حكم و مواعظ أمير المؤمنين عهده إلي مالك الأشتر











حکم و مواعظ أمير المؤمنين عهده إلي مالک الأشتر



«بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالک بن الحارث الأشتر في عهده إليه، حين ولاه مصر: جباية خراجها، و جهاد عدوها، و استصلاح أهلها، و عمارة بلادها.

أمره بتقوي الله، و إيثار طاعته، و اتباع ما أمر به في کتابه: من فرائضه و سننه، التي لا يسعد أحد إلا باتباعها، و لا يشقي إلا مع جحودها و إضاعتها، و أن ينصر الله سبحانه بقلبه و يده و لسانه، فإنه، جل اسمه، قد تکفل بنصر من نصره، و إعزاز من أعزه.

و أمره أن يکسر نفسه من الشهوات، و يزعها[1] عند الجمحات[2] ، فإن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الله.

ثم اعلم يا مالک! أني قد وجهتک إلي بلاد قد جرت عليها دول قبلک، من عدل و جور، و أن الناس ينظرون من أمورک في مثل ما کنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلک، و يقولون فيک ما کنت تقول فيهم، و إنما يستدل علي الصالحين بما يجري الله لهم علي ألسن عباده، فليکن أحب الذخائر إليک ذخيرة العمل الصالح، فاملک هواک، و شح[3] بنفسک عما لا يحل لک، فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو کرهت.و أشعر قلبک الرحمة للرعية، و المحبة لهم، و اللطف بهم، و لا تکونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أکلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لک في الدين، أو نظير لک في الخلق، يفرط[4] منهم الزلل[5] ، و تعرض لهم العلل، و يؤتي علي أيديهم في العمد و الخطإ، فأعطهم من عفوک و صفحک مثل الذي تحب و ترضي أن يعطيک الله من عفوه و صفحه، فإنک فوقهم، و والي الأمر عليک فوقک، و الله فوق من ولاک! و قد استکفاک أمرهم[6] ، و ابتلاک بهم.و لا تنصبن نفسک لحرب الله[7] فإنه لا يد لک بنقمته[8] ، و لا غني بک عن عفوه و رحمته.و لا تندمن علي عفو، و لا تبجحن[9] بعقوبة، و لا تسرعن إلي بادرة[10] وجدت منها مندوحة[11] ، و لا تقولن: إني مؤمر[12] آمر فأطاع، فإن ذلک إدغال[13] في القلب، و منهکة[14] للدين، و تقرب من الغير[15] و إذا أحدث لک ما أنت فيه من سلطانک أبهة[16] أو مخيلة[17] ، فانظر إلي عظم ملک الله فوقک، و قدرته منک علي ما لا تقدر عليه من نفسک، فإن ذلک يطامن[18] إليک من طماحک[19] ، و يکف عنک من غربک[20] ، و يفي ء[21] إليک بما عزب[22] عنک من عقلک!

إياک و مساماة[23] الله في عظمته، و التشبه به في جبروته، فإن الله يذل کل جبار، و يهين کل مختال.

أنصف الله و أنصف الناس من نفسک، و من خاصة أهلک، و من لک فيه هوي[24] من رعيتک، فإنک إلا تفعل تظلم! و من ظلم عباد الله کان الله خصمه دون عباده، و من خاصمه الله أدحض[25] حجته، و کان لله حربا[26] حتي ينزع[27] أو يتوب.و ليس شي ء أدعي إلي تغيير نعمة الله و تعجيل نقمته من إقامة علي ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، و هو للظالمين بالمرصاد.

و ليکن أحب الأمور إليک أوسطها في الحق، و أعمها في العدل، و أجمعها لرضي الرعية، فإن سخط العامة يجحف[28] برضي الخاصة، و إن سخط الخاصة يغتفر مع رضي العامة.و ليس أحد من الرعية أثقل علي الوالي مؤونة في الرخاء.و أقل معونة له في البلاء، و أکره للإنصاف، و أسأل بالإلحاف[29] ، و أقل شکرا عند الإعطاء، و أبطأ عذرا عند المنع، و أضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصة. و إنما عماد الدين، و جماع[30] المسلمين، و العدة للأعداء، العامة من الأمة، فليکن صغوک[31] لهم، و ميلک معهم.

و ليکن أبعد رعيتک منک، و أشنأهم[32] عندک، أطلبهم[33] لمعائب الناس، فإن في الناس عيوبا، الوالي أحق من سترها، فلا تکشفن عما غاب عنک منها، فإنما عليک تطهير ما ظهر لک، و الله يحکم علي ما غاب عنک، فاستر العورة ما استطعت يستر الله منک ما تحب ستره من رعيتک.أطلق[34] عن الناس عقدة کل حقد، و اقطع عنک سبب کل وتر[35] ، و تغاب[36] عن کل ما لا يضح[37] لک، و لا تعجلن إلي تصديق ساع، فإن الساعي[38] غاش، و إن تشبه بالناصحين.

و لا تدخلن في مشورتک بخيلا يعدل بک عن الفضل[39] ، و يعدک الفقر[40] ، و لا جبانا يضعفک عن الأمور، و لا حريصا يزين لک الشره[41] بالجور، فإن البخل و الجبن و الحرص غرائز شتي[42] يجمعها سوء الظن بالله.

إن شر و زرائک من کان للأشرار قبلک وزيرا، و من شرکهم في الآثام فلا يکونن لک بطانة[43] ، فإنهم أعوان الأثمة[44] ، و إخوان الظلمة[45] ، و أنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم و نفاذهم، و ليس عليه مثل آصارهم[46] و أوزارهم[47] و آثامهم، ممن لم يعاون ظالما علي ظلمه، و لا آثما علي إثمه، أولئک أخف عليک مؤونة، و أحسن لک معونة، و أحني عليک عطفا، و أقل لغيرک إلفا[48] ، فاتخذ أولئک خاصة لخلواتک و حفلاتک، ثم ليکن آثرهم عندک أقولهم بمر الحق لک، و أقلهم مساعدة فيما يکون منک مما کره الله لأوليائه، واقعا ذلک من هواک حيث وقع.و الصق بأهل الورع و الصدق، ثم رضهم[49] علي ألا يطروک و لا يبجحوک[50] بباطل لم تفعله، فإن کثرة الإطراء تحدث الزهو[51] ، و تدني[52] من العزة.

و لا يکونن المحسن و المسي ء عندک بمنزلة سواء، فإن في ذلک تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، و تدريبا لأهل الإساءة علي الإساءة! و ألزم کلا منهم ما ألزم نفسه.و اعلم أنه ليس شي ء بأدعي إلي حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم، و تخفيفه المؤونات عليهم، و ترک استکراهه إياهم علي ما ليس له قبلهم[53] فليکن منک في ذلک أمر يجتمع لک به حسن الظن برعيتک، فإن حسن الظن يقطع عنک نصبا[54] طويلا.و إن أحق من حسن ظنک به لمن حسن بلاؤک عنده، و إن أحق من ساء ظنک به لمن ساء بلاؤک عنده[55] .

و لا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، و اجتمعت بها الألفة، و صلحت عليها الرعية. و لا تحدثن سنة تضر بشي ء من ماضي تلک السنن، فيکون الأجر لمن سنها، و الوزر عليک بما نقضت منها.

و أکثر مدارسة العلماء، و مناقشة الحکماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادک، و إقامة ما استقام به الناس قبلک.

و اعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، و لا غني ببعضها عن بعض: فمنها جنود الله، و منها کتاب العامة و الخاصة، و منها قضاة العدل، و منها عمال الإنصاف و الرفق، و منها أهل الجزية و الخراج من أهل الذمة و مسلمةالناس، و منها التجار و أهل الصناعات، و منها الطبقة السفلي من ذوي الحاجة و المسکنة، و کل قد سمي الله له سهمه[56] ، و وضع علي حده فريضة في کتابه أو سنة نبيهـصلي الله عليه و آله و سلمـعهدا منه عندنا محفوظا.

فالجنود، بإذن الله، حصون الرعية، و زين الولاة، و عز الدين، و سبل الأمن، و ليس تقوم الرعية إلا بهم.ثم لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به علي جهاد عدوهم، و يعتمدون عليه فيما يصلحهم، و يکون من وراء حاجتهم[57] ثم لا قوام لهذين الصنفين إلا بالصنف الثالث من القضاة و العمال و الکتاب، لما يحکمون من المعاقد[58] ، و يجمعون من المنافع، و يؤتمنون عليه من خواص الأمور و عوامها.و لا قوام لهم جميعا إلا بالتجار و ذوي الصناعات، فيما يجتمعون عليه من مرافقهم[59] ، و يقيمونه من أسواقهم، و يکفونهم من الترفق[60] بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم.ثم الطبقة السفلي من أهل الحاجة و المسکنة الذين يحق رفدهم[61] و معونتهم.و في الله لکل سعة، و لکل علي الوالي حق بقدر ما يصلحه، و ليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلک إلا بالإهتمام و الإستعانة بالله، و توطين نفسه علي لزوم الحق، و الصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل.فول من جنودک أنصحهم في نفسک لله و لرسوله و لإمامک، و أنقاهم جيبا[62] ، و أفضلهم حلما[63] ، ممن يبطئ عن الغضب، و يستريح إلي العذر، و يرأف بالضعفاء، و ينبو علي الأقوياء[64] ، و ممن لا يثيره العنف، و لا يقعد به الضعف.

ثم الصق بذوي المروءات و الأحساب، و أهل البيوتات الصالحة، و السوابق الحسنة، ثم أهل النجدة و الشجاعة، و السخاء و السماحة، فإنهم جماع[65] من الکرم، و شعب[66] من العرف[67] ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما، و لا يتفاقمن[68] في نفسک شي ء قويتهم به، و لا تحقرن لطفا[69] تعاهدتهم به و إن قل، فإنه داعية لهم إلي بذل النصيحة لک، و حسن الظن بک.و لا تدع تفقد لطيف أمورهم اتکالا علي جسيمها، فإن لليسير من لطفک موضعا ينتفعون به، و للجسيم موقعا لا يستغنون عنه.

و ليکن آثر[70] رؤوس جندک من واساهم[71] في معونته، و أفضل[72] عليهم من جدته[73] ، بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف[74] أهليهم، حتي يکون همهم هماواحدا في جهاد العدو، فإن عطفک عليهم يعطف قلوبهم عليک، و إن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، و ظهور مودة الرعية.و إنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم، و لا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم[75] علي ولاة الأمور، و قلة استثقال دولهم، و ترک استبطاء انقطاع مدتهم، فافسح في آمالهم، و واصل في حسن الثناء عليهم، و تعديد ما أبلي ذوو البلاء[76] منهم، فإن کثرة الذکر لحسن أفعالهم تهز الشجاع، و تحرض الناکل[77] ، إن شاء الله.

ثم اعرف لکل امرئ منهم ما أبلي، و لا تضمن بلاء[78] امرئ إلي غيره، و لا تقصرون به دون غاية بلائه، و لا يدعونک شرف امرئ إلي أن تعظم من بلائه ما کان صغيرا، و لا ضعة امرئ إلي أن تستصغر من بلائه ما کان عظيما.

و اردد إلي الله و رسوله ما يضلعک[79] من الخطوب، و يشتبه عليک من الأمور، فقد قال الله تعالي لقوم أحب إرشادهم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منکم فإن تنازعتم في شي ء فردوه إلي الله و الرسول) فالرد إلي الله: الأخذ بمحکم کتابه[80] ، و الرد إلي الرسول: الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة.

ثم اختر للحکم بين الناس أفضل رعيتک في نفسک، ممن لا تضيق به الأمور، و لا تمحکه[81] الخصوم، و لا يتمادي[82] في الزلة[83] ، و لا يحصر[84] من الفي ء[85] إلي الحق إذا عرفه، و لا تشرف[86] نفسه علي طمع، و لا يکتفي بأدني فهم دون أقصاه[87] ، و أوقفهم في الشبهات[88] ، و آخذهم بالحجج، و أقلهم تبرما[89] بمراجعة الخصم، و أصبرهم علي تکشف الأمور، و أصرمهم[90] عند اتضاح الحکم، ممن لا يزدهيه إطراء[91] ، و لا يستميله إغراء، و أولئک قليل.ثم أکثر تعاهد[92] قضائه، و افسح له في البذل[93] ما يزيل علته، و تقل معه حاجته إلي الناس، و أعطه من المنزلة لديک ما لا يطمع فيه غيره من خاصتک، ليأمن بذلک اغتيال الرجال له عندک.فانظر في ذلک نظرا بليغا، فإن هذا الدين قد کان أسيرا في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوي، و تطلب به الدنيا.

ثم انظر في أمور عمالک فاستعملهم اختبارا[94] ، و لا تولهم محاباة[95] و أثرة[96] ، فإنهما جماع من شعب[97] الجور و الخيانة.و توخ[98] منهم أهل التجربة و الحياء، من أهل البيوتات الصالحة، و القدم[99] في الإسلام المتقدمة، فإنهم أکرم أخلاقا، و أصح أعراضا، و أقل في المطامع إشراقا، و أبلغ في عواقب الأمور نظرا.ثم أسبغ[100] عليهم الأرزاق، فإن ذلک قوة لهم علي استصلاح أنفسهم، و غني لهم عن تناول ما تحت أيديهم، و حجة عليهم إن خالفوا أمرک أو ثلموا أمانتک[101] ثم تفقد أعمالهم، و ابعث العيون[102] من أهل الصدق و الوفاء عليهم، فإن تعاهدک في السر لأمورهم حدوة لهم[103] علي استعمال الأمانة، و الرفق بالرعية.و تحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلي خيانة اجتمعت بها عليه عندک أخبار عيونک، اکتفيت بذلک شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، و أخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذلة، و وسمته بالخيانة، و قلدته عار التهمة.

و تفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإن في صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن سواهم، و لا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس کلهم عيال علي الخراج و أهله.و ليکن نظرک في عمارة الأرض أبلغ من نظرک في استجلاب الخراج، لأن ذلک لا يدرک إلا بالعمارة، و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، و أهلک العباد، و لم يستقم أمره إلا قليلا.فإن شکوا ثقلا أو علة[104] ، أو انقطاع شرب[105] أو بالة[106] ، أو إحالة أرض[107] اغتمرها[108] غرق، أو أجحف[109] بها عطش، خففت عنهم بما ترجوا أن يصلح به أمرهم، و لا يثقلن عليک شي ء خففت به المؤونة عنهم، فإنه ذخر يعودون به عليک في عمارة بلادک، و تزيين ولايتک، مع استجلابک حسن ثنائهم، و تبجحک[110] باستفاضة[111] العدل فيهم، معتمدا فضل قوتهم[112] ، بما ذخرت[113] عندهم من إجمامک[114] لهم و الثقة منهم بما عودتهم من عدلک عليهم و رفقک بهم، فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، و إنما يؤتي خراب الأرض من إعواز[115] أهلها، و إنما يعوز أهلهالإشراف أنفس الولاة علي الجمع[116] ، و سوء ظنهم بالبقاء، و قلة انتفاعهم بالعبر.

ثم انظر في حال کتابک، فول علي أمورک خيرهم، و اخصص رسائلک التي تدخل فيها مکائدک و أسرارک بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ممن لا تبطره[117] الکرامة، فيجترئ بها عليک في خلاف لک بحضرة ملإ[118] ، و لا تقصر به الغفلة[119] عن إيراد مکاتبات عمالک عليک، و إصدار جواباتها علي الصواب عنک، فيما يأخذ لک و يعطي منک، و لا يضعف عقدا اعتقده لک[120] ، و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليک[121] ، و لا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور، فإن الجاهل بقدر نفسه يکون بقدر غيره أجهل.

ثم لا يکن اختيارک إياهم علي فراستک[122] و استنامتک[123] و حسن الظن منک، فإن الرجال يتعرضون لفراسات[124] الولاة بتصنعهم[125] و حسن خدمتهم، و ليس وراء ذلک من النصيحة و الأمانة شي ء.و لکن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلک، فاعمد لأحسنهم کان في العامة أثرا، و أعرفهم بالأمانة وجها، فإن ذلک دليل علي نصيحتک لله و لمن وليت أمره.و اجعل لرأس کل أمر من أمورک رأسا منهم، لا يقهره کبيرها، و لا يتشتت عليه کثيرها، و مهما کان في کتابک من عيب فتغابيت[126] عنه ألزمته.

ثم استوص بالتجار و ذوي الصناعات، و أوص بهم خيرا: المقيم منهم و المضطرب بماله[127] ، و المترفق[128] ببدنه، فإنهم مواد المنافع، و أسباب المرافق[129] ، و جلابها من المباعد و المطارح[130] ، في برک و بحرک، و سهلک وجبلک، و حيث لا يلتئم الناس لمواضعها[131] ، و لا يجترئون عليها، فإنهم سلم[132] لا تخاف بائقته[133] ، و صلح لا تخشي غائلته.و تفقد أمورهم بحضرتک و في حواشي بلادک.و اعلمـمع ذلکـأن في کثير منهم ضيقا[134] فاحشا، و شحا[135] قبيحا، و احتکارا[136] للمنافع، و تحکما في البياعات، و ذلک باب مضرة للعامة، و عيب علي الولاة.فامنع من الاحتکار، فإن رسول اللهـصلي الله عليه و آله و سلمـمنع منه.و ليکن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، و أسعار لا تجحف بالفريقين من البائع و المبتاع[137] فمن قارف[138] حکرة[139] بعد نهيک إياه فنکل به[140] ، و عاقبه في غير إسراف[141] .

ثم الله الله في الطبقة السفلي من الذين لا حيلة لهم، من المساکين و المحتاجين و أهل البؤسي[142] و الزمني[143] ، فإن في هذه الطبقة قانعا[144] و معترا[145] ، و احفظ لله ما استحفظک[146] من حقه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت مالک، و قسما من غلات[147] صوافي[148] الإسلام في کل بلد، فإن للأقصي منهم مثل الذي للأدني، و کل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنک عنهم بطر[149] ، فإنک لا تعذر بتضييعک التافه[150] لإحکامک الکثير المهم.فلا تشخص همک[151] عنهم، و لا تصعر خدک لهم[152] ، و تفقد أمور من لا يصل إليک منهم ممن تقتحمه العيون[153] ، و تحقره الرجال، ففرغ لأولئک ثقتک[154] من أهل الخشية و التواضع.فليرفع إليک أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلي الله[155] يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلي الإنصاف من غيرهم، و کل فاعذر إلي الله في تأدية حقه إليه.و تعهد أهل اليتم و ذوي الرقة في السن[156] ممن لا حيلة له، و لا ينصب للمسألة نفسه، و ذلک علي الولاة ثقيل، و الحق کله ثقيل، و قد يخففه الله علي أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم، و وثقوا بصدق موعود الله لهم.

و اجعل لذوي الحاجات[157] منک قسما تفرغ لهم فيه شخصک، و تجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقک، و تقعد عنهم جندک و أعوانک[158] من أحراسک[159] و شرطک[160] ، حتي يکلمک متکلمهم غير متتعتع[161] ، فإني سمعت رسول اللهـصلي الله عليه و آله و سلمـيقول في غير موطن[162] : «لن تقدس[163] أمةلا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع».ثم احتمل الخرق[164] منهم و العي[165] ، و نح[166] عنهم الضيق[167] و الأنف[168] يبسط الله عليک بذلک أکناف رحمته[169] ، و يوجب لک ثواب طاعته.و أعط ما أعطيت هنيئا[170] ، و امنع في إجمال و إعذار[171] .!

ثم أمور من أمورک لا بد لک من مباشرتها: منها إجابة عمالک بما يعيا[172] عنه کتابک، و منها إصدار حاجات الناس يوم ورودها عليک بما تحرج[173] به صدور أعوانک.و أمض لکل يوم عمله، فإن لکل يوم ما فيه.و اجعل لنفسک فيما بينک و بين الله أفضل تلک المواقيت، و أجزل[174] تلک الأقسام، و إن کانت کلها لله إذا صلحت فيها النية، و سلمت منها الرعية.

و ليکن في خاصة ما تخلص به لله دينک: إقامة فرائضه التي هي له خاصة، فأعط الله من بدنک في ليلک و نهارک، و وف ما تقربت به إلي الله من ذلک کاملا غير مثلوم[175] و لا منقوص، بالغا من بدنک ما بلغ.و إذا قمت في صلاتک للناس، فلا تکونن منفردا و لا مضيعا[176] ، فإن في الناس من به العلة و له الحاجة.و قد سألت رسول اللهـصلي الله عليه و آله و سلمـحين وجهني إلي اليمن کيف أصلي بهم؟فقال: «صل بهم کصلاة أضعفهم، و کن بالمؤمنين رحيما».

و أما بعد، فلا تطولن احتجابک عن رعيتک، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، و قلة علم بالأمور، و الإحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الکبير، و يعظم الصغير، و يقبح الحسن، و يحسن القبيح، و يشاب الحق بالباطل.و إنما الوالي بشر لا يعرف ما تواري عنه الناس به من الأمور، و ليست علي الحق سمات[177] تعرف بها ضروب الصدق من الکذب، و إنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسک بالبذل[178] في الحق، ففيم احتجابک من واجب حق تعطيه، أو فعل کريم تسديه! أو مبتلي بالمنع، فما أسرع کف الناس عن مسألتک إذا أيسوا[179] من بذلک! مع أن أکثر حاجات الناس إليک مما لا مؤونة فيه عليک، من شکاة[180] مظلمة، أو طلب إنصاف في معاملة.

ثم إن للوالي خاصة و بطانة، فيهم استئثار و تطاول، و قلة إنصاف في معاملة، فاحسم[181] مادة أولئک بقطع أسباب تلک الأحوال.و لا تقطعن[182] لأحد من حاشيتک و حامتک[183] قطيعة، و لا يطمعن منک في اعتقاد[184] عقدة، تضر بمن يليها من الناس، في شرب[185] أو عمل مشترک، يحملون مؤونته علي غيرهم، فيکون مهنا[186] ذلک لهم دونک، و عيبه عليک في الدنيا و الآخرة.

و ألزم الحق من لزمه من القريب و البعيد، و کن في ذلک صابرا محتسبا، واقعا ذلک من قرابتک و خاصتک حيث وقع، و ابتغ عاقبته بما يثقل عليک منه، فإن مغبة[187] ذلک محمودة.

و إن ظنت الرعية بک حيفا[188] فأصحر[189] لهم بعذرک، و اعدل[190] عنک ظنونهم بإصحارک، فإن في ذلک رياضة[191] منک لنفسک، و رفقا برعيتک، و إعذارا[192] تبلغ به حاجتک من تقويمهم علي الحق.

و لا تدفعن صلحا دعاک إليه عدوک و لله فيه رضي، فإن في الصلح دعة[193] لجنودک، و راحة من همومک، و أمنا لبلادک، و لکن الحذر کل الحذر من عدوک بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل[194] فخذ بالحزم، و اتهم في ذلک حسن الظن.و إن عقدت بينک و بين عدوک عقدة، أو ألبسته منک ذمة[195] ، فحط[196] عهدک بالوفاء، و ارع ذمتک بالأمانة، و اجعل نفسک جنة[197] دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله شي ء الناس أشد عليه اجتماعا، مع تفرق أهوائهم، و تشتت آرائهم، من تعظيم الوفاء بالعهود.و قد لزم ذلک المشرکون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا[198] من عواقب الغدر، فلا تغدرن بذمتک، و لا تخيسن بعهدک[199] ، و لا تختلن[200] عدوک، فإنه لا يجترئ علي الله إلا جاهل شقي.و قد جعل الله عهده و ذمته أمنا أفضاه[201] بين العباد برحمته، و حريما[202] يسکنون إلي منعته[203] ، و يستفيضون إلي جواره[204] ، فلاإدغال[205] و لا مدالسة[206] و لا خداع فيه، و لا تعقد عقدا تجوز فيه العلل[207] ، و لا تعولن علي لحن قول[208] بعد التأکيد و التوثقة.و لا يدعونک ضيق أمر لزمک فيه عهد الله، إلي طلب انفساخه بغير الحق، فإن صبرک علي ضيق أمر ترجوا انفراجه و فضل عاقبته، خير من غدر تخاف تبعته، و أن تحيط بک من الله فيه طلبة[209] ، لا تستقبل فيها دنياک و لا آخرتک.

إياک و الدماء و سفکها بغير حلها، فإنه ليس شي ء أدني لنقمة، و لا أعظم لتبعة، و لا أحري بزوال نعمة، و انقطاع مدة، من سفک الدماء بغير حقها.و الله سبحانه مبتدئ بالحکم بين العباد، فيما تسافکوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانک بسفک دم حرام، فإن ذلک مما يضعفه و يوهنه، بل يزيله و ينقله.و لا عذر لک عند الله و لا عندي في قتل العمد، لأن فيه قود[210] البدن.و إن ابتليت بخطإ و أفرط عليک[211] سوطک أو سيفک أو يدک بالعقوبة، فإن في الوکزة[212] فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن[213] بک نخوة سلطانک عن أن تؤدي إلي أولياء المقتول حقهم.

و إياک و الإعجاب بنفسک، و الثقة بما يعجبک منها، و حب الإطراء[214] ، فإن ذلک من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يکون من إحسان المحسنين.

و إياک و المن علي رعيتک بإحسانک، أو التزيد[215] فيما کان من فعلک، أو أن تعدهم فتتبع موعدک بخلفک، فإن المن يبطل الإحسان، و التزيد يذهب بنور الحق، و الخلف يوجب المقت[216] عند الله و الناس.قال الله تعالي: (کبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).

و إياک و العجلة بالأمور قبل أوانها، أو التسقط[217] فيها عند إمکانها، أو اللجاجة فيها إذا تنکرت[218] ، أو الوهن[219] عنها إذا استوضحت.فضع کل أمر موضعه، و أوقع کل أمر موقعه.

و إياک و الاستئثار[220] بما الناس فيه أسوة[221] ، و التغابي[222] عما تعني به مما قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منک لغيرک.و عما قليل تنکشف عنک أغطية الأمور، و ينتصف منک للمظلوم.املک حمية أنفک[223] ، و سورة[224] حدک[225] ، و سطوة يدک، و غرب[226] لسانک، و احترس من کل ذلک بکف البادرة[227] ، و تأخير السطوة، حتي يسکن غضبک فتملک الاختيار، و لن تحکم ذلک من نفسک حتي تکثر همومک بذکر المعاد إلي ربک.

و الواجب عليک أن تتذکر ما مضي لمن تقدمک من حکومة عادلة، أو سنة فاضلة، أو أثر عن نبيناـصلي الله عليه و آله و سلمـأو فريضة في کتاب الله، فتقتدي بما شاهدت مما عملنا به فيها، و تجتهد لنفسک في اتباع ما عهدت إليک في عهدي هذا، و استوثقت به من الحجة لنفسي عليک، لکيلا تکون لک علة عند تسرع نفسک إلي هواها.و أنا أسأل الله بسعة رحمته، و عظيم قدرته علي إعطاء کل رغبة، أن يوفقني و إياک لما فيه رضاه من الإقامة علي العذر الواضح إليه و إلي خلقه. مع حسن الثناء في العباد، و جميل الأثر في البلاد، و تمام النعمة، و تضعيف الکرامة[228] ، و أن يختم لي و لک بالسعادة و الشهادة، «إنا إليه راجعون».و السلام علي رسول الله صلي الله عليه و آله الطيبين الطاهرين، و سلم تسليما کثيرا، و السلام»[229] .









  1. يزعها: يکفها.
  2. الجمحات: منازعات النفس إلي شهواتها و مآربها.
  3. شح بنفسک: ابخل بنفسک عن الوقوع في غير الحل، فليس الحرص علي النفس إيفاءها کل ما تحب، بل من الحرص أن تحمل علي ما تکره.
  4. يفرط: يسبق.
  5. الزلل: الخطأ.
  6. استکفاک: طلب منک کفاية أمرک و القيام بتدبير مصالحهم.
  7. أراد«بحرب الله»مخالفة شريعته بالظلم و الجور.
  8. لا يد لک بنقمته: أي ليس لک يد أن تدفع نقمته، أي لا طاقة بک بها.
  9. بجح به: کفرح لفظا و معني.
  10. البادرة: ما يبدر من الحدة عند الغضب في قول أو فعل.
  11. المندوحة: المتسع، أي المخلص.
  12. مؤمرـکمعظمـ: أي مسلط.
  13. الإدغال: إدخال الفساد.
  14. منهکة: مضعفة، و تقول«نهکه»أي أضعفه.و تقول: نهکه السلطانـمن باب فهمـ: أي بالغ في عقوبته.
  15. الغيرـبکسر ففتحـ: حادثات الدهر بتبدل الدول.
  16. الأبهةـبضم الهمزة و تشديد الباء المفتوحةـ: العظمة و الکبرياء.
  17. المخيلةـبفتح فکسرـ: الخيلاء و العجب.
  18. يطامن الشي ء: يخفض منه.
  19. الطماحـککتابـ: النشوز و الجماح.
  20. الغربـبفتح فسکونـ: الحدة.
  21. يفي ء: يرجع.
  22. عزب: غاب.
  23. المساماة: المباراة في السمو، أي العلو.
  24. من لک فيه هوي: أي لک إليه ميل خاص.
  25. أدحض: أبطل.
  26. کان حربا: أي محاربا.
  27. ينزعـکيضربـ: أي يقلع عن ظلمه.
  28. يجحف برضي الخاصة: يذهب برضاهم.
  29. الإلحاف: الإلحاح و الشدة في السؤال.
  30. جماع الشي ءـبالکسرـ: جمعه، أي جماعة الاسلام.
  31. الصغوـبالکسر و الفتحـ: الميل.
  32. أشنؤهم: أبغضهم.
  33. الأطلب للمعائب: الأشد طلبا لها.
  34. أطلق عقدة کل حقد: احلل عقد الأحقاد من قلوب الناس بحسن السيرة معهم.
  35. الوترـبالکسرـ: العداوة.
  36. تغاب: تغافل.
  37. يضح: يظهر، و الماضي وضح.
  38. الساعي: هو النمام بمعائب الناس.
  39. الفضل هنا: الإحسان بالبدل.
  40. يعدک الفقر: يخوفک منه لو بذلت.
  41. الشرهـبالتحريکـ: أشد الحرص.
  42. غرائز: طبائع متفرقة.
  43. بطانة الرجلـبالکسرـ: خاصته، و هو من بطانة الثوب خلاف ظهارته.
  44. الأثمةـجمع آثمـ: و هو فاعل الإثم، أي الذنب.
  45. الظلمة: جمع ظالم.
  46. الآصارـجمع إصر بالکسرـ: و هو الذنب و الإثم.
  47. الأوزارـجمع وزرـ: و هو الذنب و الإثم أيضا.
  48. الإلفـبالکسرـ: الألفة و المحبة.
  49. رضهم: أي عودهم علي ألا يطروک: أي يزيدوا في مدحک.
  50. لا يبجحوک: أي يفرحوک بنسبة عمل عظيم إليک و لم تکن فعلته.
  51. الزهوـبالفتحـ: العجب.
  52. تدني: أي تقرب.و العزة هنا: الکبر.
  53. قبلهمـبکسر ففتحـ: أي عندهم.
  54. النصبـبالتحريکـ: التعب.
  55. ساء بلاؤک عنده: البلاء هنا: الصنع مطلقا حسنا أو سيئا.
  56. سهمه: نصيبه من الحق.
  57. يکون من وراء حاجتهم: أي يکون محيطا بجميع حاجاتهم دافعا لها.
  58. المعاقد: العقود في البيع و الشراء و ما شابههما مما هو شأن القضاة.
  59. المرافق: أي المنافع التي يجتمعون لأجلها.
  60. الترفقـأي التکسبـبأيديهم ما لا يبلغه کسب غيرهم من سائر الطبقات.
  61. رفدهم: مساعدتهم و صلتهم.
  62. جيب القميص: طوقه، و يقال«نقي الجيب»: أي طاهر الصدر و القلب.
  63. الحلم هنا: العقل.
  64. ينبو علي الأقوياء: يتجافي عنهم و يبعد.
  65. جماع من الکرم: مجموع منه.
  66. شعبـبضم ففتحـ: جمع شعبة.
  67. العرف: المعروف.
  68. تفاقم الأمر: عظم، أي لا تعد شيئا قويتهم به غاية في العظم زائدا عما يستحقون، فکل شي ء قويتهم به واجب عليک إتيانه، و هم مستحقون لنيله.
  69. لا تحقرن لطفا: أي لا تعد شيئا من تلطفک معهم حقيرا فتترکه لحقارته، بل کل تلطفـو إن قلـفله موقع من قلوبهم.
  70. آثر: أي أفضل و أعلي منزلة.
  71. و اساهم: ساعدهم بمعونته لهم.
  72. أفضل عليهم: أي أفاض.
  73. الجدةـبکسر ففتحـ: الغني.
  74. خلوف أهليهم: جمع خلفـبفتح و سکونـو هو من يبقي في الحي من النساء و العجزة بعد سفر الرجال.
  75. حيطةـبکسر الحاءـ: من مصادر«حاطه»بمعني حفظه و صانه.
  76. ذوو البلاء: أهل الأعمال العظيمة.
  77. يحرض الناکل: يحث المتأخر القاعد.
  78. بلاء امرئ: صنيعه الذي أبلاه.
  79. ما يضلعک من الخطوب: ما يؤودک و يثقلک و يکاد يميلک من الامور الجسام.
  80. محکم الکتاب: نصه الصريح.
  81. تمحکه الخصوم: تجعله ما حقا لجوجا.يقال: محک الرجالـکمنعـإذا لج في الخصومة، و أصر علي رأيه.
  82. يتمادي: يستمر و يسترسل.
  83. الزلةـبالفتحـ: السقطة في الخطأ.
  84. لا يحضر: لا يعيا في المنطق.
  85. الفي ء: الرجوع إلي الحق.
  86. لا تشرف نفسه: لا تطلع، و الإشراف علي الشي ء: الإطلاع عليه من فوق.
  87. أدني فهم و أقصاه: أقربه و أبعده.
  88. الشبهات: ما لا يتضح الحکم فيه بالنص، و فيها ينبغي الوقوف علي القضاء حتي يرد الحادثة إلي أصل صحيح.
  89. التبرم: الملل و الضجر.
  90. أصرمهم: أقطعهم للخصومة و أمضاهم.
  91. لا يزدهيه إطراء: لا يستخفه زيادة الثناء عليه.
  92. تعاهده: تتبعه بالإستکشاف و التعرف.
  93. إفسح له في البذل: أي أوسع له في العطاء بما يکفيه.
  94. استعملهم اختبارا: ولهم الأعمال بالامتحان.
  95. محاباة: أي اختصاصا و ميلا منک لمعاونتهم.
  96. أثرةـبالتحريکـ: أي استبدادا بلا مشورة.
  97. فإنهما جماع من شعب الجور و الخيانة: أي يجمعان فروع الجور و الخيانة.
  98. توخ: أي اطلب و تحر أهل التجربة.
  99. القدمـبالتحريکـ: واحدة الأقدام، أي: الخطوة السابقة.و أهلها هم الأولون.
  100. أسبغ عليه الرزق: أکمله و أوسع له فيه.
  101. ثلموا أمانتک: نقصوا في أدائها أو خانوا.
  102. العيون: الرقباء.
  103. حدوة: أي سوق لهم و حث.
  104. إذا شکوا ثقلا أو علة: يريد المضروب من مال الخراج أو نزول علة سماوية بزرعهم أضرت بثمراته.
  105. انقطاع شربـبالکسرـ: أي ماء تسقي في بلاد تسقي بالأنهار.
  106. انقطاع بالة: أي ما يبل الأرض من ندي و مطر فيما تسقي بالمطر.
  107. إحالة أرض: بکسر همزة إحالة: أي تحويلها البذور إلي فساد بالتعفن.
  108. اغتمرها: أي عمها من الغرق فغلبت عليها الرطوبة حتي صار البذر فيها غمقاـککتف أي له رائحة خمة و فساد.
  109. أجحف العطش: أي أتلفها و ذهب بمادة الغذاء من الأرض فلم ينبت.
  110. التبجح: السرور بما يري من حسن عمله في العدل.
  111. استفاضة العدل: انتشاره.
  112. معتمدا فضل قوتهم: أي متخذا زيادة قوتهم عمادا لک تستند إليه عند الحاجة.
  113. ذخرت: وفرت.
  114. الإجماع: الترفيه و الإراحة.
  115. الإعواز: الفقر و الحاجة.
  116. إشراف أنفسهم علي الجمع: لتطلع أنفسهم إلي جمع المال، ادخارا لما بعد زمن الولاية إذا عزلوا.
  117. لا تبطره: أي لا تطغيه.
  118. جماعة من الناس تملأ البصر.
  119. لا تقصر به الغفلة: أي لا تکون غفلته موجبة لتقصيره في إطلاعک علي ما يرد من أعمالک، و لا في إصدار الأجوبة عنه علي وجه الصواب.
  120. عقدا اعتقده لک: أي معاملة عقدها لمصلحتک.
  121. لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليک: إذا وقعت مع أحد في عقد کان ضرره عليک لا يعجز عن حل ذلک العقد.
  122. الفراسةـبالکسرـ: قوة الظن و حسن النظر في الامور.
  123. الاستنامة: السکون و الثقة.
  124. يتعرضون لفراسات الولاة: أي يتوسلون إليها لتعرفهم.
  125. بتصنعهم: بتکليفهم إجادة الصنعة.
  126. تغابيت: أي تغافلت.
  127. المضطرب بماله: المتردد به بين البلدان.
  128. المترفق: المتکسب.
  129. المرافق: ما ينتفع به من الأدوات و الآنية.
  130. المطارح: الأماکن البعيدة.
  131. لا يلتئم الناس لمواضعها: أي لا يمکن التئام الناس و اجتماعهم في مواضع تلک المرافق من تلک الأمکنة.
  132. إنهم سلم: أي أن التجار و الصناع مسالمون.
  133. البائقة: الداهية.
  134. الضيق: عسر المعاملة.
  135. الشح: البخل.
  136. الاحتکار: حبس المطعوم و نحوه عن الناس لا يسمحون به إلا بأثمان فاحشة.
  137. المبتاع: هنا المشتري.
  138. قارف: أي خالط.
  139. الحکرةـبالضمـ: الاحتکار.
  140. فنکل به: أي أوقع به النکال و العذاب، عقوبة له.
  141. في غير إسراف: أي من غير أن تجاوز حد العدل.
  142. البؤسيـبضم أولهـ: شدة الفقر.
  143. الزمني بفتح أوله: جمع زمين و هو المصاب بالزمانةـبفتح الرازيـأي العاهة، يريد أرباب العاهات المانعة لهم عن الاکتساب.
  144. القانع: السائل.
  145. المعترـبتشديد الراءـ: المتعرض للعطاء بلا سؤال.
  146. استحفظک: طلب منک حفظه.
  147. غلات: ثمرات.
  148. صوافي الاسلامـجمع صافيةـ: و هي أرض الغنيمة.
  149. بطر: طغيان بالنعمة.
  150. التافه: الحقير.
  151. لا تشخص همک: أي لا تصرف اهتمامک عن ملاحظة شؤونهم.
  152. صعر خده: أماله إعجابا و کبرا.
  153. 153ـتقتحمه العين: تکره أن تنظر إليه احتقارا و ازدراء.
  154. فرغ لاولئک ثقتک: أي اجعل للبحث عنهم أشخاصا يتفرغون لمعرفة أحوالهم يکونون ممن تثق بهم.
  155. بالإعذار إلي الله: أي بما يقدم لک عذرا عنده.
  156. ذوو الرقة في السن: المتقدمون فيه.
  157. لذوي الحاجات: أي المتظلمين تتفرغ لهم فيه بشخصک للنظر في مظالمهم.
  158. تقعد عنهم جندک: تأمر بأن يقعد عنهم و لا يتعرض لهم جندک.
  159. الأحراسـجمع حرس بالتحريکـ: و هو من يحرس الحاکم من وصول المکروه.
  160. الشرطـبضم ففتحـ: طائفة من أعوان الحاکم، و هم المعروفون بالضابطة، واحدة شرطةـبضم فسکونـ.
  161. التعتعة في الکلام: التردد فيه من عجز و عي، و المراد غير خائف تعبيرا باللازم.
  162. في غير موطن: أي في مواطن کثيرة.
  163. التقديس: التطهير، أي لا يطهر الله امة...الخ.
  164. الخرقـبالضمـ: العنف ضد الرفق.
  165. العيـبالکسرـ: العجز عن النطق.
  166. نح: فعل أمر من نحي ينحي، أي أبعد عنهم.
  167. الضيق: ضيق الصدر بسوء الخلق.
  168. الأنفـمحرکةـ: الاستنکاف و الاستکبار.
  169. أکناف الرحمة: أطرافها.
  170. هنيئا: سهلا لا تخشنه باستکثاره و المن به.
  171. امنع في إجمال و إعذار: و إذا منعت فامنع بلطف و تقديم عذر.
  172. يعيا: يعجز.
  173. حرج يحرجـمن باب تعبـ: ضاق، و الأعوان تضيق صدورهم بتعجيل الحاجات، و يحبون المماطلة في قضائها: استجلابا للمنفعة، أو إظهارا للجبروت.
  174. أجزلها: أعظمها.
  175. غير مثلوم: أي غير مخدوش بشي ء من التقصير و لا مخروق بالرياء.
  176. لا تکونن منفرا و لا مضيعا: أي لا تطل الصلاة فتکره بها الناس و لا تضيع منها شيئا بالنقص في الأرکان، بل التوسط خير.
  177. سماتـجمع سمة بکسر ففتحـ: و هي العلامة.
  178. البذل: العطاء.
  179. أيسوا: قطنوا و يئسوا.
  180. شکاةـبالفتحـ: شکاية.
  181. فاحسم: أي اقطع مادة شرورهم عن الناس بقطع أسباب تعديهم، و إنما يکون بالأخذ علي أيديهم و منعهم من التصرف في شؤون العامة.
  182. الإقطاع: المنحة من الأرض.و القطيعة: الممنوح منها.
  183. الحامةـکالطامةـ: الخاصة و القرابة.
  184. الاعتقاد: الامتلاک، و العقدةـبالضمـ: الضيعة، و اعتقاد الضيعة: اقتناؤها، و إذا اقتنوا ضيعة فربما أضروا بمن يليها، أي يقرب منها من الناس.
  185. الشربـبالکسرـ: هو النصيب في الماء.
  186. مهنأ ذلک: منفعته الهنيئة.
  187. المغبةـکمحبةـ: العاقبة.
  188. حيفا: أي ظلما.
  189. أصحر لهم بعذرک: أي أبرز لهم، و بين عذرک فيه، و هو من الإصحار: الظهور، و أصله البروز في الصحراء.
  190. عدل الشي ء عن نفسه: نحاه عنه.
  191. رياضة: أي تعويدا لنفسک علي العدل.
  192. الإعذار: تقديم العذر أو إبداؤه.
  193. الدعةـمحرکةـ: الراحة.
  194. قارب ليتغفل: أي تقرب منک بالصلح ليلقي عليک عنه غفلة فيغدرک فيها.
  195. أصل معني الذمة وجدان مودع في جبلة الانسان، ينبهه لرعاية حق ذوي الحقوق عليه، و يدفعه لأداء ما يجب عليه منها، ثم اطلقت علي معني العهد، و جعل العهد لباسا لمشابهته له في الرقابة من الضرر.
  196. حط عهدک: أمر من حاطه يحوطه بمعني حفظه و صانه.
  197. الجنةـبالضمـ: الوقاية، أي حافظ علي ما أعطيت من العهد بروحک.
  198. لما استوبلوا من عواقب الغدر: أي وجدوها و بيلة، مهلکة.
  199. خاص بعهده: خانه و نقضه.
  200. الختل: الخداع.
  201. أفضاه: هنا بمعني أفشاه.
  202. الحريم: ما حرم عليک أن تمسه.
  203. المنعةـبالتحريکـ: ما تمتنع به من القوة.
  204. يستفيضون: أي يفزعون إليه بسرعة.
  205. الإدغال: الإفساد.
  206. المدالسة: الخيانة.
  207. العللـجمع علةـ: و هي في النقد و الکلام، بمعني ما يصرفه عن وجهه و يحوله إلي غير المراد، و ذلک يطرا علي الکلام عند إبهامه و عدم صراحته.
  208. لحن القول: ما يقبل التوجيه کالتورية و التعريض.
  209. أن تحيط بک من الله فيه طلبة: أي تأخذک بجميع أطرافک مطالبة الله إياک بحقه في الوفاء الذي غدوت به.
  210. القودـ: بالتحريکـ: القصاص، و إضافته للبدن لأنه يقع عليه.
  211. أفرط عليک سوطک: عجل بما لم تکن تريده: أردت تأديبا فأعقب قتلا.
  212. الوکزةـبفتح فسکونـ: الضربة بجمع الکفـبضم الجيمـ: أي قبضته، و هي المعروفة باللکمة.
  213. تطمحن بک: ترتفعن بک.
  214. الإطراء: المبالغة في الثناء.
  215. التزيدـکالتقيدـ: إظهار الزيادة في الأعمال عن الواقع منها في معرض الافتخار.
  216. المقت: البغض و السخط.
  217. التسقط: من قولهم«تسقط في الخبر يتسقط»إذا أخذه قليلا، يريد به هنا: التهاون.
  218. اللجاجة: الإصرار علي النزاع.و تنکرت: لم يعرف وجه الصواب فيه.
  219. الوهن: الضعف.
  220. الاستئثار: تخصيص النفس بزيادة.
  221. الناس فيه اسوة: أي متساوون.
  222. التغابي: التغافل.
  223. يقال«فلان حمي الأنف»: إذا کان أبيا يأنف الضيم.
  224. السورةـبفتح السين و سکون الواوـ: الحدة.
  225. الحدةـبالفتحـ: البأس.
  226. الغربـبفتح فسکونـ: الحد تشبيها له بحد السيف و نحوه.
  227. البادرة: ما يبدو من اللسان عند الغضب من سباب و نحوه.
  228. تضعيف الکرامة: زيادة الکرامة إضعافا.
  229. نهج البلاغة/عهده إلي مالک الأشتر/رقم 53.الحراني/تحف العقول/ص 126.