عطاء عثمان من غنائم افريقية











عطاء عثمان من غنائم افريقية



أعطي عبدالله بن سعد بن أبي سرح أخاه من الرضاعة الخمس من غنائم افريقية في غزوها الاول کمامر في صفحة 259 وقال ابن کثير: أعطاه خمس الخمس وکان مائة ألف دينار علي ما ذکره أبوالفدا من تقدير ذلک الخمس بخمسائة الف دينار وکان حظ الفارس من تلک الغنيمة العظيمة ثلاثة آلاف، ونصيب الراجل ألف کما ذکره إبن الاثير في اسد الغابة 173: 3، وابن کثير في تاريخه 152 و 7.

وقال ابن ابي الحديد في شرحه 67: 1: أعطي عبدالله بن أبي سرح جميع ما أفاء الله عليه من فتح افريقية بالمغرب، وهي من طرابلس الغرب إلي طنجة، من غير أن يشرکه فيه أحد من المسلمين.

وقال البلاذري في الانساب 26 و 5: کان (عثمان) کثيرا ما يولي من بني امية

[صفحه 280]

من لم يکن له مع النبي صلي الله عليه وآله صحبة فکان يجئ من امرأته ما ينکره أصحاب محمد صلي الله عليه وآله وکان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما کان في الست الاواخر استأثر ببني عمه فولاهم وولي عبدالله بن أبي سرح مصر، فمکث عليها سنين فجاء أهل مصر يشکونه و يتظلمون منه (إلي ان قال: ) فلما جاء أهل مصر يشکون إبن ابي سرح کتب اليه کتابا يتهدده فيه فأبي ان ينزع عما نهاه عثمان عنه، وضرب بعض من کان شکاه إلي عثمان من أهل مصر حتي قتله، فخرج من أهل مصر سبع مائة إلي المدينة فنزلوا المسجد وشکوا ما صنع بهم إبن أبي سرح في مواقيت الصلاة إلي اصحاب محمد، فقام طلحة إلي عثمان فکلمه بکلام شديد، وأرسلت اليه عائشة رضي الله عنها تساله أن ينصفهم من عامله، ودخل عليه علي بن أبيطالب وکان متکلم القوم فقال له: إنما يسئلک القوم رجلا مکان رجل وقدادعوا قبله دما فاعزله عنهم واقض بينهم، فإن وجب عليه حق فانصفهم منه.فقال لهم: اختاروا رجلا أوليه عليکم مکانه. فأشار الناس عليهم بمحمد بن أبي بکر الصديق فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بکر فکتب عهده علي مصر ووجه معهم عدة من المهاجرين والانصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرح.وسيأتي تمام الخبر وکتاب عثمان إلي ابن أبي سرح يأمره بالتنکيل بالقوم.

قال الاميني: ابن ابي سرح هذا هو الذي أسلم قبل الفتح وهاجر ثم ارتد مشرکا وصار إلي قريش بمکة فقال لهم: إني أضرب محمدا حيث اريد. فلما کان يوم الفتح أمر صلي الله عليه وآله بقتله وأباح دمه ولو وجد تحت أستار الکعبة، ففر إلي عثمان فغيبه حتي أتي به رسول الله بعد ما اطمأن أهل مکة فاستأمنه له فصمت رسول الله صلي الله عليه وآله طويلا ثم قال: نعم فلما انصرف عثمان قال صلي الله عليه وآله لمن حوله: ما صمت إلا ليقوم إليه بعضکم فيضرب عنقه وقال رجل من الانصار: فهلا أومأت الي يا رسول الله؟ فقال: إن النبي لا ينبغي أن يکون له خائنة الاعين.[1] .

ونزل القرآن بکفره في قوله تعالي: ومن اظلم ممن افتري علي الله کذبا أو قال

[صفحه 281]

أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ماأنزل الله.الآية (الانعام 93)

أطبق المفسرون علي ان المراد بقوله: سأنزل مثل ما أنزل الله هو عبدالله بن أبي سرح وسبب ذلک فيما ذکروه: أنه لما نزلت الآية التي في المؤمنين: ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين.دعاه النبي صلي الله عليه وآله فأملاها عليه فلما انتهي إلي قوله: ثم أنشأناه خلقا آخر. عجب عبدالله في تفصيل خلق الانسان فقال: تبارک الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: هکذا أنزلت علي، فشک عبدالله حينئذ وقال: لئن کان محمد صادقا لقد أوحي إلي کما أوحي اليه، وان کان کاذبا لقد قلت کما قال. فارتد عن الاسلام ولحق بالمشرکين فذلک قوله: ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله.

راجع الانساب للبلاذري 49: 5، تفسير القرطبي 40: 7، تفسير البيضاوي 391: 1، کشاف الزمخشري 461: 1، تفسير الرازي 96: 4، تفسير الخازن 37: 2، تفسير النسفي هامش الخازن 37 2، تفسير الشوکاني 135 و 133: 2 نقلا عن ابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جريج، وابن جرير، وأبي الشيخ.

کان الرجل أموي النزعة والنشأة ارضعته وعثمان ثدي الاشعرية فقربته الاخوة من الرضاعة إلي الخليفة، وآثرته نزعاته الاموية علي المسلمين، وأوصلته إلي الحظوة والثروة من حظام الدنيا، وحللت له تلک المنحة الطائلة وان لم تساعد الخليفة علي ذلک النواميس الدينية، إذ لم يکن امر الغنائم مفوضا اليه وإنما خمسها لله ولرسوله ولذي القربي، ادي الرجل شکر تلکم الايادي بامتناعه عن بيعة علي امير المؤمنين بعد قتل أخيه الخليفة، والله يعلم منقلبهم ومثواهم.

هذه سيرة عثمان وسنته في الاموال وفي لسانه قوله علي صهوة الخطابة: هذا مال الله اعطيه من شئت وامنعه من شئت، فارغم الله أنف من رغم.ولا يصيخ إلي قول عمار يوم ذاک: اشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلک.

وبين شفتيه قوله: لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف اقوام.ولا يعبأ بقول مولانا أميرالمؤمنين في ذلک الموقف: إذا تمنع من ذلک ويحال بينک وبينه.[2] .

نعم: هذا عثمان وهذا قيله، والمشرع الاعظم صلي الله عليه وآله يقول فيما أخرجه البخاري

[صفحه 282]

في صحيحه 15: 5: إنما انا قاسم وخان والله يعطي. ويقول: ما اعطيکم ولا أمنعکم إنما أنا قاسم حيث امرت. وفي لفظ: والله ما اوتيکم من شئ ولا أمنعکموه، إن أنا إلا خازن أضع حيث امرت.[3] وقد حذر صلي الله عليه وآله امته من التصرف في مال الله بغير حق بقوله: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة.[4] .

تلک حدود الله فلا تقربوها، ومن يتعد حدود الله فأولئک هم الظالمون.



صفحه 280، 281، 282.





  1. سنن أبي داود 220: 2، أنساب البلاذري 49. 5، مستدرک الحاکم 100: 3، الاستيعاب 381: 1، تفسير القرطبي 40: 7، أسد الغابة 173: 3، الاصابة 317: 2، تفسير الشوکاني 134: 2.
  2. سيوافيک تفصيل الحديثين في الجزء التاسع ان شاء الله تعالي.
  3. صحيح البخاري 17: 5، سنن ابي داود 25: 2، طرح التثريب 160: 7.
  4. صحيح البخاري 17: 5.