الانسان علي نفسه بصيرة
کيف يخاف عثمان أن يکون هو ذلک الرجل وقد اشتري الجنة من النبي صلي الله عليه وآله مرتين بيع الحق: حيث حفر بير رومة، وحيث جهزجيش العسرة[1] . کيف يخاف عثمان وقد عهد إليه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بأنه يقتل ويبعث يوم القيامة [صفحه 154] أميرا علي کل مخذول، يغبطه أهل المشرق والمغرب، ويشفع في عدد ربيعة ومضر[2] . کيف يخاف عثمان وقدسمع وصية رسول الله صلي الله عليه وآله إلي أمته به بقوله: عليکم بالامير وأصحابه. وأشارالي عثمان. کيف يخاف وقد أخبر صلي الله عليه واله وسلم عن شأنه في الجنة لماسئل: أفي الجنة برق؟ فقال: نعم والذي نفسي بيده إن عثمان ليتحول من منزل إلي منزل فتبرق له الجنة؟[3] . کيف يخاف عثمان وقد قال صلي الله عليه واله وسلم بمشهد منه ومسمع: ليس من نبي إلاوله رفيق من أمته معه في الجنة وإن عثمان رفيقي ومعي في الجنة[4] . کيف يخاف عثمان وقد قال له صلي الله عليه واله وسلم معتنقا إياه: أنت وليي في الدنيا والآخرة. أو قال: هذا جليسي في الدنيا ووليي في الآخرة؟[5] . کيف يخاف عثمان بعد ماجاء عن جابران النبي صلي الله عليه واله وسلم ما صعد المنبر فنزل حتي قال: عثمان في الجنة[6] . نعم: للباحث أن يجيب بأن هذه کلها أباطيل وأکاذيب لا يصح شئ منها فماذنب عثمان؟ وکيف لايخاف والانسان علي نفسه بصيرة ولو ألقي معاذيره؟.
تعطينا هذه الرواية أن ثقة عثمان بانطباق ما ذکره عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في الرجل الملحد بمکة علي نفسه من جراء ما علم أنه مرتکبه من الاعمال أشد وأکثر من ثقته يايمانه بما رووه له من البشارة بالجنة في العشرة المبشرة إلي فضايل أخري صنعتها له أيدي الولاء والمحبة، علي أن هذه کلها نصوص فيه، وأما ما خشي إنطباقه عليه فهو وارد في رجل مجهول إستقرب الخليفة أن يکونه هو، فامتنع عن الانفلات إلي مکة وآثر عليه بقاءه في الحصار حتي اودي به، ولم يکن يعلم أنه يقتل بمکة لو خرج اليها، وعلي فرض قتله بها فمن ذا الذي أخبره انه يکون هو ذلک الرجل؟
صفحه 154.