نظرة في الفتوحات الاسلامية لدحلان











نظرة في الفتوحات الاسلامية لدحلان



وأثبتوا فضائل بنيت علي أساس منهدم، وربطوها بعري متفککة، فهلم معي نقرأ صحيفة من «الفتوحات الاسلامية» تأليف مفتي مکة السيد أحمد زيني دحلان مما ذکره في الجزء الثاني من سيرة الخلفاء الاربعة ص 354 تا 517 قال في ص 492 تحت عنوان: ذکرما کان لسيدنا عثمان من الاقتصاد في الدنيا وحسن السيرة: کان عثمان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة، عادلا في بيت المال[1] لا يأخذ لنفسه منه شيئا[2] لانه کان غنيا، وغناه کان مشهورا من حياة النبي صلي الله وعليه وسلم وبعد وفاته، وکان کثير الانفاق في نهاية الجود والسماحة والبذل في القريب والبعيد[3] وأنزل الله فيه: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذي لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون[4] وقوله تعالي: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا و قائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه[5] وقوله تعالي: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه[6] .

وکان يخطب الناس وعليه إزار غليظ عدني ثمنه أربعة دراهم[7] وکان يطعم الناس طعام الامارة ويدخل بيته يأکل الخل والزيت، قال الحسن البصري: دخلت المسجد فإذا أنا بعثمان متکئا علي ردائه فأتاه سقا آن يختصمان إليه فقضي بينهما،

[صفحه 249]

وعن عبدالله بن شداد قال: رأيت عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة وهو يومئذ أمير المؤمنين وعليه ثوب قيمته أربعة دراهم. وسئل الحسن البصري ما کان رداء عثمان؟ قال: کان قطري. قالوا: کم ثمنه؟ قال: ثمانية دراهم. وکان رضي الله عنه شديد المتواضع، قال الحسن البصري: رأيت عثمان وهو أميرالمؤمنين نائما في المسجد ورداؤه تحت رأسه فيجئ الرجل فيجلس إليه، ثم يجئ الرجل فيجلس اليه، فيجلس هو کأنه أحدهم وروي خيثمة قال: رأيت عثمان نائما في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد وهو أمير المؤمنين، وفي رواية أخري لخيثمة أيضا: رأيت عثمان يقيل في المسجد ويقوم وأثر الحصاة في جنبه فيقول الناس: يا أميرالمؤمن دين وکان يلي وضوءه في الليل بنفسه فقيل له: لو أمرت بعض الخدم لکفوک، قال: لا، ألليل لهم يستريحون فيه، وکان رضي الله عنه يعتق في کل جمعة رقبة منذ أسلم إلا أن لايجد ذلک تلک الجمعة فيجمعها في الجمعة الاخري. قال العلامة ابن حجر في الصواعق: إن جملة ما أعتقه عثمان رضي الله عنه ألفان واربعمائة. ومن تواضعه: انه کان يردف غلامه خلفه أيام خلافته ولا يعيب ذلک. وکان يصوم النهار ويقول الليل إلا هجعة من أوله. وکان يختم القرآن کل ليلة في صلاته. وکان کثيرا ما يختمه في رکعة، وکان إذا مر علي المقبرة يبکي حتي تبتل لحيته، وکان من العشرة المبشرين بالجنة. ومن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض، وکان من السابقين للاسلام، فانه أسلم بعد أبي بکر وعلي وزيد بن حارثه، و شهد له النبي صلي الله عليه وسلم بالجنة والزهد في الدنيا، فقد صح عنه صلي الله عليه وسلم نه قال: رحمک الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منک[8] وکثرت الفتوحات في زمن خلافته فقد فتح في زمنه أفريقية وسواحل الاردن وسواحل الروم واصطخر وفارس وطبرستان وسجستان وغير ذلک، وکثرت أموال الصحابة في خلافته حتي بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف، ونخلة بألف، وعن الحسن البصري قال: کانت الارزاق في زمن عثمان وافرة وکان الخير کثيرا، وأصاب الناس مجاعة في غزوة تبوک فاشتري طعاما يصلح العسکر وأخرج أبويعلي عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: عثمان في الجنة وقال: لکل نبي خليل

[صفحه 250]

في الجنة وان خليلي عثمان بن عفان. وفي رواية: لکل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان. وقال صلي الله عليه وسلم: ليد خلن بشفاعة عثمان سبعون ألف کلهم استحقوا النار الجنة بغير حساب. وأخرج أبويعلي عن أنس رضي الله عنه: أول من هاجر إلي الحبشة بأهله عثمان بن عفان فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: صحبهما الله إن عثمان لاول من هاجر إلي الله تعالي بأهله بعد لوفي، ولما زوج النبي صلي الله عليه وسلم بنته أم کلثوم لعثمان قال لها: إن بعلک لاشبه الناس بجدک ابراهيم وأبيک محمد صلي الله عليه وسلم. وقال صلي الله عليه وسلم: أشد أمتي حياء عثمان بن عفان. وقال صلي الله عليه وسلم: إن الله أوحي إلي أن ازوج کريمتي يعني رقية وأم کلثوم من عثمان. وقال صلي الله عليه وسلم: إن عثمان حيي تستحي منه الملائکة، و قال صلي الله عليه وسلم: إنما يشبه عثمان بأبينا إبراهيم. وقال صلي الله عليه وسلم: ما زوجت عثمان بأم کلثوم إلا بوحي من السماء. وقال صلي الله عليه وسلم لعثمان: يا عثمان هذا جبريل يخبرني إن الله زوجک ام کلثوم بمثل صداق رقية وعلي مثل صحبتها، وأخرج الترمذي عن عبدالرحمن بن خباب قال: شهدت النبي صلي الله عليه وسلم وهو يحث علي جيش العسرة فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم حض علي الجيش فقال عثمان: يا رسول الله علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فنزل رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يقول: ما علي عثمان ما فعل بعد اليوم. وعن عبدالرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلي النبي صلي الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العسرة فنثره في حجره فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقلبها ويقول: ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم. وفي رواية عن حذيفة: انها عشرة آلاف دينار فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقلبها ويقول: غفر الله لک يا عثمان! ما أسررت وما أعلنت وما هو کائن إلي يوم القيامة، ما يبالي عثمان ما عمل بعدها، وأخرج الواحدي: إن الله أنزل بسبب ذلک في حق عثمان: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا منا ولا أذي لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وعن أبي سعيد الخدري قال: ارتقبت النبي صلي الله عليه وسلم ليلة من أول الليل إلي أن طلع الفجر يدعو لعثمان بن عفان يقول: أللهم عثمان بن عفان رضيت عنه فارض عنه، فما زال رافعا يديه حتي طلع الفجر. وعن جابر بن عطية قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: غفر الله لک يا عثمان ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما أبديت وما هو کائن إلي يوم القيامة. الخ.

[صفحه 251]

هذه بلايا تمنتها يد الغلو في الفضائل، منيت بها الامة، وطمست تحت أطباقها حقايق العلم والدين، وانطمست بها انوار الهداية، وستعرف انها روايات مختلفة زيفتها نظارة التنقيب ولا يصح منها شئ، غير أن المفتي دحلان علي مطمار قومه أرسلها إرسال المسلم، وموهها علي أغرار الملا الديني، ولا يجد عن سردها منتدحا، ذلک مبلغهم من العلم إن هم إلا يظنون، ولا تقف ما ليس لک به علم إن السمع والبصر والفؤاد کل اولئک کان عنه مسؤولا.



صفحه 249، 250، 251.





  1. فلماذا نقم عليه الصحابة اجمع؟ ولماذاقتلوا ذلک الزاهد الراغب العادل؟
  2. راجع الجزء الثامن ص 289 و 288 ط 2.
  3. الامن کان يمت بالبيت الهاشمي ويحمل ولاء العترة کأبي ذر وعمار وابن مسعود ونظرائهم.
  4. مر في الجزء الثامن ص 57 ط 2 بطلان هذا التقول علي الله.
  5. اسلفنا في هذاالجزء في ترجمة عمار القول الصحيح في نزول الاية.
  6. مر في الجزء الثاني ص 51 ط 2 نزولها في علي وحمزة وعبيدة بن الحرث. واخرج البخاري في صحيحه في التفسير ج 91:7 نزولها في انس بن النضر وذکر ابن حجر نزولها في جماعة ولم يذکر فيهم عثمان، راجع فتح الباري 420:8.
  7. راجع مارويناه في الجزء الثامن ص 291 ط 2.
  8. هل تؤيد هذه الصحيحة المزعومة وما قبلها سيرة الرجل؟ ما لهم بذلک من علم ان هم إلا يخرصون.