ما دونه الإمام











ما دونه الإمام



و أمير المؤمنين (ع) أول من صنف في دنيا المسلمين، و يحصي المؤرخون لسيرة الإمام (ع) عددا من أعماله الاسلامية العلمية تأتي في طليعتها:

1ـجمع القرآن الکريم مرتبا حسب النزول، و بين في ذات الوقت عامه، و خاصه، و مطلقه، و مقيده، و محکمه، و متشابهه، و ناسخه و منسوخه، و عزائمه، و رخصه، و سننه، و آدابه[1] کما أشار الإمام (ع) إلي أسباب النزول لآيات الکتاب العزيز، حتي لقد قال ابن سيرين: لو أصبت ذلک الکتاب لکان فيه العلم[2] .

و جمع الإمام (ع) للقرآن الکريم علي النمط المذکور إنما هو للتفسير أقرب منه للجمع الخالص، فقد أودع في عمله ذلک علما کثيرا، الامة في مسيس الحاجة إلي مثله.

کما أن أمير المؤمنين (ع) قد تفرغ للعمل الرسالي الکبير، بعد حادثة السقيفة و ما تمخض عنها من استخلاف أبي بکر، فعکف (ع) علي إنجاز المهمة التأريخية في تدوين القرآن في مصحف واحد، و لقد روي عنه بهذا الصدد قوله:

«لما قبض رسول الله (ص) أقسمت أن لا أضع ردائي عن ظهري حتي أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتي جمعت القرآن»[3] .

و بمقدور المرء أن يقدر قيمة ذلک العمل، إذا وضع نصب عينيه ما يحظي به القرآن الکريم من قيمة عظمي في دنيا المسلمين من الوجهة الفکرية و التشريعية و الحضارية.

2ـمصحف فاطمة:

و يبدو أن الإمام (ع) بادرـبعد إنجاز مهمة جمع القرآنـإلي تأليف کتاب لفاطمة الزهراء (ع)، صار يعرف عند أبنائها بمصحف فاطمة، و کان يتضمن مواعظ و حکما و أمثالها، و عبرا و أخبارا و نوادر، لتکون عونا علي التخفيف من الآلام التي اکتنفت حياة الزهراء (ع) بعد وفاة أبيها رسول الله (ص)[4] .

3ـالصحيفة:

و هي کتاب في الديات (و هي الأموال المفروضة في الجناية علي النفس أو الطرف أو الجرح أو نحو ذلک، و تثبت الدية في موارد الخطإ المحض أو الشبيه بالعمد أو فيما لا يکون القصاص فيه أو لا يمکن)[5] .

و قد روي البخاري و مسلم من تلک الصحيفة، و أوردها ابن سعد في کتابه الجامع، کما أکثر ابن حنبل الرواية عنها.

4ـالجامعة:

و هي کتاب في صحائف من الجلود، أملاه رسول الله (ص) علي أمير المؤمنين (ع) و قد تضمن کل ما يحتاج إليه الناس من حلال و حرام، و قد جاء الکتاب مفصلا لما جاء في کتاب الله من أحکام و أوامر و نواه.و قد ورث الأئمة من أهل البيت (ع) هذا الکتاب، کابرا عن کابر، و کانوا يطلقون عليه تارة اسم الجامعة، و تارة الصحيفة، و اخري کتاب علي، و رابعة الصحيفة العتيقة.

و وردت عن الصادقين (ع) عدة روايات تؤکد أهمية کتاب الجامعة، و کونه مرجعهم في أخذ التشريع الإلهي، و أنهم لا يحتاجون إلي الناس لوجود ذلک الکتاب، فعن أبي عبد الله الصادق (ع) قال:

«إن عندنا ما لا نحتاج معه إلي الناس، و إن الناس ليحتاجون إلينا، و إن عندنا کتابا أملاه رسول الله (ص) و خطه علي (ع) صحيفة فيها کل حلال و حرام»[6] .

و يقول الإمام الصادق (ع) أيضا يصف فيه الجامعة:

«تلک صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج، فيها کل ما يحتاج الناس إليه، و ليس من قضية إلا و هي فيها حتي أرش الخدش»[7] .

5ـصحيفة الفرائض:

و يبدو أن هذه الصحيفة قد دون فيها الإمام (ع) قضاءه في المواريث و غيرها من أبواب القضاء، و من المرجح أن تکون هذه الصحيفة بعضا من«الجامعة»[8] .

6ـکتاب الجفر:

«و هو لغة جلد الماعز أو البعير أو الثور».

و قد أطلق اسم الجفر علي أحد أبواب العلم الذي دونه الإمام أمير المؤمنين (ع) من إملاء رسول الله (ص) علي جلد، و يبدو أن کتاب الجفر غير الجامعة من ناحية المدلول الذي يتضمنه، فالجفر کما تفيد روايات الأئمة من أهل البيت (ع) ينطوي علي حوادث المستقبل، و صحف الأنبياء السابقين و الکتب المنزلة قبل القرآن الکريم.[9] .

و للإمام علي (ع) تصانيف اخري ذکرها المؤرخون ککتاب زکاة النعم، و کتاب في أبواب الفقه، و کتاب في علوم القرآن و غيرها.[10] .









  1. شرف الدين/المراجعات/مراجعة 110.
  2. المصدر السابق.
  3. ابن شهر آشوب/المناقب/ج 2/ص 41.و في الإتقان و مناقب الخوارزمي مثله.
  4. السيد عبد الحسين شرف الدين/المراجعات/المراجعة 110، و نص قوله:

    «و بعد فراغهـالإمام علي (ع) ـمن الکتاب العزيز، ألف لسيدة نساء العالمين کتابا کان يعرف عند أبنائها الطاهرين بمصحف فاطمة، يتضمن أمثالا و حکما و مواعظ و عبرا و أخبارا و نوادر توجب لها العزاء عن سيد الأنبياء أبيها (ص).

    و ذکرنا في ص 367 من هذا الکتاب، نقلا عن بصائر الدرجات أن مصحف فاطمة من إملاء رسول الله (ص) و خط علي.بحار الأنوار/ج 47/ص 271/ط. 3

    و هناک روايات اخري بهذا الشأن.راجع الکافي/ج 1/ص 239ـ 241.

  5. السيد الخوئي/تکملة المنهاج/ج 2/کتاب الديات.
  6. الکليني/الکافي/ج 1/باب ذکر الصحيفة و الجفر و الجامعة و مصحف فاطمة.
  7. الأديم: الجلد.الفالج: الجمل العظيم ذو السنامين.و الأرش: دية الجراحات.
  8. حسين العاملي/عقيدة الشيعة في الإمام الصادق/ص 65.
  9. يراجع اصول الکافي/ج 1/باب ذکر الصحيفة و الجفر و الجامعة و مصحف فاطمة (ع)، و عقيدة الشيعة في الإمام الصادق/ص 66.
  10. الأمين/أعيان الشيعة/ج 1/مؤلفات أمير المؤمنين (ع).