الامام الخليفة











الامام الخليفة



بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان أجمعت الامة علي بيعة الإمام علي (ع) خليفة لها، و قد اجتاحت النفوس موجة من العاطفة نحوه، و لکنه رد علي موقف الناس بقوله: «دعوني و التمسوا غيري»[1] .

فإن عليا أبي أن يکون أسيرا للعاطفة، فلعل نقمة الناس علي عثمان هي التي أججت نحوه العاطفة و شدت إليه التيار، و هو يريد من الامة إقرارا إراديا لإمامته، ليس محکوما بالإنفعال الآني.

و هو ليس ممن تغريه المناصب و تستهويه الکراسي حتي يستجيب فور إقبال الناس عليه، فالإمرة کلها لا تساوي لديه جناح بعوضة، و القيادة لا تساوي عنده شيئا مذکورا، إن لم يقم من خلالها الحق و يبطل الباطل.

و لهذا لم يستجب لضغط الجمهور في بادئ الأمر، قبل وضعهم أمام اختبار ليتأکد من مدي قدرة الناس علي تلقي مناهجه و الاستجابة لخططه إذا تسلم زمام الأمر.

فعلي الرغم من أن العاصمة المقدسة«المدينة المنورة»قد أصرت علي اختياره علي شکل تظاهرات حقيقية و تجمعات مکثفة حتي صارت المطالبة بقيادته إجماعية لا جماعية، فإنه (ع) بقي عند موقفه المتريث، علي أن اصرار الامة علي بيعته جعله يطرح عليها شروطه لقبول الخلافة، فإن بايعته الامة وفقا لما يملي من شروط استجاب هو لمطلبها في استخلافه.

و حين أذاع بيانه المتضمن لشروطه: «و اعلموا أني إن أجبتکم رکبت بکم ما أعلم، و لم اصغ إلي قول القائل و عتب العاتب»[2] .

و سارعت الامة مذعنة لشروطه، و مدت إليه يد البيعة علي الطاعة، و لبي هو مطلبها ليواجه مسؤولياته القيادية في الامة الاسلامية علي الصعيد الفکري و العملي.

و قد کانت من اولي مهامه (ع) أن يزيل صور الانحراف المختلفة التي طرأت علي الحياة الاسلامية، و أن يعود بالامة إلي أصالة المنهج الإلهي.

و من أجل ذلک کان لا بد أن يسير وفق منهاج محدد و شامل يلزم ولاته بتطبيقه، و قد انصب منهاج حکومته علي مواجهة المشاکل في الميادين الآتية:









  1. نهج البلاغة/نص رقم 92.
  2. نهج البلاغة/نص رقم 92.