حديث محمد بن مسلمة الانصاري











حديث محمد بن مسلمة الانصاري



أخرج الطبري من طريق محمد بن مسلمة قال: خرجت في نفر من قومي إلي المصريين وکان رؤساء هم أربعة: عبدالرحمن بن عديس البلوي، وسودان بن حمران المرادي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وابن النباع[1] قال: فدخلت عليهم وهم في خباء لهم أربعتهم ورأيت الناس لهم تبعا، قال: فعظمت حق عثمان، وما في رقابهم من البيعة، وخوفتهم بالفتنة، وأعلمتهم أن في قتله اختلافا وأمرا عظيما، فلا تکونوا أول من فتحه وانه ينزع عن هذه الخصال التي نقمتم منها عليه وأنا ضامن لذلک. قال القوم: فإن لم ينزع قال: قلت فأمرکم إليکم. قال: فانصرف القوم وهم راضون فرجعت إلي عثمان فقلت: اخلني. فأخلاني فقلت: الله الله يا عثمان في نفسک، إن هؤلاء القوم إنما قدموا يريدون دمک وأنت تري خذلان أصحابک لک، لا، بل هم يقوون عدوک عليک، قال: فأعطاني الرضا وجزاني خيرا قال: ثم خرجت من عنده فأقمت ماشاءالله أن اقيم، قال: وقد تکلم عثمان برجوع المصريين وذکرأنهم جاءوا لامر فبلغهم غيره فانصرفوا. فأردت أن آتيه فاعنفه ثم سکت فإذا قائل يقول: قدقدم المصريون وهم بالسويداء[2] قال: قلت: أحق ما تقول؟ قال: نعم، قال: فأرسل إلي عثمان، قال: وإذا الخبر قد جاءه و قد نزل القوم من ساعتهم ذا خشب[3] فقال: يا أبا عبدالرحمن هؤلاء القوم قدرجعوا فما الرأي فيهم؟ قال قلت: والله ما أدري إلا إني أظن أنهم لم يرجعوا لخير قال: فارجع إليهم فارددهم قال: قلت: لا والله ما أنا بفاعل، قال: ولم؟ قال: لاني ضمنت لهم امورا تنزع عنها، فلم تنزع عن حرف منها قال: فقال: الله المستعان قال: وخرجت

[صفحه 133]

وقدم القوم وحلوا بالاسواف وحصروا عثمان وجاءني عبدالرحمن ابن عديس ومعه سودان بن حمران وصاحباه فقالوا: يا أبا عبدالرحمن ألم تعلم أنک کلمتنا ورددتنا وزعمت ان صاحبنا نازع عما نکره؟ فقلت: بلي، فإذا هم يخرجون إلي صحيفة صغيرة وإذا قصبة من رصاص فإذاهم يقولون: وجدنا جملا من إبل الصدقة عليه غلام عثمان فأخذنا متاعه ففتشناه فوجدنا فيه هذا الکتاب. الحديث يأتي بتمامه.

تاريخ الطبري 118:5، الکامل لابن الاثير 70:3.

قال الاميني: إنک تجد محمد بن مسلمة هاهنا لايشک في أن ما نقمه القوم علي الخليفة موبقات يستحل بهاهتک الحرمات ممن ارتکبها، لکنه کره المناجزة وحاول الاصلاح حذار الفتنة المستتبعة لطامات وهنابث، وسعي سعيه في رد القوم بضمانه عسي أن ينزع الخليفة عما فرط في جنب الله، وأن يکون ذلک توبة نصوحا، فلعل الفورة تهدأ، ولهيب الثورة يخبأ، لکنه لما شاهد الفشل في مسعاه، وأخفق ظنه بعثمان، و رأي منه حنث الال، وعدم النزوع عن أحداثه، ترکه والقوم، فارتکبوا منه ما ارتکبوا ولم يجبه حينما استنصره، ولم يقم لطلبته وزنا، ولم ير له حرمة يدافع بها عنه، و لذلک خاشنه في القول، فکان ما کان مقضيا.



صفحه 133.





  1. کذا في تاريخ الطبري وفيما حکي عنه والصحيح: ابن البياع وهو عروة بن شييم الليثي.
  2. السويداء: موضع علي ليلتين من المدينة علي طريق الشام.
  3. واد علي مسيرة ليلة من المدينة.