[5] ـ کتاب صحيح مسلم و قال ـ أيضاـ رحمه الله )في ص 569(: و ذکر الحاکم[6] : إن مسلما أخرج حديث أبي موسي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «خير نساء العالمين أربع» و لم أجده في صحيح مسلم لا في فضائل خديجة، و لا في فضائل فاطمة عليها السلام. نعم، روي في فضائل خديجة )ج 7: ص 123( عن أبي موسي: «لم يکمل من النساء غير مريم و آسية، و إن فضل عائشة علي النساء کفضل الثريد علي سائر الطعام». فلعل النساخ حرفوا الحديث إيثارا لعائشة بالفضل کما يشهد له أن هذا الحديث لم يشتمل علي ذکر خديجة فکيف أخرجه مسلم في فضائلها و لو لم يکن أصل لما ذکره الحاکم لتعقبه الذهبي في تلخيصه ـ و ساق الکلام إلي أن قال رحمه الله: ـ و قد رغب بعض القوم أن يعارض حديث سيادة الزهراء عليهما السلام بما وضعه علي لسان النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «فضل عائشة علي النساء کفضل الثريد علي سائر الطعام»، و هو ظاهر الوضع، إذ لا يحسن نسبة هذا التشبيه الواهي إلي من اعطي جوامع الکلم و کان أفصح من نطق بالضاد، و کيف لا يجزم بکذبه من عرف طريقة النبي صلي الله عليه و آله و سلم في لطف کلامه و حسن بيانه و بديع تشبيهاته؟ و أين هو من قوله: «فاطمة سيدة نساء العالمين»؟ و ليت شعري أيکون الفضل جزافا؟ و قد خالفت أمر الله في کتابه بقرارها في بيتها و قد خرجت علي إمام زمانها الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «حربک حربي»، و جاهرت بعداوته و قد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم فيه: «من عاداک عاداني، و من عاداني عاد الله». و استمرت علي بغضه و قد جعل الرسول بغضه دليل علي النفاق، و قال فيه: «من أبغضک أبغضني، و من أبغضني أبغض الله».

و الشاهد أو المؤيد علي ما قلنا ما جاء في ملحقات إحقاق الحق للعلامة المرعشي رحمه الله:









  1. المائدة، 87:5.
  2. السيد الامام الخوئي: البيان في تفسير القرآن، قسم التعليقات )7(، ص 546.
  3. الکنجي: کفاية الطالب، ص 411، ط الحيدريةـ النجف الأشرف.
  4. ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب، ج 3: ص 358.
  5. المظفر: دلائل الصدق، ج 2: ص 414، ط القاهرة.
  6. النيسابوري: المستدرک علي الصحيحين، ج 3: ص 154، مطبوعات الاسلاميةـ حلب.