قبس من حکم الإمام
إذا أقبلت الدنيا علي أحد أعارته محاسن غيره، و إذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. أعجز الناس من عجز عن اکتساب الاخوان، و أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم. من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه. ما أضمر أحد شيئا إلا و ظهر في فلتات لسانه و صفحات وجهه. فوت الحاجة أهون من طلبها إلي غير أهلها. قيمة کل امرئ ما يحسنه. قال (ع) يصف الغوغاء: «هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا و إذا تفرقوا لم يعرفوا». عجبت لأقوام يحتمون الطعام مخافة الأذي کيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار. أربع لو ضربتم فيهن أکباد الإبل، لکان ذلک يسيرا: لا يرجون أحد إلا ربه، و لا يخافن إلا ذنبه، و لا يستحي أن يقول لا أعلم إذا هو لم يعلم، و لا يستکبر أن يتعلم إذا لم يعلم. إتقوا معاصي الله في الخلوات، فإن الشاهد هو الحاکم. الثناء بأکثر من الاستحقاق ملق[1] ، و التقصير عن الاستحقاق عي[2] أوحسد. عند تناهي الشدة تکون الفرجة، و عند تضايق حلق البلاء يکون الرخاء. من أصلح ما بينه و بين الله، أصلح الله ما بينه و بين الناس، و من أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه، و من کان له من نفسه واعظ کان عليه من الله حافظ. الفقيه کل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله و لم يؤيسهم من روح الله[3] و لم يؤمنهم من مکر الله[4] . رب عالم قد قتله جهله، و علمه معه لا ينفعه. عظم الخالق عندک يصغر المخلوق في عينيک. لا يکون الصديق صديقا حتي يحفظ أخاه في ثلاث: نکبته، و غيبته، و وفاته. الناس ثلاثة: فعالم رباني، و متعلم علي سبيل نجاة، و همج رعاع، أتباع کل ناعق، يميلون مع کل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجأوا إلي رکن وثيق. الناس أعداء ما جهلوا. من استبد برأيه هلک، و من شاور الرجال شارکها في عقولها[5] . و بهذا نصل إلي نهاية المطاف في حديثنا عن المقومات العامة لشخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع). وفقنا الله تعالي للأخذ بنهجه في الفکر و العمل، إنه سميع مجيب.
و نختم هذا الفصل بإيراد اضمامة من حکم أمير المؤمنين (ع) إتماما للفائدة: