علاقة الإمام علي بالله تعالي











علاقة الإمام علي بالله تعالي



سبق أن أشرنا في حديثنا عن شخصية رسول الله (ص) إلي أن علاقة المسلم بالله تبارک و تعالي، ليست محدودة في إحدي زوايا حياته، و إنما هيـکما حدد الله سبحانه أبعادها لعباده من خلال شريعته التي ارتضي لهمـتجرد کامل للعزيز المتعالي عز و جل بکل خلجات النفس، و بکل حرکة في الحياة، في الصلاة و الصيام و الحج و الاعتکاف، بشعائر التعبد و بالعلاقات الاسرية و الاجتماعية عامة.بالحکم و القضاء، بالمحيا و الممات و ما بعد الموت.

و قد جسد القرآن الکريم حجم العلاقة بين العبد و ربه الأعلي بقوله تعالي:

(قل إن صلاتي و نسکي و محياي و مماتي لله رب العالمين). (الأنعام/162)

علي أن شعائر الاسلام الکبري: کالصلاة و الصوم و الحج و سواها و إن کانت جزءا من هيکل العبودية لله تعالي التي تشمل الحياة الانسانية کلها، إلا أن هذه الشعائر تختص بسمات خاصة«توقيفية»ککيفية الأداء و الوقت و العدد، فهي في هذه المجالات محددة من قبل الله تبارک و تعالي، فلا مجال فيها لتبديل أو تحوير أو نقص أو زيادة.

ثم إنها تمتاز في کونها وقفات خالصة لله سبحانه ليس فيها غايات اخري غير رضوان الله و الاستجابة لأمره، و من أجل ذلک تفقد هذه الفرائض طابعها العبادي إذا دخل إطارها رياء أو نحوه.

و هي ميزة لا تتحقق في امور الحياة الانسانية الاخري و ان کانت سابحة في إطار من العبودية لله تعالي.

فالزواج و النشاط الاقتصادي مثلا و نحوهما من العقود و إن کانت شريعة الله تعالي تضعها في مسار العبودية لله، و المرء من خلالها يؤدي عبادة إذا هو التزام بأحکام الشريعة الاسلامية في تحديد و جهتها و أبعادها و مستلزماتها، إلا أنها تبقي حاملة لأغراض اخري، فالزواج مثلا و إن کان يحقق غاية اسلامية من ناحية تحصين الفرد المسلم عن الوقوع في المحرم، حتي أن الاسلام يعتبر عملية الزواج من قبل المسلم إحرازا لنصف الدين، کما في الحديث الشريف، کما أن الالتزام بأحکام الشريعة الخاصة في حقول التعامل بين الزوجين و نحوها يعتبر أمرا مفروضا علي المؤمنين.

إلي جانب هذه الامور التي ترافق عملية الزواج، فإن الميل للجنس يبقي خلفية أساسية من خلفيات حمل الفرد علي تعاطيه.

و هکذا تظهر خلفيات اخري غير الخلفية العبادية في مثل هذه الامور.

و من هنا نري أن أمر الزواج و النشاطات الاقتصادية في مثالنا، امور توجد في کل مجتمع في الماضي و الحاضر، قبل عصر التنزيل و بعده، بالنظر لارتکازها علي حاجات طبيعية لدي الکائن الانساني، و مهمة شريعة الله تعالي ترتکز علي إضفاء الصبغة الشرعية عليها بعد تهذيبها و تحديد مسارها و وضع مخطط اسلامي لصوغها وفقا لمتطلبات الفطرة البشرية.

و بناء علي هذا التحديد لطبيعة علاقة المسلم بالله تبارک و تعالي، فسنستعرض علاقة الإمام علي بن أبي طالب (ع) بالله تعالي من خلال الفرائض و السنن الاسلامية.