صورة مفصلة عن سلسلة الموضوعات والنظر فيها











صورة مفصلة عن سلسلة الموضوعات والنظر فيها



عن أبي امامه الباهلي رضي الله عنه قال: کنا مع عثمان رضي الله عنه وهو محصور في الدار فقال: وبم يقتلونني؟ وقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدي ثلاث: رجل کفر بعد إسلام، أو زني بعد إحصان، أو قتل نفسا بغير حق فيقتل بها، فو الله ما أحببت لديني بدلا منذ هداني الله تعالي، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا قتلت نفسا بغير حق، فبم يقتلونني؟ فلما إشتد عطشه أشرف علي الناس فقال: أفيکم علي؟ فقالوا: لا. فقال: أفيکم سعد؟ فقالوا: لا. فسکت ثم قال: ألا أحد يبلغ عليا فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلک عليا فبعث إليه بثلاث قرب مملؤة ماء فما وصل إليه حتي جرح بسببها عدة من بني هاشم وبني أمية، فلما بلغ عليا أن عثمان محاصر يراد قتله قام خارجا من منزله معتما بعمامة رسول الله صلي الله عليه وسلم متقلدا سيفه وأمامه إبنه الحسن وعبدالله بن عمر في نفر من الصحابة والمهاجرين والانصار رضي الله عنهم، ودخلوا علي عثمان وهو محصور فقال له علي کرم الله وجهه:السلام عليک يا أمير المؤمنين إنک إمام العامة وقد نزل بک ما تري، واني أعرض عليک خصالا ثلاثا إختر إحداهن

[صفحه 241]

إما أن تخرج فتقاتلهم ونحن معک وأنت علي الحق وهم علي الباطل، وإما أن تخرق بابا سوي الباب الذي هم عليه فترکب رواحلک وتلحق بمکة فانهم لن يستحلوک وأنت بها، وإما أن تلحق بالشام فانهم اهل الشام وفيهم معاوية. فقال عثمان: أما أن أخرج إلي مکة فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم. يقول: يلحد رجل من قريش بمکة يکون عليه نصف عذاب العالم. فلن أکون أنا. وأما أن ألحق بالشام فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: فأذن لنا أن نقاتلهم ونکشفهم عنک، قال: فلا أکون أول من يأذن في محاربة أمة محمد صلي الله عليه وسلم، فخرج علي وهو يسترجع وقال للحسن والحسين: إذهبا بسيفکما حتي تقوما علي باب عثمان فلا تدعا أحدا يصل إليه، وبعث الزبير إبنه، وبعث طلحة إبنه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا علي عثمان ويسألونه إخراج مروان، فلما رأي ذلک محمد بن أبي بکر وقد رمي الناس عثمان بالسهام حتي خضب الحسن بالدماء علي بابه وغيره، فخشي محمد بن أبي بکر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن ويکشفوا الناس عن عثمان فأخذ بيد رحلين من أهل مصر فدخلوا من بيت کان بجواره، لان کان من کان مع عثمان کانوا فوق البيوت ولم يکن في الدار عند عثمان إلا امرأته، فنقبوا الحائط فدخل عليه محمد بن أبي بکر فوجده يتلو القرآن فأخذ بلحيته فقال له عثمان: والله لو رآک أبوک لساءه فعلک. فتراخت يده ودخل الرجلان عليه فقتلاه وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، قيل: جلس عمرو بن الحمق علي صدره ضربه حتي مات، ووطأ عمير بن ضابئ علي بطنه فکسر له ضلعين من أضلاعه، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما کان حول الدار من الناس وصعدت امرأته فقالت: إن أميرالمؤمنين قد قتل فدخل الناس فوجدوه مذبوحا وانتشر الدم علي المصحف علي قوله تعالي: «فسيکفيکهم الله وهو السميع العليم»، وبلغ الخبر عليا وطلحة والزبير وسعدا ومن کان بالمدينة فخرجوا وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم حتي دخلوا علي عثمان فوجدوه مقتولا فاسترجعوا، وقال علي لابنيه: کيف قتل أميرالمؤمنين وأنتما علي الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن، وضرب علي صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة وعبدالله بن الزبير، وخرج وهو غضبان حتي أتي منزله، وجاء الناس يهرعون إليه فقالوا له: نبايعک فمد يدک فلا بد لنا من أمير. فقال علي: والله أني

[صفحه 242]

لاستحي أن أبايع قوما قتلوا عثمان، وإني لاستحي من الله تعالي أن أبايع وعثمان لم يدفن بعد، فافترقوا ثم رجعوا فسألوه البيعة فقال: أللهم اني مشفق مما اقدم عليه فقال لهم: ليس ذلک إليکم إنما ذلک لاهل بدر فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر حتي أتي عليا فقالوا: ما نري أحدا أحق بها منک، مد يدک نبايعک. فبايعوه، فهرب مروان وولده، وجاء علي وسأل امرأة عثمان فقال لها: من قتل عثمان؟ قالت: لا أدري دخل عليه محمد بن أبي بکر ومعه رجلان لا أعرفهما، فدعا محمد فسأله عما ذکرت امرأة عثمان فقال محمد: لم تکذب والله دخلت عليه وأنا اريد قتله فذکر لي أبي فقمت عنه وأنا تائب إلي الله تعالي، والله ما قتلته ولا أمسکته. فقالت امرأته: صدق ولکنه أدخلهما عليه.

راجع أخبار الدول للقرماني هامش الکامل لابن الاثير 210:1 تا 213.



صفحه 241، 242.