نظرة في كتب اخري











نظرة في کتب اخري



وقس علي هذه الکتب کتاب تاريخ الخلفاء تأليف الاستاذ عبدالوهاب النجار المشحونة صفحاته بمرمعات الرواية وسقطات التاريخ. وکتاب عثمان للاستاذ عمر أبي نصر، ليس فيه إلا أنه أعاد له سبق إليه الشيخ محمد الخضري من نفسياته الاموية جدتها، فما ينقمه الباحث من مواضيع جار فيما بهرجه اللاحق في کتابه.

وکتاب تاريخ الخلفاء الراشدين للاستاذ السيد علي فکري وهو الجزء الثالث من کتابه «أحسن القصص» وهذا أهدأ ما ألف في الموضوع، ينم عن سلامة نفس المؤلف ونزاهة قلمه، وهو وإن ألفه من تلکم السلاسل الوبيلة من الموضوعات، غير أنه لا يتطرق إلي إلا بحاث الخطرة، ولا يقتحم المعارک المدلهمة، مما نقم به علي الخليفة من الطامات والاحداث، وما قيل في براءته عن لوثها، وکأنه ترجم لخليفة خضعت الرقاب لعظمته، وتسالمت الامة عليه من جميع نواحيه، ولم يطرق سمعه ما هنالک من حوار وأخذ ورد، ونقد ودفاع، وکأن ما سطره في فضل الخليفة، وکرم طباعه، وسلامة نفسه، اصول موضوعة لا يتوجه إليها غمز ولا انتقاد، وستعرف حالها ومحلها من الاعتبار، فلا تعجل بالقران من قبل أن يقضي إليک وحيه.

ذکر السيد الاستاذ ما جاء في مناقب عثمان من الحديث المختلق من دون أي بحث وتنقيب، من دون أي نقض وإبرام، إلي أن تخلص من البحث عنه بقوله في ص 163

[صفحه 263]

بعد أن فتح المسلمون تلک الاقاليم واطمأنوا وکثرت عندهم الخيرات والاموال، أخذوا ينقمون علي الخليفة حيث رأي من الصالح للامة عزل بعض الولاة فعزلهم، وولي من فيه الکفاية من أقاربه وذوي رحمه، فظن الناس به ظنونا هو برئ منها، وفشت الفتنة واستفحل أمرها، حتي حضرت وفود من الکوفة والبصرة ومصر في وقت واحد طالبين تولية غير عثمان، أو عزل من ولاهم علي الامصار.

وأخيرا استقر الحال علي إجابتهم لما طلبوا من عزل بعض العمال، وعلي ذلک اختار أهل مصر أن يولي عليهم محمد بن أبي بکر الصديق، فکتب عثمان لهم بذلک عهدا ورحلوا من المدينة مع واليهم الجديد، وبينما هم ذاهبون رأوا عبدا من عبيد الخليفة علي راحلة من إبله يستحثها فأوقفوه وفتشوه، فوجدوا معه کتابا مختوما بختم الخليفة لعبدالله بن أبي سرح مضمونة:

إذا قدم عليک ابن أبي بکر ومن معه فاحتل في قتلهم.

فأخذوا الکتاب ورجعوا إلي المدينة، وأطلعوا الخليفة عليه فأقسم لهم انه ما فعل ولا أمر ولا علم فقالوا: هذا أشد، يؤخذ خاتمک، وبعير من إبلک، وعبد من عبيدک وأنت لا تعلم، ما أنت إلامغلوب علي أمرک فطلبوا منه الاعتزال، أو تسليم الکاتب فأبي، فأجمعوا علي محاصرته، فحاصروه في داره ومنعوا عنه الزاد والماء أياما عديدة: وهاجت الثوار، وکثر القيل والقال، فطلب منه بعض الصحابة الاذن بالمدافعة عنه فلم يقبل، ولم يأذن لاحد حتي انه قال لعبيده الذين هبوا للدفاع عنه: من أغمد منکم سيفه فهو حر. إستسلاما للقضاء، فتسلق بعض الاشرار الدار، ودخلوا عليه وقتلوه، والمصحف بين يديه يتلوه فيه سورة البقرة فنزلت قطرة من دمه علي: فسيکفيکهم الله وکان يومئذ صائما. اه.

ولعل الاستاذ بعد الوقوف علي هذا الجزء من کتابنا ينتبه لمواقع النظر في تأليفه فيميزالحي من اللي، ويعرف الصحيح من المعلول، ويتبع الحق والحق أحق أن يتبع.

وفي مقدم هؤلاء الاساتذة استاذ تاريخ الامم الاسلامية بالجامعة المصرية ووکيل مدرسة القضاء الشرعي الشيخ محمد الخضري صاحب المحاضرات، وقد قدمنا في

[صفحه 264]

الجزء الثالث ص 249 تا 265 ط 2 شيئا مما يرجع إليه وإلي کتابه، وعرفناک موقفه من الدجل والجناية علي التاريخ الصحيح، وبعده عن أدب الدين، عن أدب العلم، عن أدب الانسانية، وان کتابه علبة السفاسف، وعيبة السقطات، وصحائفه مشحونة بالاکاذيب والافائک والنسب المفتعلة، والآراء الساقطة، فإن کان الاسلام هذا تاريخه فعلي الاسلام السلام.



صفحه 263، 264.