حديث المهاجرين والانصار











حديث المهاجرين والانصار



1- من کتاب کتبه مولانا أمير المؤمنين إلي معاوية: زعمت أنک إنما أفسد عليک بيعتي خفري بعثمان، ولعمري ما کنت إلا رجلا من المهاجرين أوردت کما أوردوا وأصدرت کما أصدروا، وما کان الله ليجمعهم علي ضلال، ولا ليضربهم بالعمي، وما أمرت فلزمتني خطيئة الامر، ولا قتلت فأخاف علي نفسي قصاص القاتل[1] .

2- روي البلاذري عن المدائني عن عبدالله بن فائد إنه قال: نظر ثابت بن عبدالله بن الزبير إلي أهل الشام فقال: إني لابغضهم. فقال سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان: تبغضهم لانهم قتلوا أباک. قال: صدقت، قتل أبي علوج الشام وجفاته وقتل جدک المهاجرون والانصار. أنساب البلاذري 195:5 و 372.

3- قال ابن قتيبة في الامامة والسياسة 92:1: ذکروا أن أبا هريرة وأباالدرداء قدما علي معاوية من حمص وهو بصفين فوعظاه وقالا: يا معاوية علام تقاتل عليا وهو أحق بهذا الامر منک في الفضل والسابقة، لانه رجل من المهاجرين الاولين السابقين بالاحسان، وأنت طليق وأبوک من الاحزاب، أما والله ما نقول لک أن تکون العراق أحب إلينا من الشام ولکن البقاء أحب إلينا من الفناء، والصلاح أحب إلينا من الفساد فقال: لست أزعم إني أولي بهذا الامر من علي ولکني أقاتله حتي يدفع إلي قتلة عثمان فقالا: إذا دفعهم إليک ماذا يکون قال: أکون رجلا من المسلمين: فأتيا عليا فإن دفع اليکما قتلة عثمان جعلتها شوري. فقدما علي عسکر علي فأتاهما الاشتر فقال يا هذان انه لم ينزلکما الشام حب معاوية، وقد زعمتما انه يطلب قتلة عثمان فعمن أخذتما ذلک؟ فقبلتماه، أعمن قتله فصدقتموهم علي الذنب کما صدقتموهم علي القتل أم عمن نصره فلا شهادة لمن جر إلي نفسه، أم عمن إعتزل؟ إذ علموا ذنب عثمان وقد علموا ما الحکم في قتله، أو عن معاوية؟ وقد زعم أن عليا قتله، إتقيا الله فإنا شهدنا وغبتما، ونحن الحکام علي من غاب. فانصرفا ذلک اليوم.

[صفحه 158]

فلما أصبحا أتيا عليا فقالا له: إن لک فضلا لايدفع، وقد سرت مسير فتي إلي سفيه من السفهاء، ومعاوية يسألک أن تدفع إليه قتلة عثمان فإن فعلت ثم قاتلک کنا معک قال علي: أتعرفانهم قالا. نعم. قال: فخذاهم فأتيا محمد بن أبي بکر وعمار بن ياسر والاشتر فقالا: أنتم من قتلة عثمان وقد أمرنا بأخذکم. فخرج إليهما أکثر من عشرة آلاف رجل فقالوا: نحن قتلنا عثمان. فقالا: نري أمرا شديدا أليس عليا الرجل.

فانصرف أبوهريرة وأبوالدرداء إلي منزلهما بحمص فلما قدما حمص لقيهما عبدالرحمن ابن عثمان وسأل عن مسيرهما فقصا عليه القصة فقال: العجب منکما إنکما من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم، أما والله لئن کففتما أيديکما ما کففتما ألسنتکما، أتأتيان عليا و تطلبان إليه قتلة عثمان؟ وقد علمتما أن المهاجرين والانصار لوحرموا دم عثمان نصروه، وبايعوا عليا علي قتلته، فهل فعلوا وأعجب من ذلک رغبتکما عما صنعوا، و قولکما لعلي: إجعلها شوري واخلعها من عنقک، وإنکما لتعلمان أن من رضي بعلي خير ممن کرهه، وإن من بايعه خير ممن لم يبايعه، ثم صرتما رسولي رجل من الطلقاء لا تحل له الخلافة. ففشي قوله وقولهما فهم معاوية بقتله، ثم راقب فيه عشيرته.

وفي لفظ ابن مزاحم في کتاب صفين ص 213، خرج أبوامامة الباهلي وأبو الدرداء فدخلا علي معاوية وکانا معه فقالا: يا معاوية! علام تقاتل هذا الرجل فوالله لهو أقدم منک سلما، وأحق بهذا الامر منک، وأقرب من النبي صلي الله عليه واله وسلم، فعلام تقاتله فقال: أقاتله علي دم عثمان، وانه آوي قتلته فقولوا له: فليقدنا من قتلته فأنا أول من بايعه من أهل الشام، فانطلقوا إلي علي فأخبروه بقول معاوية فقال: هم الذين ترون فخرج عشرون ألفا أو أکثر مسربلين في الحديد لا يري منهم إلا الحدق فقالوا: کلنا قتله فإن شاءوا فليروموا ذلک منا

4- مر في صفحة 139 من حديث أبي الطفيل قول معاوية له: أکنت ممن قتل عثمان أمير المؤمنين قال: لا، ولکن ممن شهده فلم ينصره، قال: ولم؟ قال: لم ينصره المهاجرون والانصار. الحديث فراجع.

5- قال شعبة: ما رأيت رجلا أوقع في رجال أهل المدينة من القاضي أبي إسحاق سعد «بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف المدني الزهري المتوفي سنة 125» ما کنت

[صفحه 159]

أرفع له رجلا منهم إلا کذبه فقلت له في ذلک فقال: إن أهل المدينة قتلوا عثمان. تاريخ ابن عساکر 83:6.

6- ذکر ابن عساکر في تاريخه 319:7 قال: کان أبومسلم الخولاني التابعي في المدينة فسمع مکفوفا يقول: أللهم العن عثمان وما ولد. فقال: يا مکفوف! ألعثمان تقول هذا يا أهل المدينة کنتم بين قاتل وخاذل فکلا جزي الله شرا، يا أهل المدينة لانتم شر من ثمود، إن ثمود قتلوا ناقة الله وأنتم قتلتم خليفة الله، وخليفة الله أکرم عليه من ناقته.

قال الاميني: غايتنا الوحيدة في نقل هذا الحديث ايقاف الباحث علي موقف الصحابة من أهل المدينة وانهم کانوا بين قاتل وخاذل، وأما رأي أبي مسلم الخولاني فيهم فتعرف جوابه من قول الاشتر قبيل هذا.

7- قال الواقدي في إسناده: لما کانت سنة أربع وثلاثين کتب بعض أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي بعض يتشاکون سيرة عثمان وتغييره وتبديله، وما الناس فيه من عماله ويکثرون عليه ويسأل بعضهم أن يقدموا المدينة إن کانوا يريدون الجهاد، ولم يکن أحد من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يدفع عن عثمان ولاينکر ما يقال فيه إلا زيد ابن ثابت، وأبوأسيد الساعدي، وکعب بن مالک، وحسان بن ثابت الانصاري، فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلي علي فسألوه أن يکلم عثمان ويعظه؟ فأتاه فقال له إن الناس ورائي قد کلموني في أمرک، ووالله ما أدري ما أقول لک، ما اعرفک شيئا تجهله، ولا أدلک علي أمر لاتعرفه، وإنک لتعلم ما نعلم، وما سبقناک إلي شئ فنخبرک عنه، لقد صحبت رسول الله صلي الله عليه وسلم وسمعت ورأيت مثل ما سمعنا ورأينا، وما ابن أبي قحافة وابن الخطاب بأولي بالحق منک، ولانت أقرب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم رحما، ولقد نلت من صهره ما لم ينالا، فالله الله في نفسک، فإنک لا تبصر من عمي، ولا تعلم من جهل، فقال له عثمان: والله لو کنت مکاني ما عنفتک ولا أسلمتک ولا عتبت عليک إن وصلت رحما[2] وسددت خلة، وآويت ضائعا، ووليت من کان عمر يوليه، نشدتک الله ألم

[صفحه 160]

يول عمر المغيرة بن شعبة؟ وليس هناک. قال: نعم. قال: فلم تلومني إن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته؟ قال علي: سأخبرک أن عمر بن الخطاب کان کل من ولي فانما يطأ علي صماخه، إن بلغه عنه حرف جلبه، ثم بلغ به أقصي الغاية، وأنت لا تفعل، ضعفت ورفقت علي أقربائک، قال عثمان: هم أقر باؤک ايضا. فقال علي: لعمري إن رحمهم مني لقريبة ولکن الفضل في غيرهم. قال: أو لم يول عمر معاوية فقال علي: إن معاوية کان أشد خوفا وطاعة لعمر من يرفاء وهو الآن يبتز الامور دونک وأنت تعلمها ويقول للناس: هذا أمر عثمان. ويبلغک فلا تغير علي معاوية.

راجع الانساب للبلاذري 60:5، تاريخ الطبري 97:5، الکامل لابن الاثير 63:3، تاريخ ابي الفداج 168:1، تاريخ ابن خلدون 391:2.

8- أخرج ابن سعد في طبقاته 47:3 ط ليدن عن مجاهد قال: أشرف عثمان علي الذين حاصروه فقال: يا قوم لا تقتلوني فاني وال وأخ مسلم- إلي أن قال-: فلما أتوه قال: أللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا، قال مجاهد: فقتل الله منهم من قتل في الفتنة، وبعث يزيد إلي المدينة عشرين ألفا فأباحوا المدينة ثلاثا يصنعون ماشاءوا لمداهنتهم.

وقال حسان بن ثابت فيمن تخلف عن عثمان وخذله عن الانصار وغيرهم وأعانه علي قتله من أبيات له:


خذلته الانصار إذ حضر المو
ت وکانت ولاته الانصار


من عذيري من الزبير ومن طلحة
إذ جاء أمر له مقدار[3] .


فتولي محمد بن أبي بکر
عيانا وخلفه عمار


وعلي في بيته يسأل النا
س ابتداء وعنده الاخبار


باسطا للذي يريد يديه
وعليه سکينة ووقار[4] .


وقال حميد بن ثور أبوالمثني الهلالي في قتل عثمان کما في تاريخ ابن عساکر 458: 4.

[صفحه 161]

إن الخلافة لما أظعنت ظعنت
من أهل يثرب إذ غير الهدي سلکوا


صارت إلي أهلها منهم ووارثها
لمارأي الله في عثمان ما انتهکوا


السافکي دمه ظلما ومعصية
أي دم لاهدوا من غيهم سفکوا


والهاتکي ستر ذي حق ومحرمة
فأي شر علي أشياعهم هتکوا


والخيل عابسة نضج الدماء بها
تنعي ابن أروي علي أبطالها الشکک


من کل أبيض هندي وسابغة
تغشي البنان لها من نسجها حبک


قد نال جلهم حصر بمحصرة
ونال فتاکهم فتک بما فتکوا


قرت بذاک عيون واشتفين به
وقد تقر بعين الثائر الدرک



صفحه 158، 159، 160، 161.





  1. الامامة والسياسة 87:1، العقد الفريد 284:2، الکامل للمبرد 157:1، شرح ابن أبي الحديد 252:1.
  2. انظر إلي الرجل يحسب کلمته هذه تبرر اعماله الشاذة عن الکتاب والسنة وتجعل اعطياته لابناء امية من الغنائم والصدقات صلة للرحم، ودفعه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة إلي رجال الفتن والثورات المدلهمة سدا للخلة، ورد الحکم وابناؤه مطرودي النبي الاعظم إلي المدينة ايواء للضايع، دع هو وحسبانه، لکن العجب کل العجب انه يروم افحام مثل اميرالمؤمنين عليه السلام بهذه الخزعبلات.
  3. في العقد الفريد: من عذيري من الزبير ومن طلحة هاجا أمرا له اعصار
  4. مروج الذهب 442:1، العقد الفريد 267:2.