الاشتر و الثناء عليه











الاشتر و الثناء عليه



1- مالک بن الحارث الاشتر، أدرک النبي الاعظم وقد أثني عليه کل من ذکره، ولم أجد أحدا يغمز فيه، وثقة العجلي وذکره ابن حبان في الثقات، ولايحمل عدم رواية أي إمام عنه علي تضعيفه، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 12:10: قال مهنا: سألت أحمد عن الاشتر يروي عنه الحديث؟ قال: لا. قال: ولم يرد أحمد بذلک تضعيفه، وإنما نفي أن تکون له رواية. وکفاه فضلا ومنعة کلمات مولانا أميرالمؤمنين في الثناء عليه في حياته وبعد المنون، وإليک بعض ما جاء في ذلک البطل العظيم:

1- من کتاب لمولانا أميرالمؤمنين کتبه إلي أهل مصر لما ولي عليهم لاشتر:

أما بعد: فقد بعثت إليکم عبدا من عبادالله لا ينام أيام الخوف، ولا ينکل عن الاعداء ساعات الروع، أشد علي الفجار من حريق النار. وهو: مالک بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله، لا کليل الظبة[1] ولانابي الضريبة، فإن أمرکم أن تنفروا فانفروا، وإن أمرکم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم، ولا يؤخر ولا يقدم إلا عن أمري، وقد

[صفحه 39]

آثرتکم به علي نفسي لنصيحته لکم، وشدة شکيمته علي عدوکم. إلخ.

تاريخ الطبري 55:9، نهج البلاغة 61:2، شرح إبن أبي الحديد 30:2.

صورة أخري

رواها الشعبي من طريق صعصعة بن صوحان.

أما بعد: فإني قد بعثت إليکم عبدا من عبادالله لا ينام أيام الخوف، ولا ينکل عن الاعداء حذار الدوائر، لا ناکل من قدم، ولا واه في عزم، من أشد عبادالله بأسا، وأکرمهم حسبا، أضر علي الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو: مالک بن الحرث الاشتر، حسام صارم، لانابي الضريبة، ولا کليل الحد، حکيم في السلم، رزين في الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، فإن أمرکم بالنفر فانفروا، وإن أمرکم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتکم به نفسي نصيحة لکم، وشدة شکيمته علي عدوکم. إلخ[2] .

2- من کتاب للمولي أميرالمؤمنين کتبه إلي أميرين من أمراء جيشه. وقد أمرت عليکما وعلي من في حيز کما مالک بن الحارث الاشتر، فاسمعا له وأطيعا واجعلاه درعا ومجنا، فإنه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته، ولا بطؤه عما الاسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلي ما البطء عنه أمثل.

قال إبن أبي الحديد في شرحه 417:3: فأما ثناء أميرالمؤمنين عليه السلام عليه في هذا الفصل فقد بلغ مع اختصاره مالا يبلغ بالکلام الطويل، ولعمري کان الاشتر أهلا لذلک، کان شديد البأس جوادا رئيسا حليما فصيحا شاعرا، وکان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرفق، ومن کلام عمر: إن هذا الامر لا يصلح إلا لقوي في غير عنف، ولين في غير ضعف. اه.

3- من کتاب کتبه مولانا أميرالمؤمنين إلي محمد بن أبي بکر يذکر فيه الاشتر فيقول:

إن الرجل الذي کنت وليته مصر کان لنا نصيحا، وعلي عدونا شديدا، وقد استکمل أيامه

[صفحه 40]

استکمل أيامه ولاقي حمامه، ونحن عنه راضون، فرضي الله عنه، وضاعف له الثواب،وأحسن له المآب تاريخ الطبري 55:6، نهج البلاغة 59:2، الکامل لابن الاثير 153:3، شرح ابن أبي الحديد 30:2.

4- لما بلغ عليا (أميرالمؤمنين) موت الاشتر قال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين،. ألهم إني أحتسبه عندک فإن موته من مصائب الدهر. ثم قال: رحم الله مالکافقد کان وفي بعهده، وقضي نحبه، ولقي ربه، مع أناقد وطنا أنفسنا أن نصبر علي کل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلي الله عليه وآله فإنها من أعظم المصائب، قال المغيرة الضبي: لم يزل أمرعلي شديدا حتي مات الاشتر[3] .

5- عن جماعة من أشياخ النخع قالوا: دخلناعلي علي أميرالمؤمنين حين بلغه موت الاشتر فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه ثم قال: لله در مالک، وما مالک؟ لو کان من جبل لکان فندا[4] ، ولو کان من حجر لکان صلدا، أما والله ليهدن موتک عالما، وليفرحن عالما، علي مثل مالک فليبک البواکي، وهل موجود کما لک

وقال علقمة بن قيس النخعي: فما زال علي يتلهف ويتأسف حتي ظننا انه المصاب دوننا، وعرف ذلک في وجهه أياما.

وفي لفظ الشريف الرضي والزبيدي: لو کان جبلا لکان فندا، لا يرتقيه حافر, ولا يوفي عليه الطائر.

نهج البلاغة 239:2، شرح إبن أبي الحديد 30:2، لسان العرب 336:4، الکامل لابن الاثير 153:3، تاج العروس 454:2.

6- قال ابن أبي الحديد في شرحه 416:3: کان فارسا شجاعا رئيسا من أکابر الشيعة وعظمائها، شديد التحقق بولاء أميرالمؤمنين عليه السلام ونصره وقال فيه بعد موته: رحم الله مالکا فلقد کان لي کما کنت لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.

7- دس معاوية بن أبي سفيان للاشتر مولي عمر فسقاه شربة سويق فيها سم فمات

[صفحه 41]

فلما بلغ معاوية موته قام خطيبا في الناس فحمدالله وأثني عليه وقال: أما بعد: فإنه کانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفين وهو عمار بن ياسر، و قطعت الاخري اليوم وهو مالک الاشتر. تاريخ الطبري 255:6، الکامل لابن الاثير 153:3، شرح ابن أبي الحديد 29:2.

قال الاميني: ما أجرأ الطليق ابن الطليق الطاغية علي السرور والتبهج بموت الاخيار الابرار بعد ما يقتلهم، ويقطع عن أديم الارض اصول برکاتهم، ويبشر بذلک أمته الفئة الباغية، ويأمرهم بالدعاء عليهم، أولئک الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الاخسرون، وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا؟.

8- وقبل هذه کلها ما جاء عن رسول الله صلي الله عليه وآله في دفن أبي ذر سيد غفار من قوله في لفظ الحاکم وأبي نعيم وأبي عمر: ليموتن أحدکم بفلاة من الارض يشهده عصابة من المؤمنين. وفي لفظ البلاذري: يلي دفنه رهط صالحون. وقد دفنه مالک الاشتر وأصحابه الکوفيون کمافي أنساب البلاذري 55:5، وحلية الاولياء لابي نعيم 17:1، المستدرک للحاکم 337:3، الاستيعاب لابي عمر 83:1، وشرح ابن أبي الحديد، 416:3 فقال: هذا الحديث يدل فضيلة عظيمة للاشتر رحمه الله وهي شهادة قاطعة من النبي صلي الله عليه وآله بأنه مؤمن.

قال الاميني: ما أبعد المسافة بين هذه الشهادة وبين وصف إبن حجر إياه في الصواعق ص 68 بالمروق وعدم الفهم والعقل، ولعنه إياه وأصحابه الصلحاء، وقد عزب عنه انه لا يلفظ من قول إلا ولديه رقيب عتيد.

نحن لسنا الآن في صدد التبسط في فضائل مالک وتحليل نفسياته الکريمة ومآثرة الجمة وإلا لاريناک منه کتابا ضخما، ولقد ناء بشطر مهم منها الفاضلان الشريفان السيد محمد الرضا آل السيد جعفر الحکيم النجفي، وابن عمه السيد محمد التقي بن السيد السعيد الحکيم النجفي في کتابيهما المطبوعين المخصوصين بمالک، وقد سبقهما إلي ذلک بعض علمائنا السابقين، يوجد کتابه المخطوط في مکتبة مولانا الامام الرضا عليه السلام بخراسان المشرفة، حيا الله حملة العلم سلفا وخلفا.

2- زيد بن صوحان العبدي الشهير بزيد الخير، أدرک النبي الاعظم صلي الله عليه وآله وترجمه

[صفحه 42]

أبوعمروابن الاثير وابن حجر في معاجم الصحابة، قال أبوعمر: کان فاضلا دينا سيدا في قومه.

أخرج أبويعلي وابن مندة والخطيب وابن عساکر من طريق علي عليه السلام مرفوعا: من سره أن ينظر إلي من يسبقه بعض أعضائه إلي الجنة فلينظر إلي زيد بن صوحان. وفي حديث آخر: الاقطع الحبر زيد، زيد رجل من أمتي تدخل الجنة يده قبل بدنه- قطعت يده يوم القادسية-.

وفي حديث أخرجه ابن مندة وأبوعمر وابن عساکر عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم زيد وما زيد؟ يسبقه بعض جسده إلي الجنة ثم يتبعه سائر جسده إلي الجنة.

وأخرج ابن عساکر من طريق الحکم بن عيينه قال: لما أراد زيد أن يرکب دابته أمسک عمر برکابه ثم قال لمن حضره: هکذافاصنعوا بزيد وإخوته وأصحابه.

تاريخ ابن عساکر 11:6 و 13، تاريخ الخطيب 440:8، الاستيعاب 197:1، اسد الغابة 234:3، بهجة المحافل 237:2، الاصابة 582:1.

وفي الفائق للزمخشري 35:1: قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: زيد الخير الاجذم من الخيار الابرار.

وفي معارف ابن قتيبة ص 176: کان من خيار الناس، وروي في الحديث ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: زيد الخير الاجذم، وجندب ما جندب؟ فقيل: يارسول الله أتذکر رجلين؟ فقال: أما أحدهما فسبقته يده إلي الجنة بثلاثين عاما، وأما الآخر فيضرب ضربة يفصل بها بين الحق والباطل، فکان أحد الرجلين زيد بن صوحان شهد يوم جلولاء فقطعت يده وشهد مع علي يوم الجمل فقال: يا أميرالمؤمنين ما أراني إلا مقتولا. قال: وما علمک بهذا يا أبا سليمان قال: رأيت يدي نزلت من السماء وهي تستشيلني. فقتله عمرو ابن يثربي وقتل أخاه سليمان يوم الجمل.

وفي تاريخ الخطيب 439:8: کان زيد يقوم الليل ويصوم النهار واذا کانت ليلة الجمعة أحياها، وقال: قتل يوم الجمل وقال: ادفنوني في ثيابي فاني مخاصم. وفي رواية: لا تغسلوا عني دما ولا تنزعوا عني ثوبا إلا الخفين، وارمسوني الارض رمسا فإني رجل محاج. زاد أبونعيم: أحاج يوم القيامة.

[صفحه 43]

وفي مرآة الجنان لليافعي 99:1: کان زيد بن سادة التابعين صواما قواماو في شذرات الذهب 44:1: من خواص علي من الصلحاء الاتقياء.

وقال عقيل بن أبي طالب لمعاوية في حديث مروج الذهب 75:2: أما زيد و عبدالله (أخوه) فانهما نهران جاريان يصب فيهما الخلجان، ويغاث بهما اللهفان،رجلا جد لا لعب معه.

ووصفه أخوه صعصعة لابن عباس لما قال له: أين أخواک منک زيد وعبدالله؟ صفهما فقال: کان «زيد» والله يا ابن عباس عظيم المروة، شريف الاخوة، جليل الخطر، بعيد الاثر، کميش العروة، أليف البدوة، سليم جوانح الصدر، قليل وساوس الدهر،ذاکر الله طرفي النهار وزلفا من الليل، الجوع والشبع عنده سيان، لا ينافس في الدنيا، وأقل في أصحابه من ينافس فيها، يطيل السکوت، ويحفظ الکلام، وإن ينطق نطق بمقام يهرب منه الدعار الاشرار، ويألفه الاحرار الاخيار. فقال ابن عباس: ما ظنک برجل من أهل الجنة، رحم الله زيدا.

3- صعصعة بن صوحان العبدي أخو زيد الخير المذکور، ذکر في معاجم الصحابة قال أبوعمر: کان مسلما علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يلقه ولم يره. کان سيدا فصيحا خطيبا دينا. قال الشعبي: کنت أتعلم منه الخطب، وقال عقيل بن علي بن أبي طالب لمعاوية في حديث: أما صعصعة فعظيم الشأن، عضب اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق مافتق، ويفتق مارتق، قليل النظير، وقال ابن الاثير:کان سيدا من سادات قومه عبدالقيس، وکان فصيحا خطيبا لسنا دينا فاضلا يعد في أصحاب علي رضي الله عنه.

له مع عثمان محاورة سيوافيک شئ منها، ومواقفه مع معاوية ذکرت جملة منها في مروج الذهب 76:2 و 83، وتاريخ ابن عساکر 424:6 و 427، وثقه ابن سعد والنسائي وابن حبان وابن عساکر وابن الاثير وابن حجر.

أخرج ابن شبة أن عمر بن الخطاب قسم المال الذي بعث اليه أبوموسي وکان ألف ألف درهم وفضلت منه فضلة فاختلفوا عليه حيث يضعها فقام خطيبا فحمدالله وأثني عليه وقال: أيهاالناس قدبقيت لکم فضلة بعد حقوق الناس فما تقولون فيها؟ فقام صعصعة بن صوحان وهو غلام شاب فقال: يا أميرالمؤمنين إنما تشاور الناس لم ينزل الله فيه قرآنا، أما ما أنزل الله

[صفحه 44]

به القرآن ووضعه مواضعه فضعه في مواضعه التي وضعه الله تعالي فيها فقال: صدقت أنت مني وأنا منک. فقسمه بين المسلمين.

راجع طبقات ابن سعد، مروج الذهب، تاريخ ابن عساکر، الاستيعاب، أسد الغابة، الاصابة، تهذيب التهذيب، خلاصة الجزري.

4- جندب بن زهير الازدي، صحابي مترجم له في الاستيعاب، وأسد الغابة، والاصابة وله في يومي الجمل وصفين مواقف محمودة مع أميرالمؤمنين عليه السلام.

5- کعب بن عبدة، سمعت فيما مر عن البلاذري انه کان ناسکا.

6- عدي بن حاتم الطائي، صحابي عظيم قدم علي رسول الله صلي الله عليه وآله سنة 7 لم يختلف اثنان في ثقته أخرج حديثه أئمة الصحاح الست، وقد أثني عليه عمر بن الخطاب لما قال له: يا أميرالمؤمنين أتعرفني؟ فقال: نعم والله إني لاعرفک، اکرمک الله بأحسن المعرفة، أعرفک والله آمنت إذ کفروا، وعرفت إذ أنکروا، ووفيت إذ غدروا، وأقبلت إذ أدبروا، وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طئ جئت بها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم. ثم أخذ يعتذر.

أخرجه أحمد في المسند 45:1، وابن سعد في الطبقات، ومسلم في صحيحه، وأبوعمر في الاستيعاب، والخطيب في تاريخه، وابن الاثير في أسد الغابة وفيه: انه کان منحرفا عن عثمان، وابن حجر في تهذيب التهذيب 166:7.

وأعجب ما أجده من التحريف في تاريخ الخطيب ما أخرجه في ج 191:1 بالاسناد عن المغيرة قال: خرج عدي بن حاتم، وجرير بن عبدالله البجلي، وحنظلة الکاتب من الکوفة فنزلوا قرقيساء وقالوا: لا نقيم ببلد يشتم فيه عثمان.

والصواب: يشتم فيه علي. فبدلت يد التحريف عليا بعثمان وذکره علي علاته ابن حجر في تهذيب التهذيب 167:7.

توجد ترجمة عدي في الاستيعاب، تاريخ بغداد ج 1، أسد الغابة، الاصابة، تهذيب التهذيب.

7- مالک بن حبيب. له إدراک عد من الصحابة.

8- يزيد بن قيس الارحبي. له إدراک وکان رئيسا کبيرا عظيما عند الناس ولما

[صفحه 45]

ثار أهل الکوفة علي عثمان اجتمع قراء الکوفة وأمروه، وکان مع علي في حروبه و ولاه شرطته ثم ولاه اصبهان والري وهمذان وهو المعني في قول ثمامة:


معاوي إن لا تسرع السير نحونا
فبايع عليا أو يزيد اليمانيا


وله يوم صفين مواقف وخطابات تعرب عن نفسياته الکريمة وملکاته الفاضلة، تذکر وتشکر، ذکر جملة منها ابن مزاحم في کتاب صفين، والطبري في تاريخه، وابن الاثير في الکامل، ومما ذکروه قوله:

إن المسلم السليم من سلم دينه ورأيه، إن هؤلاء القوم ما إن يقاتلونا علي إقامة دين رأونا ضيعناه، ولا إحياء عدل رأونا أمتناه، ولا يقاتلونا إلا علي إقامة الدنيا، ليکونوا جبابرة فيها ملوکا، فلو ظهروا- عليکم لا أراهم الله ظهورا ولا سرورا- إذا ألزموکم مثل سعيد والوليد وعبيدالله بن عامر السفيه، يحدث أحدهم في مجلسه بذيت وذيت، ويأخذ مال الله ويقول: هذا لي ولا إثم علي فيه، کأنما أعطي تراثه من أبيه، وإنما هو مال الله أفاءه علينا بأسيافنا ورماحنا، قاتلوا، عبادالله! القوم الظالمين الحاکمين بغيرما أنزل الله، ولا تأخذکم في جهادهم لومة لائم، إنهم إن ظهروا عليکم يفسدوا دينکم ودنياکم، وهم من قد عرفتهم وجربتم، والله ما أرادو إلي هذا إلا شرا، واستغفر الله العظيم لي ولکم[5] .

9- عمرو بن الحمق[6] بن حبيب الخزاعي الکعبي. صحب النبي الاعظم وحفظ عنه أحاديث، وحظي بدعائه صلي الله عليه وآله وسلم له لما سقاه لبنا وبقوله: أللهم أمتعه بشبابه فاستکمل الثمانين من عمره ولم يرشعرة بيضاء[7] أخرج حديثه البخاري في التعاليق، وابن ماجة والنسائي وغيرهم، وکان من أعوان حجر بن عدي سلام الله عليه وعليهم، ترجمه أبوعمر في الاستيعاب، وابن الاثير في أسد الغابة، وابن حجر في الاصابة، ولم أجد کلمة غمز لاي أحدفيه مع قولهم: کان ممن سار إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو أحد

[صفحه 46]

الاربعة الذين دخلوا عليه الدار فيما ذکروا وصاربعد ذلک من شيعة علي. وقولهم: إنه کان ممن قام علي عثمان. وقولهم: کان أحد من ألب علي عثمان.

وله يوم صفين مواقف مشکورة وکلم قيمة خالدة مع الابد تعرب عن ايمانه الخالص،وروحه النزحة الطاهرة، راجع کتاب صفين لابن مزاحم ص 551 و 454 و 433 و 115.

قال ابن الاثير في اسد الغابة 101:4: قبره مشهوربظاهر الموصل يزار، وعليه مشهد کبير ابتدأ بعمارته أبوعبدالله سعيد بن حمدان- وهو ابن عم سيف الدولة وناصر الدولة ابني حمدان- في شعبان من سنة ست وثلاثين و ثلاثمائة، وجري بين السنة والشيعة فتنة بسبب عمارته.

10- عروة بن الجعد،ويقال: أبي الجعد البارقي الازدي، صحابي مرضي مترجم له في معاجم الصحابة: الاستيعاب، أسد الغابة، الاصابة. روي حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير إلي يوم القيامة الاجر والمغنم. قال شيب بن غرفدة:رأيت في دار عروة سبعين فرسا رغبة في رباط الخيل[8] أخرج حديثه أئمة الصحاح الست فيها.

11- أصعر بن قيس بن الحارث الحارثي: له إدراک ذکره ابن حجر في الاصابة 109: 1.

12- کميل بن زياد النخعي، کان شريفا في قومه قتله الحجاج سنة 42، وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وابن عمار، وذکره ابن حبان في الثقات[9] .

13-الحارث بن عبدالله الاعور الهمداني، من وراة الصحاح الاربعة من الستة قال ابن معين: ثقة. وقال ابن أبي داود: کان أفقه الناس، وأحسب الناس، وأفرض الناس، تعلم الفرائض من علي قال ابن أبي خيثمة: قيل ليحيي: يحتج بالحارث؟ فقال: ما زال المحدثون يقلبون حديثه. وقال أحمد بن صالح المصري: ثقة ماأحفظه وما أحسن ما روي عن علي وأثني عليه. ووثقه ابن سعد. وهناک من کذبه والعمدة في ذلک الشعبي. قال ابن عبدالبر في کتاب العلم:

[صفحه 47]

أظن الشعبي عوقب بقوله في الحارث: کذاب، ولم يبن من الحارث کذبه، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي.

وقال أحمد بن صالح: لم يکن الحارث يکذب في الحديث، إنما کان کذبه في رأيه وقال الذهبي: والنسائي مع تعنته في الرجال قد احتج به والجمهور علي توهينه مع روايتهم لحديثه في الابواب.

(تهذيب التهذيب 147 و 145:2)

فمحصل القول في الهمداني: انه لا مغمز فيه غير نزعته العلوية الممدوحة عندالله وعند رسوله.



صفحه 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 47.





  1. الظبة بتخفيف الموحدة: حد السيف.
  2. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 29:2، جمهرة الرسائل: 549:1.
  3. شرح ابن أبي الحديد 29:2.
  4. الفند بالکسر: القطعة العظيمة من الجبل.
  5. کتاب صفين ص 279، تاريخ الطبري 10:6، شرح ابن ابي الحديد 485:1، الاصابه 675:3.
  6. بفتح المهملة وکسر الميم.
  7. اسدالغابة 100:4، الاصابة 533:2.
  8. صحيح البخاري في المناقب باب قول الله تعالي: يعرفونه کمايعرفون ابنائهم.
  9. تهذيب التهذيب 447:8.