الخليفة تواب عواد











الخليفة تواب عواد



أخرج الطبري من طريق سفيان بن أبي العوجاء قال: قدم المصريون القدمة الاولي فکلم عثمان محمد بن مسلمة فخرج في خمسين راکبا من الانصار فأتوهم بذي خشب فردهم ورجع القوم حتي إذا کانوا بالبويب وجدوا غلاما لعثمان معه کتاب إلي عبدالله بن سعد فکروا وانتهوا إلي المدينة وقد تخلف بها من الناس الاشتر و حکيم بن جبلة فأتوا بالکتاب فأنکر عثمان أن يکون کتبه وقال: هذا مفتعل. قالوا: فالکتاب کتاب کاتبک؟ قال: أجل، ولکنه کتبه بغير أمري قالوا: فإن الرسول الذي وجدنا معه الکتاب غلامک قال: أجل، ولکنه خرج بغير إذني. قالوا: فالجمل جملک قال: أجل، ولکنه أخذ بغير علمي. قالوا: ما أنت إلا صادق أو کاذب، فإن کنت کاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من سفک دمائنا بغير حقها، وإن کنت صادقا فقد استحققت أن تخلع لضعفک وغفلتک وخبث بطانتک، لانه لا ينبغي لنا أن نترک علي رقابنا من يقتطع مثل الامر دونه لضعفه وغفلته، وقالوا له: إنک ضربت رجالا من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وغيرهم حين يعظونک ويأمرونک بمراجعة الحق عند ما يستنکرون

[صفحه 184]

من أعمالک، فأقد من نفسک من ضربته وأنت له ظالم، فقال: الامام يخطئ ويصيب فلا أقيد من نفسي لاني لو أقدت کل من أصبته بخطأ أتي علي نفسي قالوا: إنک قد أحدثت أحداثا عظاما فاستحققت بها الخلع، فإذا کلمت فيها أعطيت التوبة ثم عدت إليها و إلي مثلها ثم قدمنا عليک فأعطيتنا التوبة والرجوع إلي الحق ولا منا فيک محمد بن مسلمة، وضمن لنا ما حدث من أمر، فأخفرته فتبرأ منک وقال: لا أدخل في أمره، فرجعنا أول مرة لنقطع حجتک ونبلغ أقصي الاعذار إليک نستظهر بالله عزوجل عليک فلحقنا کتاب منک إلي عاملک علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب وزعمت انه کتب بغير علمک وهو مع غلامک وعلي جملک وبخط کاتبک عليه وخاتمک فقدوقعت عليک بذلک التهمة القبيحة، مع ما بلونا منک قبل ذلک من الجور في الحکم، والاثرة في القسم، والعقوبة للامر بالتبسط من الناس، والاظهار للتوبة ثم الرجوع إلي الخطيئة ولقد رجعنا عنک وما کان لنا أن نرجع حتي نجعلک ونستبدل بک من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من لم يحدث مثل ما جربنا منک، ولم يقع عليه من التهمة ما وقع عليک فاردد خلافتنا واعتزل أمرنا، فإن ذلک أسلم لنا منک، فقال عثمان: فرغتم من جميع ما تريدون قالوا: نعم، قال:

ألحمد لله وأستعينه وأومن به وأتوکل عليه، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريک له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون، أما بعد: فإنکم لم تعدلوا في المنطق ولم تنصفوا في القضاء أما قولکم: تخلع نفسک. فلا أنزع قميصا قمصنيه الله عزوجل وأکرمني به وخصني به علي غيري ولکني أتوب وأنزع ولا أعود لشئ عابه المسلمون، فإني والله الفقير إلي الله الخائف منه.

قالوا: إن هذا لو کان أول حدث أحدثته ثم تبت منه ولم نقم عليه لکان علينا أن نقبل منک، وأن ننصرف عنک ولکنه: قد کان منک من الاحداث قبل هذا ما قد علمت ولقد انصرفنا عنک في المرة الاولي وما نخشي أن تکتب فينا ولامن اعتللت به بما وجدنا في کتابک مع غلامک، وکيف نقبل توبتک وقد بلونا منک انک لاتعطي من نفسک التوبة من ذنب إلا عدت اليه، فلسنا منصرفين حتي نعزلک ونستبدل بک، فإن حال من معک

[صفحه 185]

من قومک وذوي رحمک وأهل الانقطاع إليک دونک بقتال قاتلناهم حتي نخلص إليک فنقتلک، أو تلحق أرواحنا بالله.

فقال عثمان: أما أن أتبرأ من الامارة فان تصلبوني أحب إلي من أن أتبرأ من أمر الله عزوجل وخلافته وأما قولکم: تقاتلون من قاتل دوني. فإني لا آمر أحدا بقتالکم[1] فمن قاتل دوني فانما قتل بغير أمري، ولعمري لو کنت أريد قتالکم لقد کنت کتبت إلي الاجناد[2] فقادوا الجنود وبعثوا الرجال أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو عراق، فالله الله في أنفسکم فابقوا عليها إن لم تبقوا علي: فإنکم مجتلبون بهذا الامر إن قتلتموني دما. قال: ثم انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب وأرسل إلي محمد بن مسلمة فکلمه أن يردهم فقال: والله لا أکذب الله في سنة مرتين. تاريخ الطبري 120:5 و 121.



صفحه 184، 185.





  1. لم يکن معه هناک غير بني أبيه حتي يامر أحدا بالقتال وهم ليسوا هناک وقد تحصنوا يوم قتله بکندوج ام حبيبة کما يأتيک حديثه.
  2. کان يتأهب للقتال، ويستعد بالسلاح، ويکتب إلي الاجناد، ويجلب إلي المدينة الجنود المجندة من الشام، وغيرها، غير انه کان يغفل الناس بکلماته هذه وسنوافيک کتبه.