رؤيا رسول الله في علم عمر











رؤيا رسول الله في علم عمر



أخرج البخاري في صحيحه 255: 5 في مناقب عمر عن عبدالله بن عمر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال: بينا أنا نائم شربت يعني اللبن حتي أنظر إلي الري يجري في ظفري أو في أظفاري ثم ناولت عمر. فقالوا: فماأولته؟ قال العلم.

وأخرجه الحکيم الترمذي في نوادر الاصول ص 119، والبغوي في المصابيح 270: 2، وابن عبدالبر في الاستيعاب 429: 2، والمحب الطبري في الرياض 8: 2. وفي لفظهم: بينا أنانائم أتيت بقدح لبن فشربت حتي رأيت الري يخرج من أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر.

قال الحافظ ابن أبي الجمرة الازدي الاندلسي في بهجة النفوس 244: 4 عند شرحه الحديث: فانظر بنظرک إلي الذي شرب فضله عليه السلام کيف کان قوة علمه؟ الذي لم يقدر أحد من الخلفاء يماثله، فکيف؟ بغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وکيف؟ ممن بعد الصحابة. إلي آخرماجاء به من التافهات.

قال الاميني: إن طبع الحال يستدعي أن تکون هذه الرؤيا بعد إسلام عمر وبعد مضي سنين من البعثة، وهل کان صلي الله عليه وآله طيلة هذه المدة خلوا من العلم؟ وهو في دور الرسالة، أو کان في علمه إعواز أکمله هذا اللبن الساري ريه في ظفره أو أظفاره؟ أو کان فيها إعلام بمبلغ علم عمر فحسب، وکناية عن انه من مستقي الوحي؟ فهل تخفي علي من هو هذا شأنه جلية المسائل فضلا عن معضلاتها؟ وهل يسعه أن يعتذر في الجهل بکتاب الله بقوله: ألهاني عنه الصفق بالاسواق؟.

وهلا تأثرت نفس الرجل بالعلم لما شرب من منهل علم النبي العظيم؟ فما معني قوله: کل الناس أفقه من عمر حتي ربات الحجال؟ وأمثاله[1] وما الوجه في أخطاءه

[صفحه 94]

التي لاتحصي في الفتيا وغيرها؟ مماسبق ويأتي إنشاءالله تعالي.

ولقد تلطف المولي سبحانه علي الامة المرحومة انه ولي أمرها بعد شرب تلک الکاس. وأنا لا أدري لو کان وليه قبل ذلک ماذا کان يصدر من ولائد الجهل؟ وأي حد کانت تبلغ نوادر الاثر في علمه؟

وليت مصطنع هذه المهزأة إصطنعها علي وجه ينطبق حکمها علي رسول الله صلي الله عليه وآله وعلي الخليفة، لکنه لا ينطبق علي أي منهما کما بيناه، غير أن وظيفة الماين أن يأتي بأساطيره علي کل حال، وإنما العتب علي البخاري الذي يعتبرها ويدرجها في الصحيح غلوا منه في الفضائل، وأشد منه وأعظم علي أمثال ابن أبي جمرة الازدي من الذين يموهون الحقايق بزخرف القول علي أغرار الامة، ويحسبونه هينا وهو عندالله عظيم.



صفحه 94.





  1. راجع مامر في الجزء السادس ص 338 ط 2.