الخليفة في الاسلام











الخليفة في الاسلام



وأما هو «أبوبکر» في الاسلام فلم نعهد له نبوغ في علم، أو تقدم في جهاد، أو تبرز في الاخلاق، أو تهالک في العبادة، أو ثبات علي مبدء.

[صفحه 103]

أما نبوغه في علم التفسير فلم يؤثر عنه في هذا العلم شئ يحفل به، فدونک کتب التفسير والحديث فلا تکاد تجد فيها عنه ما يروي غلة صاد، أو ينجع طلبة طالب. نعم: يروي عنه انه شارک صاحبه- عمر بن الخطاب- في عدم المعرفة لمعني الاب[1] الذي عرفه کل عربي صميم حتي أعراب البادية، وليس من البدع أن يعرفه حتي الساقة من الناس فانه لا يعدوه أن يکون لدة بقية الکلمات العربية التي لا تزال العرب تلهج بها في کل حل ومرتحل، ولا هو الدخيل[2] حتي يعذر فيه الجاهل به، ولا من شواذ الکلم التي قلما تتعاطاه الجامعة العربية حتي يشذ عرفانه عن بعضهم.

وإن تعجب فعجب إعتذار من جنح إليه[3] بأنه کان يلتزم الحايطة في تفسير القرآن، ولذلک تورع عن الافاضة في معني الاب لکن عرف من عرف ان الحايطة إنما تجب في بيان مغازي القرآن الکريم وتعيين إرادته، وتبيين مجمله، وتأويل متشابهه، وما يجري مجري ذلک مما يحظر في الدين التسرع إليه من دون تثبت وتوقيف، وأما معاني ألفاظه العربية للعريق في لغة الضاد فأي حائطة تضرب علي يده عن أن يفهمها و هو يعرفها بطبعه وجبلته.

وهب أن الرجل لم يحط خبر ابلغة قومه فهلا تروي في الذکر الحکيم في ذيل الآية الکريمة من قوله سبحانه: متاعا لکم ولانعامکم. بيانا للفاکهة والاب؟ليعلم انه سبحانه وتعالي امتن علي الناس بالفاکهة ليأکلوها، وبالاب لترعاه أنعامهم، فتلک فاکهة، وهذا العشب.

أخرج أبوالقاسم البغوي عن ابن أبي مليکه قال: سئل أبوبکر عن آية فقال: أي أرض تسعني؟ أو أي سماء تظلني؟ اذا قلت في کتاب الله مالم يرد الله؟

وأخرج أبوعبيدة عن ابراهيم التيمي قال: سئل أبوبکر عن قوله تعالي

[صفحه 104]

(وفاکهة وأبا)؟ فقال: أي سماء تظلني؟ أو أي أرض تقلني؟ إن قلت في کتاب الله مالا أعلم؟

وفي لفظ القرطبي: أي سماء تظلني؟ وأي أرض تقلني، وأين أذهب؟ وکيف أصنع؟ إذا قلت في حرف من کتاب الله بغير ما أراد تبارک وتعالي.

ذکره القرطبي في تفسيره 1 ص 29، ابن تيمية في مقدمة اصول التفسير ص 30، الزمخشري في الکشاف 3 ص 253، ابن کثير في تفسيره 1 ص 5 وصححه في ص 6، ابن القيم في أعلام الموقعين ص 29 وصححه، الخازن في تفسيره 4 ص 374، النسفي في تفسيره هامش الرازي 8 ص 389، السيوطي في الدر المنثور 6 ص 317 نقلا عن أبي عبيد في فضائله وعبد بن حميد، ابن حجر في فتح الباري 13 ص 230 وأو عز إليه ابن جزي الکلبي في تفسيره 4 ص 180.


صفحه 103، 104.








  1. في قوله تعالي في سورة عبس: فانبتنا فيهنا حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاکهة وأبا.
  2. أما ما زعمه ابن حجر في فتح الباري من ان الکلمة من الدخيل ولذلک لم يعرفها الخليفتان فقد مر الجواب عنه في الجرء السادس ص 100 ط 2.
  3. نظراء القرطبي والسيوطي.