غديرية ابن داغر الحلي











غديرية ابن داغر الحلي



حيا الاله کتيبة مرتادها
يطوي له سهل الفلا ووهادها


قصدت أميرالمؤمنين بقبة
يبني علي هام السماک عمادها


وفدت علي خير الانام بحضرة
عند الاله مکرم وفادها فيها


الفتي وابن الفتي وأخو الفتي
أهل الفتوة ربها مقتادها


فله الفخار قديمه وحديثه
والفاضلات طريفها وتلادها[1] .


مولي البرية بعد فقد نبيها
وإمامها وهمامها وجوادها


وإذا القروم تصادمت في معرک
والخيل قد نسج القتام طرادها


وتري القبائل عند مختلف القنا
منه يحذر جمعها آحادها


والشوس تعثر في المجال وتحتها
جرد تجذ إلي القتال جيادها[2] .


فکأن منتشر الرعال لدي الوغا
زجل تنشر في البلاد جرادها


ورماحهم قد شظيت عيدانها[3] .
وسيوفهم قد کسرت أغمادها


والشهب تغمد في الرؤس نصولها
والسمر تصعد في النفوس صعادها[4] .


فتري هناک أخا النبي محمد
وعليه من جهد البلاء جلادها


مترديا عند اللقا بحسامه
متصديا لکماتها يصطادها

[صفحه 25]

عضد النبي الهاشمي بسيفه
حتي تقطع في الوغا أعضادها


واخاه دونهم وسد دوينه
أبوابهم فتاحها سدادها


وحباه في (يوم الغدير) ولاية
عام الوداع وکلهم أشهادها


فغدا به (يوم الغدير) مفضلا
برکاته ما تنتهي أعدادها


قبلت وصية أحمد وبصدرها
تخفي لآل محمد أحقادها


حتي إذا مات النبي فأظهرت
أضغانها في ظلمها أجنادها


منعوا خلافة ربها ووليها
ببصائر عميت وضل رشادها


واعصو صبوا في منع فاطم حقها
فقضت وقد شاب الحياة نکادها[5] .


وتوفيت غصصا وبعد وفاتها
قتل الحسين وذبحت أولادها


وغدا يسب علي المنابر بعلها
في أمة ضلت وطال فسادها


ولقد وقفت علي مقالة حاذق
في السالفين فراق لي إنشادها


(أعلي المنابر تعلنون بسبه
وبسيفه نصبت لکم أعوادها)[6] .


يا آل بيت محمد يا سادة
ساد البرية فضلها وسدادها


أنتم مصابيح الظلام وأنتم
خير الانام وأنتم أمجادها


فضلاءها علماءها حلماءها
حکماءها عبادها زهادها


أما العباد فأنتم ساداتها
أما الحروب فأنتم آسادها


تلک المساعي للبرية أوضحت
نهج الهدي ومشت به عبادها


وإليکم من شاردات (مغامس)
بکرا يقر بفضلها حسادها


کملت بوزن کمالکم وتزينت
بمحاسن من حسنکم تزدادها


ناديتها صوتا فمذ أسمعتها
لبت ولم يصلد علي زنادها


نفقت لدي لانها في مدحکم
فلذاک لا يخشي علي کسادها


رحم الاله ممدها أقلامه
ورجاؤه أن لا يخيب مدادها

[صفحه 26]

فتشفعوا لکبائر أسلفتها
قلقت لها نفسي وقل رقادها


جرما لو أن الراسيات حملنه
دکت وذاب صخورها وصلادها


هيهات تمنع عن شفاعة جدکم
نفس وحب أبي تراب زادها


صلي الآله عليکم ما أرعدت
سحب وأسبل ممطرا أرعادها


وله قوله من قصيدة تناهز الاثنين والتسعين بيتا:


کيف السلامة والخطوب تنوب
ومصائب الدنيا الغرور تصوب؟


إن البقاء علي اختلاف طبائع
ورجاء أن ينجو الفتي لعصيب


العيش أهونه وما هو کائن
حتم وما هو واصل فقريب


والدهر أطوار وليس لاهله
إن فکروا في جالتيه نصيب


ليس اللبيب من استغر بعيشه
إن المفکر في الامور لبيب


يا غافلا والموت ليس بغافل
عش ما تشاء فانک المطلوب


أبديت لهوک إذ زمانک مقبل
زاه وإذ غض الشباب رطيب


فمن النصير علي الخطوب إذ أتت
وعلا علي شرخ الشباب مشيب


علل الفتي من علمه مکفوفة
حتي الممات وعمره مکتوب


وتراه يکدح في المعاش ورزقه
في الکائنات مقدر محسوب


إن الليالي لا تزال مجدة
في الخلق أحداث لها وخطوب


من سر فيها ساءه من صرفها
ريب له طول الزمان مريب


عصفت بخير الخلق آل محمد
نکباء إعصار لها وهبوب[7] .


اما النبي فخانه من قومه
في أقربيه مجانب وصحيب


من بعد ما ردوا عليه وصاته
حتي کأن مقاله مکذوب


ونسوا رعاية حقه في حيدر
في «خم» وهو وزيره المصحوب


فأقام فيهم برهة حتي قضي
في الغيظ وهو بغيظهم مغضوب


ومنها قوله في رثاء الامام السبط عليه السلام:


بأبي الامام المستظام بکربلا
يدعو وليس لما يقول مجيب

[صفحه 27]

بأبي الوحيد وماله من راحم
يشکو الظما والماء منه قريب


بأبي الحبيب إلي النبي محمد
ومحمد عند الآله حبيب


يا کربلاء أفيک يقتل جهرة
سبط المطهر؟ إن ذالعجيب


ما أنت إلا کربة وبلية
کل الانام بهولها مکروب


لهفي عليه وقد هوي متعفرا
وبه اوام فادح ولغوب[8] .


لهفي عليه بالطفوف مجدلا
تسفي عليه شمال وجنوب


لهفي عليه والخيول ترضه
فلهن رکض حوله وخبيب[9] .


لهفي له والرأس من مميز
والشيب من دمه الشريف خضيب


لهفي عليه ودرعه مسلوبة
لهفي عليه ورحله منهوب


لهفي علي حرم الحسين حواسرا
شعثا وقد ريعت لهن قلوب


حتي إذا قطع الکريم بسيفه
لم يثنه خوف ولا ترعيب


لله کم لطمت خدود عنده
جزعا وکم شقت عليه جيوب؟


ما أنس إن أنسي الزکية زينبا
تبکي له وقناعها مسلوب


تدعو وتندب والمصاب تکظها
بين الطفوف ودمعها مسکوب[10] .


ءاخي بعدک لا حييت بغبطة
واغتالني حتف إلي قريب


ءاخي بعدک من يدافع جاهلا
عني ويسمع دعوتي ويجيب


حزني تذوب له الجبال وعنده
يسلو وينسي يوسفا يعقوب


صفحه 25، 26، 27.








  1. الطريف: المکتسب حديثا. التلاد والتليد: ما کان من قديم.
  2. الشوس ج أشوس: الشديد الجرئ في القتال. تعثر يقال: عثر الرجل عثورا اذا هجم لمي امر لهم يهجم عليه غيره. المجال: محل الجولان أي الميدان. جرد جمع الاجرد: السباق من الخيل. يجذ من جذ في سيره: أسرع: الجياد ج الجواد: السريع من الفرس.
  3. شطني تشظية: فرق، تشظي العود: تطاير شظايا: عيدان واعود واعواد ج العود: الخشب.
  4. الشهب ج الشهاب: السنان. سمي به لما فيه من بريق. نصول ج النصل: حديدة الرمح والسهم. السمر: الرمح. صعاد ج الصعدة: القناة المستوية.
  5. اعصو صبوا: اجتمعوا وصاروا عصائب. شاب: خلط وغش. النکاد: الکدر.
  6. هذا البيت من قصيدة لابي محمد عبدالله بن محمد بن سنان الخفاجي الحلبي رحمه الله المتوفي 466.
  7. الاعصار: ريح ترتفع بالتراب. الهبوب من الرياح المثيرة للغبرة.
  8. الاوام: العطش. الفادح: الصعب المثقل. اللغوب: المتعب المعيي.
  9. الخبيب من خب الفرس في عدوه: راوح بين يديه ورجليه أي قام علي احداهما مره وعلي الاخري مرة.
  10. تکظها من کظ الامر کظا: غم وبهظ الطفوف ج الطف. ما اشرف من الارض.