تسمية عمر بأميرالمؤمنين











تسمية عمر بأميرالمؤمنين



قال الواقدي: حدثنا أبوحمزة[1] يعقوب بن مجاهد عن محمد بن ابراهيم عن أبي عمر وقال: قلت لعائشة: من سمي عمر الفاروق أميرالمؤمنين؟ قالت: النبي صلي الله عليه وسلم قال: أمير المؤ منين هو. ذکره ابن کثير في تاريخه 137: 7.

قال الاميني: کان أبوحزرة قاصا يقص فراقه أن يکذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله

[صفحه 86]

وعلي حليلته ام المؤمنين لارضاء مستمعيه بافتعال منقبة لعمر ذاهلا عن أن التاريخ يکذبه ويکشف عن سوءته ولوبعد حين.

أخرج الحاکم من طريق ابن شهاب قال: ان عمر بن عبدالعزيز سأل أبابکر ابن سليمان بن أبي خيثمة لاي شئ کان يکتب من خليفة رسول الله صلي الله عليه وآله في عهد أبي بکر رضي الله عنه؟ ثم کان عمر يکتب أولا من خليفة أبي بکر، فمن أول من کتب من أميرالمؤمنين؟ فقال: حدثني الشفاء وکانت من المهاجرات الاول: ان عمربن الخطاب رضي الله عنه کتب إلي عامل العراق بأن يبعث اليه رجلين جلدين يسألهما عن العراق و أهله فبعث عامل العراق بلبيد بن ربيعة وعدي ابن حاتم فلما قدما المدينة أناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا المسجد فاذا هما بعمر وبن العاص فقالا: استأذن لنا ياعمرو علي أميرالمؤمنين،فقال عمرو: أنتما والله أصبتما اسمه، هوالامير ونحن المؤمنون، فوثب عمرو فدخل علي أميرالمؤمنين. فقال: السلام عليک ياأميرالمؤمنين. فقال عمر: مابدالک في هذاالاسم يابن العاص، ربي يعلم لتخرجن مماقلت. قال: ان لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا علي فقالا لي: استأذن لنا يا عمرو علي أميرالمؤمنين فهماوالله أصابا اسمک، نحن المؤمنون وأنت أميرنا، قال: فمضي به الکتاب من يومئذ.

أخرجه الحاکم في المستدرک وصححه. وقال الذهبي في تلخيص المستدرک: صحيح. وقال السيوطي في شرح شواهد المغني ص 57: روينا بسند صحيح ان لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم همااللذان سميا عمربن الخطاب أميرالمؤمنين حين قدما عليه من العراق. وذکر القصة في تاريخ الخلفاء ص 94.

وأخرج الطبري في تاريخه 22: 5 بالاسناد عن حسان الکوفي قال: لما ولي عمر قيل: ياخليفة خليفة رسول الله، فقال عمر رضي الله عنه: هذا أمر يطول کل ماجاء خليفة قالوا: ياخليفة خليفة خليفة رسول الله، بل أنتم المؤمنون وأنا أميرکم فسمي أميرالمؤمنين.

وقال ابن خلدون في مقدمة تاريخه ص 227: اتفق أن دعا بعض الصحابة عمر رضي الله عنه: يا أميرالمؤمنين فاستحسنه الناس واستصوبوه ودعوه به، يقال: إن أول

[صفحه 87]

من دعا بذلک عبدالله بن جحش، وقيل: عمروبن العاصي، والمغيرة بن شعبة وقيل: بريد جاء بالفتح من بعض البعوث ودخل المدينة وهو يسأل عن عمر ويقول: أين أميرالمؤمنين؟ وسمعها أصحابه فاستحسنوه وقالوا: أصبت والله اسمه إنه والله أميرالمؤمنين حقا، فدعوه بذلک وذهب لقبا له في الناس، وتوارثه الخلفاء من بعده سمة لا يشارکهم فيها أحد سواهم إلا سائر دولة بني أمية. اه.

فصريح هذه النقول أن عمر نفسه ماکانت له سابقة علم بهذا اللقب لا عن رسول الله صلي الله عليه وآله ولا عن غيره، ولذلک استغربه وقال: ربي يعلم لتخرجن مماقلت. ولا کان عمربن العاصي يعلم ذلک ولذلک نسب الاصابة بالتسمية إلي الرجلين ونحت لها من عنده مايبررها. ولا کانت عند الرجلين- اللذين صح کما مر أنهما هما اللذان سمياه- أثارة من علم بماجاءبه ابن کثير وإنما هو شئ جري علي لسانهما، ثم اعطف نظرة ثانية علي کلمة ابن خلدون المقررة للخلاف في أول من سماه بأميرالؤمنين ولم يذکر فيه قولا بأن الرسول صلي الله عليه وآله هوالذي سماه، وصريح رواية الطبري ان عمر هو الذي رأي هذه التسمية.

نعم: إن الذي سماه رسول الله صلي الله عليه وآله أميرالؤمنين هو مولانا علي عليه السلام، أخرج أبونعيم في حلية الاولياء 63: 1 باسناده عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ياأنس اسکب لي وضوءا. ثم قام فصلي رکعتين. ثم قال: يا أنس أول من يدخل عليک من هذا الباب أميرالمؤمنين، وسيد المسلمين،وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، قال أنس: قلت: أللهم اجعله رجلا من الانصار وکتمته إذ جاء علي فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي، فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه. قال علي: يارسول الله لقد رأيتک صنعت شيئا ماصنعت بي من قبل؟ قال: وما يمنعني وأنت تؤدي عني،وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي

وأخرج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال: کان رسول الله صلي الله عليه وسلم في بيته فغداعليه علي بن ابي طا لب کرم الله وجهه بالغداة أن لا يسبقه إليه أحد فدخل فاذا النبي صلي الله عليه وسلم في صحن البيت فاذا رأسه في حجر دحية بن خليفة الکلبي فقال: السلام عليک، کيف أصبح رسول الله؟ قال: بخير ياأخارسول الله فقال علي: جزاک الله عنا خيرا أهل البيت

[صفحه 88]

فقال له دحية: إني لاحبک وإن لک عندي مدحة أزفها لک، أنت أميرالمؤمنين، و قائد الغر المحجلين. الخ. وفيه: فأخذ رأس النبي صلي الله عليه وسلم فوضعه في حجره فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ماهذه الهمهمة؟ فقال علي بماجري، فقال: ياعلي لم يکن دحية ولکن کان جبرائيل سماک باسم سماک الله به.

وأخرج الحافظ ابوالعلا الحسن بن أحمد العطار من طريق ابن عباس في حديث: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: ياام سلمة اشهدي واسمعي هذا علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين. الحديث مر بتمامه في الجزء السادس ص 80 ط 2.

وأخرج الطبراني في معجمه من طريق عبدالله بن عليم الجهني مرفوعا: إن الله عزو جل أوحي إلي في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي انه سيدالمؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.

وتعضد هذه الاحاديث وتؤکدها عدة أحاديث منها ماأخرجه أبونعيم في حلية الاولياء من طريق ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ماأنزل الله آية فيها ياأيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها.

وفي لفظ الطبراني وابن أبي حاتم: إلا وعلي أميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مکان وما ذکر عليا إلا بخير[2] .

ومنها ما أخرجه الخطيب والحاکم وصححه من طريق جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي يقول: هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله[3] .

وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن عباس کما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 115، ونور الابصار ص 80، وأخرجه شيخ الاسلام الحمويي من طريق عبدالرحمن بن سهمان في فرائد السمطين، وذکره ابن حجرفي الصواعق نقلا عن الحاکم وحرفه

[صفحه 89]

وجعل مکان أمير البررة: إمام البررة. حيا الله الامانة.

ومنها ماأخرجه ابن عدي في کامله من طريق علي: إن النبي صلي الله عله وسلم قال: علي يعسوب[4] المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين، وفي رواية: يعسوب الظلمة، وفي رواية يعسوب الکفار. ذکره الدميري في حياة الحيوان 412: 2، وابن حجر في الصواعق ص 75، وقال الدميري: ومن هناقيل لامير المؤمنين علي کرم الله وجهه: أمير النحل.

ومنها قول علي: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الکفار، وفي لفظ: المنافقين، وفي لفظ: الفجار. نهج البلاغة 211 و 2، تاج العروس 381: 1.

هذه هي الحقيقة الراهنة لکن القوم نحتوا تجاهها بقضاء من الغلو في الفضائل ما عرفته من رواية القصاص أبي حزرة.



صفحه 86، 87، 88، 89.





  1. کذا في تاريخ ابن کثير والصحيح: حزرة. بفتح المهملتين بينهما معجمة ساکنة.
  2. راجع حلية الاولياء 64: 1، الرياض النضرة 206: 2، کفاية الکنجي ص 54، تذکرة السبط ص 8، درر السمطين لجمال الدين الزرندي، الصواعق لابن حجر ص 76، کنزالعمال 291: 6، تاريخ الخلفاء ص 115.
  3. تاريخ الخطيب البغدادي 377: 2، ج: 219، مستدرک الحاکم 129: 3.
  4. يعسوب: الامير. الرئيس.