عبد الله بن مسعدة الفزاري











عبد الله بن مسعدة الفزاري



بعث به مع ألف و سبعمائة رجل إلي«(تيماء) و أمره ان يصدق من مر به من أهل البوادي و يقتل من امتنع، ففعل ذلک، و بلغ مکة و المدينة و فعل ذلک، و اجتمع إليه بشر کثير من قومه»[1] .

کما أرسل معاوية غارات اخري علي کل المناطق التي کان يشک بوجود ولاءفيها لعلي بن أبي طالب خليفة المسلمين، و قتل بسبب ذلک الآلاف من المسلمين من رجال و أطفال و نساء، بل و قتل الکثير حتي من أهل الذمة«المعاهدين»، و هم الذين أوصي النبي (ص) بهم و قال إنه سيکون خصما لکل من آذاهم.

أما الإمام علي (ع) فقد کان موقفه صريحا واضحا، و هو الوقوف بوجه تلک الهجمات غير الإنسانية التي کان هدف معاوية منها إرهاب المسلمين و إدخالهم في طاعته و نهب ممتلکاتهم لتمويل الجيوش التي کان يبعث بها لقتل اولئک الأبرياء، قال في أحد رسائله جوابا علي رسالة من معاوية:

«إن رأيي جهاد المحلين حتي ألقي الله، لا يزيدني کثرة الناس معي عزة، و لا تفرقهم عني وحشة، لأني محق، و الله مع الحق، و و الله ما أکره الموت علي الحق، و ما الخير کله بعد الموت إلا لمن کان محقا»[2] .

و قال في وصيته (ع) إلي أحد قادته العسکريين الذين بعث بهم للتصدي لهجمات معاوية و غاراته علي المسلمين:

«إتق الله الذي إليه تصير، و لا تحتقر مسلما و لا معاهدا، و لا تغصبن مالا و لا ولدا و لا ذرية، و إن حفيت و ترجلت، و صل الصلاة لوقتها».

أية وصية مبارکة؟أن لا يحتقر الناس من مسلمين و غير مسلمين، و أن لا يغصب الأموال و الذرية، حتي لو بلغ به الأمر أن يمشي حافيا بلا نعلين، و أن يکون بلا حصان يقاتل عليه، و أخيرا أمره بالصلاة لوقتها.

و لتقارن هذا مع أوامر معاوية لقادة جيشه الذين بعث بهم و صنعوا ما قرأناه آنفا، لکي تدرکوا سر الخلاف بين علي و معاوية، بين مبدئية علي (ع) الإلهية التي جعلت کل حرکة من حرکاته أو سکنة من سکناته في طلب رضا الله تعالي، و بين ما قام به أعداؤه من أعمال کانت في فظاعتها أبشع حتي مما کان يقع في الجاهلية الاولي.









  1. ابن الأثير/الکامل في التاريخ/ج 3/ص 376، و انضمام قومه إليه بسبب الغنائم التي کان ينهيها من المسلمين، و معني يصدق أهل البادية أي أن يأخذ منهم الصدقات بالسيف و البطش.
  2. الثقفي/الغارات/ص 433.