مهمات ما بعد الهجرة











مهمات ما بعد الهجرة



استقبلت المدينة عهدا جديدا من تاريخها بوصول رسول الله (ص) إليها حيث أرسي (ص) قواعد دولة القرآن، و عمل علي تحصينها لتکون منارا يشع نور الحق إلي الآفاق فيبدد ظلام الجاهلية الحالک.

و إذا کان الاسلام بعد الهجرة قد امتلک دولة، و فرت له الکثير من شروط الحماية و التحصين، فان ذلک لا يعني بحال أن مکر الأعداء و خططهم لإطفاء نور الاسلام قد انتهت بل العکس هو الذي کان، فالجاهلية بقواها المتعددة و واجهاتها الکثيرة قد أجمعت علي حرب الاسلام و دولة الاسلام، و قد دخلت فصائل کثيرة إلي الميدان لغير مصلحة الاسلام، بعد أن أدرکت عمليا أن وجودها في خطر بعد امتلاک الاسلام الدولة التي ترعاه و يحقق أهدافه من خلالها.

و هکذا کانت مرحلة ما بعد الهجرة قد وضعت المسلمين أمام مسؤوليات أشمل ميدانا و أبعد خطرا، حيث بناء الدولة و حمايتها و بناء المجتمع و تحصينه، و صد الأعداء و نشر العقيدة و غير ذلک.

و الصراع بطبيعته قد تحول بدوره من صراع أفراد أو إرهاب قبائل و أصحاب و جاهات لأفراد عزل لا يملکون غير دينهم و ثقتهم بالله تعالي، إلي صراع عسکري منظم تقوده قوي جمعتها المصالح و الأهواء و لو آنيا لحرب الاسلام العظيم باعتبارهـو بتقديرهمـالخطر الماحق لوجودهم الفکري و العملي، و قد تفجر الصراع العسکري بشکل لم يشهد له التاريخ مثيلا.

و حسبک أن دولة القرآن قد شهدت عبر عشر سنوات عاشها رسول الله (ص) بعد هجرته إلي المدينة عشرات من الأعمال العسکرية بين حروب دفاعية أو هجوميةأو غزوات أو سرايا أو غيرها.و قد قدم المسلمون خلالها الکثير من الضحايا و لاقوا صنوفا من البلاء، بيد أنهم أنهوا الوجود العملي للجاهلية في الجزيرة العربية، فشملتها دولة الاسلام دون منازع.

و إذا تتبعنا تلک المرحلة الدقيقة من عمر الرسالة الخاتمة لوجدنا أن دور علي بن أبي طالب (ع) فيها لم يرق إليه دور قط، فهو في جميع حروب الاسلام مع أعدائه کان يفوز بقصب السبق لا من باب اشتراکه في الحرب أو قتاله فيها فحسب، و انما بما يقدمه من بطولة و تضحية يسبق بها سواه، و من المناسب هنا أن نذکر طرفا من بطولته (ع) و بأسه في الحرب: