في فراش رسول الله











في فراش رسول الله



و أبلغ جبريل (ع) رسول الله (ص) بأمر الله تعالي له بالهجرة إلي يثرب فاستجاب لربه الأعلي عز و جل و تصرف بما يفوت الفرصة علي الأعداء، و حين انتشر الظلام أسرع المتآمرون لتطويق بيت رسول الله (ص) للحيلولة دون خروجه.و عندها جاء دور علي (ع) حيث أمره رسول الله (ص) أن ينام علي فراشه، و يلتحف ببردته، و خرج الرسول (ص) من بين أعداء الله و هو يتلو قوله تعالي:

(و جعلنا من بين أيديهم سدا و من خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون). (يس/9)

فلم يشاهده أحد من المشرکين.

و عند طلوع الفجر اقتحم المتآمرون دار رسول الله (ص) لتنفيذ جريمتهم و اتجهوا لغرفته، فوثب علي (ع) في وجوههم قائلا: ما شأنکم؟قالوا: أين محمد؟قال:

«أجعلتموني عليه رقيبا؟ألستم قلتم نخرجه من بلادنا فقد خرج عنکم»[1] .

فانقلبوا خاسرين و باؤوا بالفشل الذريع، ثم بدا لهم أن يبحثوا عن رسول الله (ص) و يجدوا في طلبه في الجبال و الوديان، و اصطحبوا لذلک أبا کرز، و هو رجل شهير بعلم معرفة الأثر، و بالفعل استطاع أبو کرز أن يتابع أثر رسول الله (ص) حتي أوصل القوم إلي غار جبل«ثور»مؤکدا لهم أن محمدا رسول الله (ص) قد وصل في نهاية شوطه إلي ذلک الغار، و إذن فلا بد أن يکون قد عرج إلي السماء أو اختفي تحت الأرض[2] ، و حيث إن الله سبحانه قد بعث عنکبوتا فنسجت بيتا لها علي باب الغار، فإن المتآمرين لم يخطر ببالهم أن رسول الله (ص) يلوذ عن کيدهم في داخل الغار الذي يقفون علي بابه، و هکذا صرف الله عقولهم فولوا الأدبار.

و عند حلول الليلة الثانية أسرع علي (ع) و هند بن أبي هالة إلي الغار للاتصال بالرسول (ص) تحت جنح الظلام[3] و تحاور رسول الله (ص) مع علي (ع) حول مستلزمات الهجرة، فأوصاه بأداء الأمانات إلي أهلها، و باللحوق به (ص) بعد ذلک و أوصاه أن يحمل معه فاطمة الزهراء (ع) و من معها من نساء أهل البيت.









  1. تفسير سورة الأنفال/آية 30.يراجع الميزان للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي/ج 9/بحث روائي ص 80.
  2. الطباطبائي/الميزان/ج 9/ص 80.
  3. محسن الأمين العاملي/أعيان الشيعة/ج 1/ص 237.