حديث ابن عباس حبر الامة











حديث ابن عباس حبر الامة



ابن عم النبي الاعظم صلي الله عليه وآله

1- أخرج أبوعمرفي «الاستيعاب» في ترجمة مولانا أميرالمؤمنين علي صلوات الله علي د من طريق طارق قال: جاء ناس إلي ابن عباس فقالوا: جئناک نسألک فقال: سلوا عما شئتم فقالوا: أي رجل کان أبوبکر؟ فقال: کان خيرا کله. أو قال: کالخير کله علي حدة کانت فيه. قالوا: فأي رجل کان عمر؟ قال: کان کالطائر الحذر الذي يظن أن له في کل طريق شرکا. قالوا: فأي رجل کان عثمان؟ قال: رجل ألهته نومته عن يقظته. قال: فأي رجل کان علي؟ قال: کان قد ملئ جوفه حکما وعلما وبأسا و نجدة مع قرابته من رسول الله صلي الله عليه وسلم وکان يظن أن لا يمد يده إلي شئ إلا ناله، فما مد يده إلي شئ فناله.

[صفحه 134]

2- من کتاب لمعاوية إلي ابن عباس: لعمري لو قتلتک بعثمان رجوت أن يکون ذلک لله رضا وأن يکون رأيا صوابا، فإنک من الساعين عليه، والخاذلين له، و السافکين دمه، وما جري بيني وبينک صلح فيمنعک مني ولا بيدک أمان[1] .

فکتب إليه ابن عباس جوابا طويلا يقول فيه: وأما قولک «إني من الساعين علي عثمان والخاذلين له، والسافکين له، وما جري بيني وبينک صلح فيمنعک مني» فاقسم بالله لانت المتربص بقتله، والمحب لهلاکه، والحابس الناس قبلک عنه علي بصيرة من أمره، ولقد أتاک کتابه وصريخه يستغيث بک ويستصرخ فما حفلت به حتي بعثت إليه معذرا باجرة أنت تعلم انهم لن يترکوه حتي يقتل، فقتل کما کنت أردت ثم علمت عند ذلک أن الناس لن يعدلوا بينناو بينک فطفقت تنعي عثمان وتلزمنا دمه، وتقول قتل مظلوما، فإن يک قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمين، ثم لم تزل مصوبا و مصعدا وجاثما ورابضا تستغوي الجهال وتنازعنا حقنا بالسفهاء حتي أدرکت ما طلبت وإن أدري لعله فتنة لکم ومتاع إلي حين.

قال الاميني: إن حبر الامة وإن لم يکن له أي تدخل في واقعة الدار، وکان أمير الحاج في سنته تلک، لکنک تراه لا يشذ عن الصحابة في الرأي حول الخليفة، ولا يقيم له وزنا، ولا يري له مکانة، ومن أجل ذلک أعطي المقام حقه في جواب السائل عن الخلفاء، غير انه لم يصف عثمان إلا بما ينبأ عن عدم کفائته برقدته الطويلة الغاشية علي يقظته، وسباته العميق الساتر لانتباهته، ومن جراء ذلک الاعتقاد تجده لم يهتم بشئ من أمره لماجاءه نافع بن طريف بکتاب[2] من الخليفة يستنجد الحجيج و يستغيث بهم، علي حين انه محصور، فقرأه نافع علي الناس بينما کان ابن عباس يخطب فلما نجزت قراءته أتم خطبته من حيث أفضت اليه، ولم يلو إلي أمر عثمان وحصاره، ولم ينبس في أمره ببنت شفة، وکان في وسعه أن يستثيرهم لنصرته، وهل ذلک کله لسوء رأي منه في الخليفة؟ أو لعدم الاهتمام في أمره أو لحسن ظنه بالثائرين عليه إخترما شئت، ولعلک تختار تحقق الجميع لدي ابن عباس، وکأن عائشة شعرت منه

[صفحه 135]

ذلک فقالت يوم مر بها ابن عباس في منزل من منازل الحج: يا ابن عباس إن الله قد اتاک عقلا وفهما وبيانا فإياک أن ترد الناس عن هذا الطاغية.[3] .

ومن جراء رأيه الذايع الشايع کان يحذر معاوية ويخاف بطشه، ولما قال له أمير المؤمنين عليه السلام: إذهب أنت إلي الشام فقد وليتکها. قال: إني أخشي من معاوية أن يقتلني بعثمان، أو يحبسني لقرابتي منک، ولکن اکتب معي إلي معاوية فمنه وعده. الحديث[4] .

وفي أثر ذلک الرأي کان يسکت عن لعن قتلة عثمان ولما کتب اليه معاوية: أن اخرج إلي المسجد والعن قتله عثمان. أجاب بقوله: لعثمان ولد وخاصة وقرابة هم أحق بلعنهم مني، فإن شاءوا أن يلعنوا، وإن شاءوا أن يمسکوا فليمسکوا[5] .



صفحه 134، 135.





  1. شرح ابن ابي الحديد 58:4. قال: کتبه اليه عند صلح الحسن عليه السلام يدعوه إلي بيعته
  2. يأتي تفصيله في هذا الجزء عند ذکر کتب عثمان ان شاءالله.
  3. راجع ما مر في هذا الجزء من حديث عائشة.
  4. تاريخ ابن کثير 228:7، الکامل لابن الاثير 83:3.
  5. الامامة والسياسة قتيبة 148:1.