اول الدعاة إلي الاسلام
(و أنذر عشيرتک الأقربين و اخفض جناحک لمن اتبعک من المؤمنين فإن عصوک فقل إني بري ء مما تعملون). (الشعراء/214ـ216) فلما تلقي رسول الله (ص) أمر ربه الأعلي بانذار عشيرته الأقربين، أمر عليا (ع) أن يدعوهم إلي طعام عنده، فحضروا إلي دار رسول الله (ص) و کانوا أربعين رجلا.و بعد أن تناولوا طعامهم، بادرهم الرسول (ص) بقوله: «يا بني عبد المطلب! إن الله بعثني إلي الخلق کافة، و بعثني إليکم خاصة، فقال: (و أنذر عشيرتک الأقربين) و أنا أدعوکم إلي کلمتين خفيفتين علي اللسان، ثقيلتين في الميزان، تملکون بهما العرب و العجم، و تنقاد لکم بهما الامم، و تدخلون بهما الجنة، و تنجون بهما من النار، شهادة أن (لا إله إلا الله و أني رسول الله) فمن يجبني إلي هذا الأمر و يؤازرني عليه و علي القيام به يکن أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي»[1] . و بين تنديد أبي لهب و تحذيره لرسول الله (ص) من الاستمرار بالدعوة من جهة، و تأييد أبي طالب له و مخاطبته لرسول الله (ص) بقوله: فامض لما أمرت به، فو الله لا أزال أحوطک و أمنعک. و من خلال التأييد الذي أعلنه أبو طالب، و التنديد البليد الذي أعلنه أبو لهب، وقف علي بن أبي طالب (ع) و کان أصغر الحاضرين سنا فقال: «أنا يا رسول الله أؤازرک علي هذا الأمر»فأمره رسول الله (ص) بالجلوس، و لما لم يجبه أحد نهض علي ثانية و رسول الله (ص) يجلسه. و أعاد رسول الله (ص) دعوته إلي قومه، فلم يجبه أحد، و کان صوت علي (ع) وحده يلبي الدعوة، و يهدر بالمؤازرة و النصرة، فمزق صمتهم بصلابة إيمانه، و قوة يقينه، و حيث لم يجب رسول الله (ص) أحد للمرة الثالثة، التفت إلي مجيبه الوحيد، قائلا: «إجلس فأنت أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي». فنهض القوم من مجلسهم، و هم يخاطبون أبا طالب: «ليهنئک اليوم أن دخلت في دين ابن أخيک، فقد جعل ابنک أميرا عليک»[2] .
ثم أذن الله عز و جل لرسوله (ص) بدعوة عشيرته الأقربين من بني هاشم، ليوسع من مدار الدعوة بذلک، فقال تعالي: