اهل البيت في آية التطهير و الأحاديث الشريفة
الزوجة فقطـالأولاد فقطـهي و هم معاـالعشيرة و الأرحامـالحملة لملة الرجل من اسرته و غير ذلک. و إذا اضيفت کلمة البيت للأهل يتبادر إلي الذهن: سکان البيت من مالک حقيقي له و اسرته و من معهم من إماء و خدم أو أصحاب البيت بالتملک فقط إلي غير ذلک، الأمر الذي ينطبق علي لفظة (أهل البيت) التي وردت ضمن آية التطهير المبارکة: (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا). (الأحزاب/33) و من هنا فان الضرورة تقتضي تخصيص هذا التعميم في کلمة الأهل و تقييد إطلاقها، و ذلک يتأتي من خلال قرينة ترافق الاستعمال کأن يشير المتکلم إلي من أراد بخطابه أو يرشد السامع بالإخبار المباشر إلي من قصد من ذکره للأهل، و من المقطوع به أن رسول الله (ص) کان مدرکا لطبيعة کلمة: (أهل البيت) من ناحية المرونة و الاستيعاب، و من أجل ذلک قيد إطلاقها و خصص عمومهاـکما سنريـغير أن الاهمال المتعمد للقرينةـو سنبين الأسبابـأعطي فرصة لصرف الکلمة«أهل البيت»إلي جميع ما تتحمله من معان و مداليل، و قد تمخض عن إهمال القرينة قيام عدة مذاهب کل منهايزعم لنفسه سلامة الاتجاه و المرمي. ان أهل البيت الذين خصوا بالذکر في آية التطهير هم: رسول الله و علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء و الحسن و الحسين (ع) دون غيرهم، فقد احصي ما ورد عنه (ص) من أحاديثـبهذا الخصوصـفنافت علي السبعين، روي منها أهل السنة بطرقهم ما يقرب من أربعين حديثا عن ام سلمة و عائشة و أبي سعيد الخدري و سعد و واثلة بن الأسقع و أبي الحمراء و ابن عباس و ثوبان مولي النبي و عبد الله بن جعفر و علي و الحسن بن علي (ع). و رواها الشيعة عن علي و السجاد و الباقر و الصادق و الرضا (ع) و عن ام سلمة و أبي ذر و أبي ليلي و أبي الأسود الدؤلي و عمرو بن ميمون الأودي و سعد بن أبي وقاص في أکثر من ثلاثين طريقا[1] . و هذه طائفة من الأحاديث النبوية المحددة للمراد من أهل البيت (ع) في آية التطهير و هي مما أجمعت عليه الامة عبر أجيالها من خلال کتب الأحاديث المعتبرة أو کتب التفسير: أـروي مسلم في صحيحه، و الحاکم في مستدرکه، و البيهقي في سننه الکبري، و کل من الطبري و ابن کثير و السيوطي في تفسير الآية بتفاسيرهمـو اللفظ لمسلمـعن عائشة قالت: «خرج رسول الله غداة و عليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا)»[2] بـفي تفسير آية التطهير عند ابن کثير و السيوطي، و سنن البيهقي، و تاريخ بغداد للخطيب، و مشکل الآثار للطحاوي، و اللفظ لابن کثير عن ام سلمة (رض) قالت: «في بيتي نزلت: (إنما يريد الله...) و في البيت فاطمة و علي و الحسن و الحسين فجللهم رسول الله بکساء کان عليه ثم قال: (هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا)»[3] . و في باب فضل فاطمة من صحيح الترمذي، و الرياض النضرة، و تهذيب التهذيب قال رسول الله (ص): «(اللهم! هؤلاء أهل بيتي و خاصتي أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا). و في مسند أحمد قالت ام سلمة: فأدخلت رأسي في البيت فقلت: و أنا معکم يا رسول الله؟قال: (إنک إلي خير، إنک إلي خير)». و في رواية الحاکم في المستدرک قالت ام سلمة: «يا رسول الله! ما أنا من أهل البيت؟قال: (إنک إلي خير، هؤلاء أهل بيتي، اللهم أهل بيتي أحق)». جـفي تفسير السيوطي و مشکل الآثار و اللفظ للسيوطي: «قالت ام سلمة: نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله...) و في البيت سبعة جبريل و ميکال و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (رض) و أنا علي باب البيت، قلت: يا رسول الله! ألست من أهل البيت؟قال: إنک إلي خير، إنک إلي خير، إنک من أزواج النبي»[4] ورد في الدر المنثور للسيوطي: «أخرج الطبراني عن ام سلمة أن رسول الله (ص) قال لفاطمة: إئتيني بزوجک و ابنيه، فجاءت بهم فألقي رسول الله (ص) عليهم کساء فدکيا، ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم! إن هؤلاء أهل محمدـو في لفظ آل محمدـفاجعل صلواتک و برکاتک علي آل محمد کما جعلتها علي آل إبراهيم انک حميد مجيد. قالت ام سلمة فرفعت الکساء لأدخل معهم فجذبه من يدي و قال: إنک علي خير»[5] . دـفي تفسير الطبري، و ذخائر العقبي للمحب الطبري، و اللفظ للأول عن أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله (ص): نزلت هذه الآية في خمسة، في و في علي و حسن و حسين و فاطمة، (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا)»[6] . هـالطبري و ابن کثير في تفسيرهما و الترمذي في صحيحه و الطحاوي في مشکل الآثارـو اللفظ للطبريـعن عمر بن أبي سلمة قال: «نزلت هذه الآية علي رسول الله (ص) في بيت ام سلمة: (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا) فدعا حسنا و حسينا و فاطمة فأجلسهم بين يديه و دعا عليا فأجلسه خلفه، فتجلل هو و هم بالکساء ثم قال: (هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا)»[7] . وـفي صحيح الترمذي، و مسند أحمد، و مسند الطيالسي، و مستدرک الصحيحين، و أسد الغابة، و تفاسير: الطبري و ابن کثير و السيوطي، و اللفظ للترمذي عن أنس ابن مالک قال: «إن رسول الله (ص) کان يمر بباب فاطمة ستة أشهر کلما خرج إلي صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت: (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا)»[8] . زـالاستيعاب، و أسد الغابة، و مجمع الزوائد، و مشکل الآثار، و تفاسير الطبري و ابن کثير، و السيوطي عن أبي الحمراءـو اللفظ للسيوطيـقال: «حفظت عن رسول الله ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرة يخرج إلي صلاة الغداة إلا أتي باب علي (رض) فوضع يده علي جنبتي الباب ثم قال: الصلاة الصلاة (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا)».و في تفسير السيوطي عن ابن عباس قال: «شهدت رسول الله (ص) تسعة أشهر يأتي کل يوم باب علي بن أبي طالب (رض) عند وقت کل صلاة فيقول: السلام عليکم و رحمة الله و برکاته أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا) کل يوم خمس مرات». 2ـ (فمن حاجک فيه من بعد ما جاءک من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءکم و نساءنا و نساءکم و أنفسنا و أنفسکم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الکاذبين). (آل عمران/61) ذکر أهل التفسير من جميع المسلمين أنها نزلت حين خرج رسول الله (ص) بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين (ع) لمباهلة نصاري نجران، فلما رآه النصاري قد خرج بأهل بيته خافوا العاقبة و اعتذروا عن مباهلته فدفعوا الجزية خضوعا منهم لسلطان دولته (ص).[9] . 3ـ (و يطعمون الطعام علي حبه مسکينا و يتيما و أسيرا*إنما نطعمکم لوجه الله لا نريد منکم جزاء و لا شکورا*إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا*فوقاهم الله شر ذلک اليوم و لقاهم نضرة و سرورا). (الدهر/8ـ11) و هذه بإجماع أهل التفسير نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين (ع) کما مرت الاشارة إليها سابقا. 4ـ (أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام کمن آمن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله و الله لا يهدي القوم الظالمين). (التوبة/19) نزلت هذه الآية عند ما تفاخر طلحة بن شيبة و العباس بن عبد المطلب: إذ قال طلحة: أنا أولي الناس بالبيت لأن المفتاح بيدي! و قال العباس: أنا أولي، أنا صاحب السقاية و القائم عليها. و في هذه الأثناء مر علي (ع) بهما و سألهما: بم يفتخران.فذکرا له ما قالا. فقال علي (ع): أنا اوتيت منذ صغري ما لم تؤتيا. فقالا: و ما ذاک؟ فقال (ع): «لقد صليت قبل الناس و أنا صاحب الجهاد».فأنزل الله تعالي الآية المذکورة في الثناء علي ما افتخر به علي (ع).[10] . و إذا کان القرآن الکريم يثني هذا الثناء الجميل علي علي (ع) فتعال معي إلي السنة الشريفة لنقرأ شيئا منها في هذا الصدد: 1ـقال رسول الله (ص): «أنا مدينة العلم و علي بابها»[11] . 2ـو قال (ص): «أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي»[12] . 3ـو قال (ص) مخاطبا عليا (ع): «لا يحبک إلا مؤمن و لا يبغضک إلا منافق»[13] . 4ـ«و أخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: کنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا. و أخرج مسلم عن علي بن أبي طالب قال: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إنه لعهد النبي الامي إلي: أنه لا يحبني إلا مؤمن، و لا يبغضني إلا منافق»[14] . 5ـو قال (ص) يوم المؤاخاةـبين المهاجرين و الأنصارـمخاطبا عليا (ع): «أنت أخي و أنا أخوک فإن ذکرک أحد فقل أنا عبد الله و أخو رسوله لا يدعيهما بعدک إلا کذاب»[15] . 6ـأخرج الحافظ ابن المغازلي في مناقبه باسناده عن عمار بن ياسر (رض) عن النبي (ص) قال: «يا علي! إن الله زينک بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلي الله منها: الزهد في الدنيا، و جعل الدنيا لا تنال منک شيئا»[16] . 7ـو أخرج الحافظ ابن المغازلي باسناده عن علي بن أبي طالب (ع) عن رسول الله (ص) ـمخاطبا عليا (ع) ـ: «لولاک ما عرف المؤمنون من بعدي»[17] . 8ـو أخرج ابن المغازلي من طرقه عن النعمان بن بشير عن رسول الله (ص) قال: «إنما مثل علي في هذه الامة مثل قل هو الله أحد في القرآن»[18] هذه طائفة من النصوص الخاصة بالثناء علي علي (ع)، و الاشادة بمقامه في إطار الاسلام و من شاء المزيد فليراجع: فضائل الخمسة من الصحاح الستة، و ينابيع المودة، و مسند أحمد بن حنبل، و فضائل أمير المؤمنين و إمامته من دلائل الصدق، و مناقب علي بن أبي طالب للحافظ ابن المغازلي الشافعي و غيرها.
بعد استعراضنا السريع للمرادـلغوياـمن کلمتي«أهل»و«بيت»أيقنا أن کلمة«أهل»علي وجه الخصوص کلمة فضفاضة عامة و مطلقة، فإذا اطلقت يتبادر إلي ذهن السامع أو القارئ أن المراد منها واحد من المداليل الآتية:
و الجدير ذکره هنا ان کتب السيرة و التاريخ لم تنقل لنا أن زوجات النبي (ص) ادعين علي انهن من أهل البيت المشمولين بالآية المذکورة.