في کفالة رسول الله
أقبل رسول الله (ص) علي عمه العباس بن عبد المطلب، و هو أثري بني هاشم يومها، فخاطبه بقوله: «يا عم! إن أخاک أبا طالب کثير العيال، و قد أصاب الناس ما تري فانطلق بنا إلي بيته لنخفف من عياله، فتأخذ أنت رجلا واحدا، و آخذ أنا رجلا فنکفلهما عنه»[1] . و قوبل رأي المصطفي (ص) بالتأييد و الرضا من قبل عمه العباس، فأسرع إلي أبي طالب، و خاطباه بالأمر، فاستجاب لما عرضا قائلا: «إذا ترکتما لي عقيلا و طالبا، فاصنعا ما شئتما»[2] . فأخذ العباس جعفرا. و أخذ رسول الله (ص) عليا (ع)، و کان عمره يومئذ ستة أعوام[3] و قد قال (ص) بعد أن اختار عليا (ع): «قد اخترت من اختاره الله لي عليکم: عليا»[4] . و هکذا آن لعلي أن يعيش منذ نعومة أظفاره في کنف محمد رسول الله (ص): حيث نشأ في رعايته، و شرب من ينابيع مودته و حنانه، و رباه وفقا لما علمه ربه تعالي، و لم يفارقه منذ ذلک التاريخ، حتي لحق الرسول (ص) بالرفيق الأعلي.
و بعد أن مضت ست سنوات علي ولادة علي (ع) اصيبت قريش بأزمة اقتصادية خانقة، و قد کانت وطأتها شديدة علي أبي طالب، إذ کان رجلا ذا عيال کثيرة، و کهفايلوذ به المحتاج و الفقير، بحکم مرکزه الاجتماعي في مکة، تري أيرضي المصطفي (ص) و بنو هاشم، أن تقسو الحياة علي عميدهم؟!