الرسالة و النبوة











الرسالة و النبوة



و کما حدد الإمام أبعاد التوحيد و حقيقته، أعطي (ع) التحديد الموضوعي الشامل للنبوة و الرسالة مبينا فلسفتها و أهدافها، و موضحا أن اللطف الإلهي بالعباد اقتضي إرسال الأنبياء (ع) إلي الناس، ليأخذوا بأيديهم إلي حديث الهدي و الرشاد و سبيل الحق، بعد أن تنکروا لعهد الله إليهم، و خرجوا عن مقتضي الفطرة التي فطرهم الله تعالي عليها، قال (ع):

«و اصطفي سبحانه من ولدهـمن ولد آدمـأنبياء أخذ علي الوحي ميثاقهم، و علي تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدل أکثر خلقه عهد الله إليهم، فجهلوا حقه، و اتخذوا الأنداد معه، و اجتالتهم الشياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، و واتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذکروهم منسي نعمته، و يحتجوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم آيات المقدرة: من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم، و أحداث تتابع عليهم، و لم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو کتاب منزل، أو حجة لازمة أو محجة قائمة.رسل لا تقصر بهم قلة عددهم، و لا کثرة المکذبين لهم: من سابق سمي له من بعده، أو غابر عرفه من قبله: علي ذلک نسلت القرون، و مضت الدهور، و سلفت الآباء و خلفت الأبناء.

إلي أن بعث الله سبحانه محمدا رسول الله (ص) لإنجاز عدته، و إتمام نبوته، مأخوذا علي النبيين ميثاقه، مشهورة سماته، کريما ميلاده، و أهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، و أهواء منتشرة، و طرائق متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلي غيره، فهداهم به من الضلالة، و أنقذهم بمکانه من الجهالة»[1] .

«بعث الله رسوله بما خصهم به من وحيه، و جعلهم حجة له علي خلقه، لئلا تجب الحجة لهم بترک الإعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلي سبيل الحق»[2] .

«فبعث الله محمدا (ص) بالحق، ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلي عبادته، و من طاعة الشيطان إلي طاعته، بقرآن قد بينه و أحکمه، ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، و ليقروا به بعد إذ جحدوه، و ليثبتوه بعد إذ أنکروه.فتجلي لهم سبحانه في کتابه من غير أن يکونوا رأوه بما أراهم من قدرته، و خوفهم من سطوته، و کيف محق من محق بالمثلات، و احتصد من احتصد بالنقمات»[3] .









  1. المصدر السابق/نص رقم 1/باب الخطب.الميثاق: العهد.الأنداد: الأمثال و هم المعبودون من دون الله تعالي.اجتالتهم: أبعدتهم عن هدفهم.واتر: جعل بين کل نبي و آخر فترة.ليستأدوهم: ليطلبوا الأداء منهم.وصب: تعب.نسلت القرون: تتابعت.إنجاز عدته: وعد الله تعالي بإرسال محمد (ص). السمات: العلامات التي بشر بها النبيون السابقون لرسول الله محمد (ص). ملحد في اسم الله: يخرج به عن حقيقة مسماه.
  2. المصدر السابق/نص رقم 144.
  3. المصدر السابق/نص رقم 147.تجلي: ظهر بآيات لا برؤيته المباشرة.المثلات: العقوبات.