في خلافة عمر بن الخطاب











في خلافة عمر بن الخطاب



1ـحين أراد عمر بن الخطاب أن يغزو الروم راجع الإمام (ع) في الأمر، فنصحه الإمام بألا يقود الجيش بنفسه مبينا علية ذلک قائلا:

«فابعث إليهم رجلا مجربا و احفز معه أهل البلاء و النصيحة، فإن أظهره الله فذاک ما تحب، و إن تکن الاخري کنت ردءا للناس، و مثابة للمسلمين»[1] .

2ـورد إلي بيت مال المسلمين مال کثيرـمن البحرينـفقسمه عمر بين المسلمين، ففضل منه شي ء، فجمع عمر المهاجرين و الأنصار و استفتاهم بأمره قائلا: ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟قالوا: يا أمير المؤمنين! إنا شغلناک بولاية امورنا من أهلک و تجارتک، وضيعتک، فهو لک.فالتفت عمر إلي علي قائلا: ما تقول أنت؟قال الإمام (ع): قد أشاروا عليک.قال الخليفة: فقل أنت، قال (ع): لم تجعل يقينک ظنا، ثم حدثه بواقعة مشابهة في عهد رسول الله (ص). و أخيرا أشار عليه الإمام (ع) بتوزيعه علي الفقراء، قائلا: «اشير عليک أن لا تأخذ من هذا الفضل و أن تفضه علي فقراء المسلمين».فقال عمر: صدقت و الله[2] .

3ـ عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إن ترک هذا المال في جوف الکعبة لآخذه و أقسمه في سبيل الله و في سبيل الخير، و علي بن أبي طالب يسمع ما يقول، فقال عمر: ما تقول يا ابن أبي طالب بالله لئن شجعتني عليه لأفعلن؟فقال علي: أتجعله فينا، و صاحبه رجل يأتي في آخر الزمان[3] فاقتنع عمر بضرورة عدم التصرف بحلي الکعبة.ـبعث أبو عبيدة بن الجراح وبرة بن رومان الکلبي إلي عمر بن الخطاب: إن الناس قد تتابعوا في شرب الخمر بالشام، و قد ضربت أربعين، و لا أراها تغني عنهم شيئا، فاستشار عمر الناس.فقال علي (ع): أري أن تجعلها بمنزلة حد الفرية«ثمانون جلدة».إن الرجل إذا شرب هذي، و إذا هذي افتري، فجلده عمر بالمدينة، و کتب إلي أبي عبيدة، فجلده بالشام[4] .

5ـو قد ورد أن عمر بن الخطاب رأي ليلة رجلا و امرأة علي فاحشة، فلما أصبح قال للناس: أرأيتم أن إماما رأي رجلا و امرأة علي فاحشة.فأقام عليهما الحد ما کنتم فاعلين؟قالوا: إنما أنت إمام.

فقال علي بن أبي طالب: «ليس ذلک لک، إذن يقام عليک الحد، إن الله لم يأمن علي هذا الأمر أقل من أربعة شهداء»، ثم إن عمر ترک الناس ما شاء الله، ثم سألهم: فقال القوم مثل مقالتهم الاولي، و قال علي (ع) مثل مقالته.فأخذ عمر بقول الإمام[5] .

6ـعن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب سأل الناس قائلا: «کم يتزوج المملوک؟و قال لعلي: إياک أعني يا صاحب المعافريـرداء کان عليهـفقال الإمام (ع): اثنتين»[6] .

7ـبعد أن فتح المسلمون الشام جمع أبو عبيدة بن الجراح المسلمين و استشارهم بالمسير إلي بيت المقدس أو إلي قيسارية، فقال له معاذ بن جبل: اکتب إلي أمير المؤمنين عمر، فحيث أمرک فامتثله، فکتب ابن الجراح إلي عمر بالأمر، فلما قرأ الکتاب، استشار المسلمين بالأمر.فقال علي (ع): مر صاحبک ينزل بجيوش المسلمين إلي بيت المقدس، فإذا فتح الله بيت المقدس، صرف وجهه إلي قيسارية، فإنها تفتح بعدها إن شاء الله تعالي، کذا أخبرنا رسول الله (ص).

قال عمر: صدق المصطفي (ص)، و صدقت أنت يا أبا الحسن، ثم کتب إلي أبي عبيدة بالذي أشار به علي (ع)[7] .

8ـبعد انتصار المسلمين علي الفرس في خلافة عمر، شاور ابن الخطاب أصحاب رسول الله (ص) في سواد الکوفة.فقال بعضهم: تقسمها بيننا، ثم شاور عليا (ع) في الأمر.

فقال (ع): إن قسمتها اليوم لم يکن لمن يجي ء بعدنا شي ء، و لکن تقرها في أيديهم يعملونها، فتکون لنا و لمن بعدنا.فقال عمر لعلي: وفقک الله، هذا الرأي[8] .

9ـ عن الطبري في تأريخه عن سعيد بن المسيب: قال:

جمع عمر بن الخطاب الناس فسألهم، من أي يوم نکتب التأريخ؟

فقال علي (ع): من يوم هاجر رسول الله (ص)، و ترک أرض الشرک، ففعله عمر[9] .

و هکذا وجد التاريخ الهجري ليؤرخ به المسلمون.

هذه بعض ملامح دور الإمام علي (ع) الرسالي في خلافة عمر بن الخطاب.









  1. راجع نهج البلاغة.احفز: ادفع وسق، أهل البلاء: أهل المهارة في الحرب.مثابة: مرجع.
  2. نجم الدين العسکري/علي و الخلفاء/ص 83، أحمد بن حنبل في مسنده/ج 1/ص 94، کنز العمال/ج 4/ص 39 و غيرهم.
  3. المتقي الهندي/کنز العمال/ج 7/ص 147، صحيح البخاري/ج 19/ص 727، نجم الدين العسکري/علي و الخلفاء/ص 87.
  4. سنن البيهقي، تاريخ الطبري و کنز العمال/ج 3/ص 101، و شرح الموطأ للزرقاني/ج 4/ص 25، راجع علي و الخلفاء/ص90.
  5. المتقي الهندي/کنز العمال/ج 3/ص 96، الفتوحات الاسلامية/ج 2/ص 482، راجع علي و الخلفاء/ص 98.
  6. ابن شهر آشوب/مناقب آل أبي طالب/ج 2/ص 370.
  7. نجم الدين العسکري/علي و الخلفاء/ص 133.
  8. علي و الخلفاء/ص 239.
  9. تاريخ الطبري/ج 2/ص 253، و في تاريخ اليعقوبي مثله، و کنز العمال و مستدرک الحاکم، و الکامل في التاريخ لابن الأثير، راجع علي و الخلفاء/ص 240.