راي أبي بكر في الكلالة











راي أبي بکر في الکلالة



وتجد الخليفة علي شاکلة صنوه في عدم العلم بالکلالة النازلة في آية الصيف آخر سورة النساء: يستفتونک قل الله يفتيکم في الکلالة إن امرؤ هلک ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترک. لآية.

أخرج أئمة الحديث باسناد صحيح رجاله ثقات عن الشعبي قال: سئل أبوبکر رضي الله عنه عن الکلالة؟ فقال: إني سأقول فيها برأيي فإن يک صوابا فمن الله وإن يک خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، أراه ما خلا الولد والوالد، فلما استخلف عمر رضي الله عنه قال: إني لاستحيي الله أن أرد شيئا قاله أبوبکر.

أخرجه سعد بن منصور، عبدالرزاق، ابن أبي شيبة، الدارمي في سننه 2 ص 365، وابن جرير الطبري في تفسيره 6 ص 30 ابن المنذر، البيهقي في السنن الکبري 6 ص 223، وحکي عنهم السيوطي في الجامع الکبير کما في ترتيبه 6 ص 20، وذکره ابن کثير في تفسيره 1 ص 260، والخازن في تفسيره 1 ص 367، وابن القيم في أعلام الموقعين ص 29.

قال الاميني: هذا رأيه الثاني وکان أو لا يري أن الکلالة من لا ولد له خاصة،

[صفحه 105]

وکان يشارکه في رأيه هذا عمر بن الخطاب ثم رجعا عنه إلي ما سمعت[1] ثم اختلفا فيها، قال ابن عباس کنت آخر الناس عهدا بعمر بن الخطاب قال: اختلفت أنا وأبوبکر في الکلالة والقول ما قلت[2] وفي صحيحة البيهقي والحاکم والذهبي وابن کثير[3] عن ابن عباس قال: کنت آخر الناس عهدا بعمر فسمعته يقول: القول ما قلت قلت: وما قلت؟ قال: قلت: الکلالة مالا ولد له.

هذا القول کان من عمر لما طعن بعد قوله لما استخلف: إني لا ستحيي أن اخالف فيه أبابکر کما مر وبعد قوله: أتي علي زمان لا أدري ما الکلالة وإذا الکلالة من لا أب له ولا ولد[4] وبعده هذه کلها قال ما قال وهو علي ما يقول بصير.

أنا لا أدري أين ولت تلک الحائطة التي التزمها الخليفة الاول في معني الاب لتلک الحدة والشدة؟ وأي سماء أظلته؟ وأي أرض أقلته؟ وأين ذهب؟ وکيف صنع لما قال في دين الله برأي لا يعرف غيه من رشده، ولا يعلمه أمن الله أم منه ومن الشيطان؟ وکيف خفيت عليه آية الصيف؟ وقد رأي النبي صلي الله عليه وآله فيها الکفاية في عرفان الکلالة کما مر ج 6:127 ط 2، وکيف عزب عنه قوله تعالي: فاسألوا أهل الذکر إن کنتم لا تعلمون؟ ولم لم يسأل ولم يتعلم ولم يعبأ بأهل الذکر وهو يعرفه لا محالة؟

فکأن الاحکام ليست بتوقيفية، وکأنها منوطة بالحظ والنصيب ولکل إنسان ما رأي، ولو صدقت هذه الاحلام فيسع لکل امرء أن يفتي برأيه فيما يسأل عنه من الکتاب والسنة ويقول: إن کان صوابا فمن الله، وإن کان خطأ فمني ومن الشيطان.

نعم هذا الافتاء بالرأي يفتقر إلي جرأة علي الله وعلي رسوله، وتلک لا تتأتي لاي أحد فتخص لا محالة بجماعة دون اخري، وکأن هذا هو معني الاجتهاد عند القوم لا استنباط الاحکام من أدلتها التفصيلية من الکتاب والسنة. ومن هنا يرون نظراء

[صفحه 106]

عبدالرحمن بن ملجم قاتل مولانا أميرالمؤمنين.[5] .

وأبي الغادية قاتل الصحابي العظيم عمار بن ياسر سلام الله عليه.[6] .

ومعاوية بن أبي سفيان قاتل آلاف من الابرياء والازکياء.[7] .وعمرو بن النابغة، العاصي ابن العاصي.[8] .

وخالد بن الوليد قاتل مالک ظلما والزاني بامرأته[9] .

وطلحة والزبير[10] الخارجين علي الامام الحق الثابت إمامته بالنص والاختيار. م- ويزيد الخمور والفجور صاحب الطامات والصحائف السوداء.[11] .

مجتهدين في دين الله متأولين في تلکم الآراء الشاذة عن حکم الاسلام وشرعة الحق، مأجورين في تلک المظالم العادية. وقال ابن حجر في الاصابة 4 ص 151: والظن بالصحابة في تلک الحروب انهم کانوا فيها متأولين وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الاولي. ا ه.مرحبا مرحبا بهذا الدين، وبخ وبخ ما أکثر المجتهدين من امة محمد صلي الله عليه وآله وسلم، حتي أصبحت غوغاء الشام، وطغام الامة، وحثالة الاعراب، وأجلاف الاحزاب، و أبناء الطلقاء مجتهدين متأولين.

وزه زه باولئک المتحلين بابراد الاجتهاد جراثيم الفساد، قتلة صفوة الابرار المهاجمين علي ناموس الاسلام وقدس صاحب الرسالة، الخارجين عن طوع الکتاب والسنة، الفئة الباغية الطاغية، المدربين بالشر والفساد وبغض العترة الطاهرة تحت رأية الطليق ابن الطليق اللعين ابن اللعين بلسان النبي الاعظم[12] صدق رسول الله

[صفحه 107]

صلي الله عليه وآله في قوله: آفة الدين ثلاثة: فقيه فاجر. وإمام جائر، ومجتهد جاهل.[13] .

وحسب الاسلام عارا وشنارا اولئک الاعلام أصحاب هذه الآراء المضلة والاقلام المسمومة التي تنزه ساحة المجرمين عن دنس الفجور والنفاق، وتجعل المحسن والمسيئ والمبطل والمحق، والطيب والخبيث، عکمي بعير، وتضل الامة عن رشدها بأمثال هذه الکلم التافهة، والدعاوي الفارغة، والآراء الساقطة وتصغر في عين المجتمع الديني تلکم الجنايات العظيمة علي الله وعلي رسوله وکتابه وسنته وخليفته وعترته و مواليهم. کبرت کلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا کذبا. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.

وأول من فتح باب التأويل والاجتهاد، وقدس ساحة المجرمين بذينک، وحابي رجال الجرايم والمعرات بهما هو الخليفة الاول، فقد نزه بهذا العذر المفتعل ذيل خالد ابن الوليد عن دنس آثامه الخطيرة ودرأ عنه الحد بذلک کما سنوقفک علي تفصيله إنشاء الله تعالي.

هذا نموذج من تقدم الخليفه في علم التفسير علي قلة ما روي عنه في ذلک قال الحافظ جلال الدين السيوطي في «الاتقان» 2 ص 328.

إشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الاربعة. وابن مسعود. وابن عباس.وابي بن کعب. وزيد بن ثابت. وأبوموسي الاشعري. وعبدالله بن الزبير. أما الخلفاء فأکثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة نزرة جدا، وکان السبب في ذلک تقدم وفاتهم کما أن هو السبب في قلة رواية أبي بکر رضي الله عنه للحديث، و لا أحفظ عن أبي بکر رضي الله عنه في التفسير إلا آثارا قليلة جدا لا تکاد تجاوز العشرة. وأما علي فروي عنه الکثير، وقد روي معمر عن وهب بن عبدالله عن أبي الطفيل: شهدت عليا يخطب وهو يقول: سلوني فو الله لا تسألون عن شئ إلا أخبرتکم، و سلوني عن کتاب الله، فو الله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل.

وأخرج أبونعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: إن القرآن انزل علي سبعة أحرف

[صفحه 108]

ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن. وأخرج أيضا من طريق أبي بکر بن عياش عن نصير بن سليمان الاحمسي عن أبيه عن علي قال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين انزلت إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا. ا ه.

قال الاميني: ما هذا التهافت في کلام السيوطي هذا؟ ألا مسائل الرجل عن أن الذي لم يجد له هو نفسه وهو ذلک المتتبع الضليع عشرة أحاديث في علم التفسير کيف عده ممن اشتهر بالتفسير من الصحابة؟ نعم راقه أن لا يفرق بينه وبين مولانا أميرالمؤمنين وقد روي فيه ما روي ذاهلا عن قوله تعالي، هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.


صفحه 105، 106، 107، 108.








  1. تفسير القرطبي 5 ص 77.
  2. تفسير ابن کثير 1 ص 595.
  3. المستدرک للحاکم 2 ص 304 وصححه السنن الکبري للبيهقي 6 ص 225 تلخيص المستدرک للذهبي واقر تصحيح الحاکم، تفسير ابن کثير 1 ص 595 وذکر تصحيح الحاکم واقره.
  4. السنن الکبري 6 ص 224.
  5. راجع الجزء الاول من کتابنا هذا ص 323 ط 2.
  6. راجع الجزء الاول من الکتاب ص 328 ط 2.
  7. الفصل لابن حزم 4 ص 89، تاريخ ابن کثير297: 7.
  8. تاريخ ابن کثير 7 ص 283.
  9. تأريخ ابن کثير 6 ص 223، روضة المناظر لابن شحنة هامش الکامل 7 ص 167، وسيأتي تفصيله.
  10. التمهيد للباقلاني ص 232.
  11. تاريخ ابن کثير 223:8.
  12. راجع الجزء الثالث من الکتاب ص 252 و 251 ط 2.
  13. کنز العمال 5 ص 212.