هذا الوالد، وما أدراک ما ولد؟
وسل عنه قوله تعالي: أفمن کان مؤمنا کمن کان فاسقا لا يستون.وهذه الآية کسابقتها تومي بالفاسق اليه کما أسلفناه في الجزء الثاني 43 و 42 ط 1، و 47 و 46 ط 2. وسل عنه محراب جامع الکوفة يوم قاء فيه من السکر وصلي الصبح اربعا وأنشد فيها رافعا صوته: [صفحه 275] علق القلب الربابا وقال: هل أزيدکم؟ فضربه ابن مسعود بفردة خفه، وأخذه الحصباء من المصلين ففر عنهم حتي دخل داره والحصباء من وراءه، کما فصلناه في هذا الجزء ص 124120 وسل عنه سوط عبدالله بن جعفر لما جلده حد الشارب بأمر مولانا أميرالمؤمنين وهو يسبه بمشهد عثمان بعد ضوضاء من المسلمين علي تأخير الحد کما مر ص 124. وسل عنه إبن عمه سعيد بن العاص لما غسل منبر جامع الکوفة ومحرابه تطهيرا من أقذار الفاسق حين ولاه عثمان علي الکوفة بعد الوليد. وسل عنه الامام السبط الحسن المجتبي يوم تکلم عليه في مجلس معاوية فقال عليه السلام: وأما أنت يا وليد فوالله ما ألومک علي بغض علي وقد جلدک ثمانين في الخمر وقتل أباک بين يدي رسول الله صبرا، وأنت الذي سماه الله الفاسق، وسمي عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له: اسکت يا علي فأنا أشجع منک جنانا، واطول منک لسانا، فقال لک علي: اسکت يا وليد فأنا مؤمن، وأنت فاسق.فانزل الله تعالي في موافقته قوله: أفمن کان مؤمنا کمن کان فاسقا لا يستوون.ثم أنزل فيک علي موافقة قوله أيضا: إن جاءکم فاسق بنبأ فتبينوا.ويحک يا وليد مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر[2] فيک وفيه: أنزل الله والکتاب عزيز فتبوا الوليد إذ ذاک فسقا ليس من کان مؤمنا عمرک الله سوف يدعي الوليد بعد قليل فعلي يجزي بذاک جنانا رب جد لعقبة بن أبان[3] . وما أنت وقريش؟ إنما أنت علج من أهل صفورية، وأقسم بالله لانت اکبر في الميلاد واسن ممن تدعي اليه. «شرح ابن ابي الحديد 103: 2» [صفحه 276] وإن شئت فسل الخليفة عثمان عن تأهيله إياه للولاية علي صدقات بني تغلب ثم للامارة علي الکوفة، وإئتمانه علي أحکام الدين وأعراض المسلمين، وتهذيب الناس ودعوتهم إلي الدين الحنيف، وإسقاط ماعليه من الدين لبيت مال المسلمين وإبراء ذمته عما عليه من مال الفقراء، هل في الشريعة الطاهرة تسليط مثل الرجل علي ذلک کله؟ أنا لا أعرف لذلک جوابا، ولعلک تجد عند الخليفة ما يبرر عمله، أو تجد عند ابن حجر بعد اعترافه بصحة ما قلناه وانه جاء من طريق الثقات جوابا منحوتا لا نعرف المحصل منه قال في تهذيب التهذيب 144: 11: قد ثبتت صحبته وله ذنوب أمرها إلي الله تعالي والصواب السکوت.أ ه. أما نحن فلا نري السکوت صوابا بعد أن لم يسکت عنه الذکر الحکيم وسماه فاسقا في موضعين، أفمن کان مؤمنا کمن کان فاسقا لا يستوون، ومهما سکتنا عن أمر بينه وبين الله سبحانه فليس من السائغ أن نسکت عن ترتيب آثار العدالة عليه والرواية عنه وهو فاسق في القرآن، متهتک بالجرائم علي رؤس الاشهاد، متعد حدود الله ومن يتعد حدود الله فأولئک هم الظالمون.
أما الوليد الفاسق بلسان الوحي المبين، الزاني، الفاجر، السکير، المدمن للخمر المتهتک في أحکام الدين وتعاليمه، المهتوک بالجلد علي رؤس الاشهاد، فسل عنه قوله تعالي: إن جاءکم فاسق بنبأ فتبينوا[1] فان من المجمع عليه بين أهل العلم بتأويل القرآن نزوله فيه کما مر في ص 124.
بعد ما شابت وشابا
في علي وفي الوليد قرانا
وعلي مبوء ايمانا
کمن کان فاسقا خوانا
وعلي إلي الحساب عيانا
ووليد يجزي بذاک هوانا
لابس في بلادنا تبانا
صفحه 275، 276.